قصص من علاقة الشعبي بالصحافة

16 يونيو 2017 - 11:44

بالموازاة مع المشاكل التي عانى منها الشعبي بسبب مضايقات السلطة، ورفضه علانية تفويت أراضي الدولة بأثمنة بخسة لشركة الضحى، كان الراحل ينسج علاقات جيدة مع الصحافة الجادة والتي عانت هي الأخرى من التسلط. هناك العديد من القصص التي ربطت الشعبي بالصحافيين نذكر منها ثلاث قصص على الخصوص، أولها، علاقته بمجلة لوجورنال، حيث يتذكر علي عمار، رئيس التحرير السابق للمجلة التي توقفت بعدما تعرضت لكثير من المضايقات، أن الشعبي كان من المستشهرين القلائل الذين لم يقطعوا عن المجلة الإشهار، وأنه بقي يقدم لها الإشهار حتى في الفترات التي عاشت فيها المجلة مضايقات كثيرة بسبب خطها التحريري. أكثر من هذا يتذكر عمار عندما تم منع كتابه “سوء الفهم الكبير” من التوزيع في المغرب سنة 2009، كيف أنه تلقى اتصالا من ميلود الشعبي، وأرسل له ابنه عمر، ليبلغه أن والده مستعد لاقتناء عدد من نسخ الكتاب، وعرضها للبيع في “أسواق السلام”. فكرة الكتاب كانت تدور حول تقييم حكم الملك محمد السادس، وعلاقة السلطة بصحيفة لوجورنال، لكن عمار أبلغ الشعبي بأن الكتاب ممنوع من دخول المغرب أصلا.

القصة الثانية رواها الصحافي سمير شوقي بعد وفاة الراحل، تظهر تضامن الشعبي مع جريدة “المساء”، عندما صدر ضدها حكم بأداء 600 مليون لفائدة وكلاء الملك في القصر الكبير.

في يوم 28 أكتوبر 2008 على الساعة العاشرة صباحا، قاضي المحكمة الابتدائية بعين السبع يحكم على يومية المساء بـ 600 مليون، وبحجز حساباتها البنكية “في قضية كان القصد منها كسر شوكة أول جريدة مغربية كانت تبيع آنذاك 120 ألف نسخة يوميا”، دقائق بعد ذلك، يقول شوقي “تلقيت مكالمة الحاج الذي كان يريد تأكيدا للخبر.. وبعد التأكيد قال بالحرف.. أنا سأساهم في أداء 25%، أي 150 مليونا”. قلت له، ما ذنبك أنت “يحلها مولانا”، لكنه كان مصرا قائلا: “الله ينجي هاد البلاد من المتحكمين”. يقول شوقي “طلبت مهلة للتفكير وعرضت الأمر على نيني وبوعشرين واتفقنا نحن الثلاثة على أن تكون الـ 150 مليونا سلفة نتدبر بها أمرنا مؤقتا خاصة في تأدية الأجور”. حسب المسؤولين في “المساء”، كان ذلك “دعما لا ثمن له ولا يوازيه سوى وقفة المحامي المصطفى الرميد معنا”. وبعد أقل من سنة يقول شوقي إنه وقع شيكا بنفس المبلغ للحاج الشعبي ليسترد سلفته “ومعها ألف شكر وتقدير”.

أما القصة الثالثة، فرواها الصحافي علي أنوزلا، المدير السابق ليومية “الجريدة الأولى” المتوقفة، الذي روى في مقال له بعد وفاة الراحل شهادة، كشف فيها كيف قدم له الشعبي عرضا عام 2010 للعمل معه في مشروع إعلامي، يقول أنوزلا، إنه لم يكن على معرفة مسبقة بالشعبي، عندما تلقى اتصالا منه، “كان الهدف من ذلك الاتصال دعوته لي للقائه، وعندما توجهت إلى فيلته في زنقة الأميرات بحي السويسي في الرباط، وجدته ينتظرني في الموعد المحدد، وبدون مقدمات اقترح علي أن أرأس تحرير أسبوعية “الأسبوع الصحفي”.

وفي تفاصيل عرضه، قال إن صديقه مصطفى العلوي، مدير نشر الأسبوعية، سيبقى مديرا مسؤولا عنها، بينما يتولى أنوزلا رئاسة التحرير. وبالمقابل سيقوم الشعبي بخلق شركة مستقلة لإدارة الأسبوعية تساهم فيها ست شركات من الهولدينغ الذي كان يرأسه بنسبة 60 في المائة من رأسمالها، بينما سيقسم ما تبقي من الرأسمال، أي 40 في المائة، بالتساوي ما بين مدير النشر ورئيس التحرير. وعند انطلاق الشركة برأسمال مليون درهم، ستوقع الشركات الست المساهمة فيها عقودا بالإشهار لصالحها لمدة سنتين بمبلغ مليوني درهم.

عندما انتهى الشعبي من عرضه، كان سؤال أنوزلا الوحيد له هو: لماذا اختارني لرئاسة التحرير رغم أنه لم تكن بيننا سابق معرفة؟ يقول أنوزلا أجابني بدون تردد وبلغته الدارجة: “نعم، لقد سألت عنك، وقيل لي إن الملك لا يحبك، وأنا أحترم من لا يحبهم الملك فأنا أيضا لا يحبني الملك”، وأطلق “ضحكة مجلجلة جعلت مشاعري تهتز خجلا من نفسي وتقديرا لشجاعة الرجل”.

يقول أنوزلا إنه اعتذر بلباقة عن العرض الذي قدمه له قائلا: “إن ما هو أهم من العرض الذي قدمه لي هو أني عرفت بأن هناك رجالا أغنياء وشجعان في المغرب، يؤمنون بأن من حق أي مواطن أن يكون له رأي مستقل، وليس دائما وبالضرورة معارضا، وإنما رأي حر ومستقل”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي