أتفق مع عباس الجراري.. ولكن!

05 يوليو 2017 - 11:13

قال الأستاذ عباس الجيراري، في حوار مع جريدة « الصباح »، إن تصرف الأحزاب والحكومة والمؤسسات بإسناد كل شيء إلى الملك، بحق أو باطل يضعه في موقف حرج، مؤكدا أنه « ليس سهلا أن يغامر الملك في ملف شائك مثل هذا، لا يمكن توقع ردود الأفعال فيه »، مضيفا في الحوار ذاته: « لقد وصلنا إلى طريق يكاد يكون مسدودا، بعد أن فشلت المؤسسات المنوط بها حل المشكل في تدبير الأزمة والوصول بها إلى بر الأمان ».
وأضاف المستشار الملكي أنه: « يتمنى أن تتغلب الحكمة في الأخير، لأن المغرب يبدو وكأنه فقد حكماءه بعد أن ركن مثقفوه إلى الصمت أو انسحبوا، فيما اختار البعض الآخر التفرج بسخرية واستهزاء مما يجري »…
المستشار الملكي ملزم بواجب التحفظ، ولا يمكن تصور هذه « الخرجة » الإعلامية إلا بإذن صريح وواضح، خصوصا في ظرفية بالغة الحساسية بعدما تعقدت أزمة الريف ومست تداعياتها بصورة المغرب في الداخل والخارج.
وأنا أتفق مع الرأي الذي يؤمن بضرورة تحمل المؤسسات السياسية من حكومة وبرلمان وجماعات ترابية لمسؤولياتها التدبيرية والتنفيذية، مع ضرورة النأي بالمؤسسة الملكية عن الحضور المباشر في جميع القضايا التي تجعلها في احتكاك مباشر مع القضايا والمشاريع وتضعها في مواقف حرجة أمام الرأي العام، ليس فقط في لحظة الأزمات، ولكن في جميع القضايا التي تستدعي المساءلة والمراقبة..
ما عبر عنه الأستاذ عباس الجراري من آراء، يثير الإشكاليات العميقة التي تعوق تطوير نظامنا السياسي، وهو ما يستدعي طرح التساؤلات بشكل موضوعي: لماذا فشلت الأحزاب السياسية والمؤسسات الوسيطة في القيام بأدوارها التمثيلية، وفِي تدبير مثل هذه الأزمات/الاحتجاجات التي ليس من المتوقع أن تنخفض وتيرتها، خصوصا مع تزايد الحاجة إلى التعبير عن المطالب في الشارع بعد عجز المؤسسات الوسيطة عن استيعابها؟
ما السر وراء عدم اعتراف شباب الحراك بالمؤسسات التمثيلية؟ ولماذا عدم الرضا عن أداء الأحزاب السياسية؟ ولماذا هذا الإصرار على التعلق بأعلى قمة هرم الدولة (المؤسسة الملكية) كملاذ وحيد للاستجابة للمطالب؟
ألا يعبر ذلك عن محاكمة صريحة لديمقراطية الواجهة، ولسياسة التحكم في الأحزاب السياسية، وإفراغ آليات الوساطة من مشروعيتها الشعبية ومصداقيتها السياسية؟
ألا نجني اليوم، نتائج الوجه الآخر لمأزق الملكية التنفيذية التي تحتاج من محبي الملكية إلى نقاش هادئ، وإلى إطلاق جيل جديد من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية لرفع الإحراج عن المؤسسة الملكية والنأي بها عن كل مغامرة؟
في الحقيقة، لا يمكن للحكومة ولا للأحزاب السياسية ولا للمؤسسات التمثيلية أن تحظى بالمصداقية اللازمة التي تمكنها من حل الأزمات السياسية، إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يعترف للأحزاب بالمكانة التي تستحقها، ويعترف بالصوت الانتخابي للمواطن كمعبر عن إرادته الحرة، ولا ينقلب على الإرادة الشعبية عند أول امتحان..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي