محمادي.. قصة مغربي عاد إلى بلده بعد نفيه 23 سنة

14 أغسطس 2017 - 19:40

صبيحة أول أمس، السبت، عاد إلى المغرب، محمادي إشلاح،  أحد الأسماء التي وردت في تحقيقات أحداث أطلس أسني سنة 1994، والذي كان مقيما بفرنسا قبل أن يتم نفيه إلى بوركينافاصو التي عاش فيها 23 عاما. إشلاح استفاد من تقادم قضيته، ومن عدم وجود متابعة في حقه، وأصبح بإمكانه بعد أكثر من عقدين من الغياب عن المغرب أن يزور أهله ويقيم بينهم. ارتبط اسم إشلاح، أيضا، في التحقيقات بالشبيبة الإسلامية، لكن من عرفوه يقولون إنه لم تكن له علاقة تنظيمية بها، وإن كانت له علاقات شخصية مع بعض قادتها بفرنسا.

في مطار محمد الخامس كان في استقباله مسؤولون من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأولاد الحبيب، القيادي السابق في الشبيبة الذي عاد إلى المغرب، ورئيس جمعية النصير عبدالرحيم مهتاد، فضلا عن عدد كبير من أفراد عائلته الذين قدم عدد منهم من فرنسا لرؤيته.

من طائرته التي حملته من بوركينافاصو، إلى مطار الدار البيضاء، تم نقله إلى المقر الجديد للفرقة الوطنية، للتحقيق معه، قبل الإفراج عنه، وهو إجراء روتيني قبل أن يعانق عائلته، ومقربيه. هذا العائد الجديد، يبلغ من العمر حوالي 76 عاما. لحيته البيضاء، تخفي وراءها قصصا مثيرة وهو الذي أجبر على العيش في بوركينافاصو لعدة سنوات.

كان إشلاح، من مغاربة الريف الذين هاجروا مبكرا إلى فرنسا. عاش هناك لسنوات مع زوجته وأبنائه الثمانية، وكانت له مشاريع، لكن حياته ستنقلب رأسا على عقب عندما تزوجت إحدى بناته، بعبدالإله زياد، وهو مغربي اتهم بأنه أحد مخططي اعتداء أطلس أسني بمراكش سنة 1994. كان زياد، شابا ينحدر من الدار البيضاء، يقيم بفرنسا بطريقة سرية، وتقدم للزواج من بنت إشلاح ما سهل له الحصول على وثائق الإقامة.

يقول أولاد الحبيب، القيادي السابق في الشبيبة، الذي عرف عن قرب إشلاح، « لم يكن يعرف شيئا عن صهره، ولا يعرف ما هو شغله قبل أن يزوجه ابنته بعدما تعرف عليه في المسجد ». بعد الأحداث اعتقلت السلطات الفرنسية زياد رفقة مغربي آخر يُدعى محمد زين الدين، ينحدر من نواحي بجعد، وكلاهما كانا ينتميان إلى الشبيبة الإسلامية، وخططا للعملية التي أودت بحياة عدد من الساح الأجانب في فندق أطلس أسني بمراكش، وهي العملية التي نفذت بتعليمات من عبدالكريم مطيع، زعيم الشبيبة المقيم حاليا في لندن. أولاد الحبيب، كان أحد قيادات الشبيبة بفرنسا، لكنه قطع صلته بمطيع، وبادر إلى فتح قنوات مع السلطات المغربية للعودة إلى المغرب والاستفادة من تقادم المتابعة في حقه، وهكذا تمكن قبل أربع سنوات، من العودة بوساطة من وزير العدل حينها مصطفى الرميد والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتمكن من السفر بحرية بين المغرب وفرنسا التي يحمل جنسيتها. بعد نجاح عودته، قرر التوسط لعودة آخرين، منهم إشلاح.

يروي أولاد الحبيب لـ »أخبار اليوم »، أنه شخصيا عندما كان بفرنسا تعرض لضغوط من مطيع لكي يقوم بعمل مسلح في المغرب، لكنه رفض، « بعد اندلاع أحدث الجزائر بدأ مطيع يضغط علينا لتنفيذ عمل بالمغرب فقلت لمجموعة من شباب الشبيبة، إن مطيع يريد دفعكم للهاوية، وتساءلت لماذا لا يكلف أحد أبنائه بهذه المهمة ». في تلك الفترة اتهم مطيع أولاد الحبيب بالعمالة للمخابرات الفرنسية، وهي طريقة يعتمدها ضد من يعارضه، فيما تم تنفيذ عملية أطلس أسني بمشاركة شباب مغاربة وجزائريين. بعد الحادث وجد محمادي إشلاح، نفسه في دائرة الاتهام، بحكم مصاهرته مع أحد المخططين. وزير الداخلية الفرنسي حينها شارل باسكوا، اتخذ قرارا إداريا مثيرا للجدل لإبعاده من فرنسا نحو بوركينافاصو. هكذا بدون محاكمة. كان إشلاح ضمن مجموعة من الجزائريين المطرودين، يصل عددهم إلى  نحو 20 شخصا رحلوا إلى بوركينافاصو. في ما بقيت أسرته بفرنسا، وعاش هو بعيدا لمدة 23 عاما. زارته زوجته، لكنها لم تستطع تحمل العيش معه في هذا البلد الافريقي وترك أبنائها بفرنسا، فتزوج من مواطنة موريتانية، وعاش معها هناك.

يقول أولاد الحبيب، إن محمادي إشلاح، اندمج في المجتمع البوركينابي، وبنى المساجد، وحفر الآبار، وساعد السكان المحتاجين، وحصل على الجنسية البوركينابية وربط علاقات مع شخصيات في البلد. عندما اقترح عليه أولاد الحبيب العودة، رفقة 6 آخرين من الشبيبة يقيمون بفرنسا لم يتردد، وهو ما حصل صبيحة أول أمس، السبت، فاتحا صفحة جديدة في حياته.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي