هل يعلن الملك حل البرلمان؟

18 أغسطس 2017 - 18:02

البلد في أزمة، هذا لا نقاش فيه، وجل المواطنين يشعرون بأن مناخ الصيف ثقيل، وأن هناك مخاطر جديدة تلوح في الأفق. حتى الخطاب الملكي، الذي وقف عند التشخيص ولم يقترح حلولا ولم يتبع الكلام بقرار، ترك مزيدا من المخاوف لدى الرأي العام. إليكم بعض عناصر الاضطراب في الجو السياسي بالبلد…

أزمة الريف توشك أن تقفل سنة كاملة، وهذا لم يحدث في المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم. الدولة جربت الحل الأمني والقضائي والدعائي لإخماد الحريق، لكنها فشلت، بل، بالعكس، تسببت قراراتها الخاطئة في تفاقم الوضع، حيث أدت خروقات حقوق الإنسان إلى اتساع الهوة بين السلطة والمتظاهرين. في البلاد حكومة لا يشعر بوجودها أحد، ورغم مرور أربعة أشهر على تنصيبها، فإنها مازالت تعرج، لأنها ولدت خارج المشروعية، وخارج رضا الناس، والعثماني يبدو مثل سائق مسكين يحاول تحريك عربة بعجلات «مفشوشة»، حتى إن بعض الوزراء بدؤوا من الآن في التفكير في القفز من هذه المركبة التي لن تصل إلى وجهتها بكل تأكيد، حتى الحزب، الذي خلقته الدولة ليكون بديلا عن الأحزاب الحقيقية، يعيش أزمة بعدما أقيل رئيسه بطريقة مهينة. حرارة الاحتجاجات تزداد في أكثر من مدينة مهمشة لأن الناس بلا أمل في الغد، والمجتمع بلا تأطير، والأحزاب والنقابات والجمعيات شبه غائبة عن أداء وظائفها، فيما مصالح وزارة الداخلية تعيش في حيرة من أمرها لأن الواقع تغير وعقلية السلطة لم تتغير، لذلك لم يفهم العقل الأمني في الوزارة طبيعة الجيل الجديد من الحركات الاجتماعية… في السبعة أشهر الماضية يقول لنا مكتب الصرف إن البلاد لم تستقبل سوى 16 مليار درهم من الاستثمارات الخارجية، وإن عجز الميزان التجاري قفز إلى 111 مليار درهم، وإن السياحة، على تواضعها، سجلت تراجعا واضحا. دعك من اتساع البطالة، وتدهور الخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية…

عندما أعلن الملك في خطاب العرش سحب ثقته من الأحزاب السياسية، فهذا معناه أنه سحب ثقته من الحكومة والبرلمان، ومن كل المؤسسات التي تضم في عضويتها الأحزاب السياسية، أو التي تختار الأخيرة طاقم إدارتها، وهذا يستوجب حلا دستوريا وسياسيا سريعا وفعالا لإخراج البلاد من أزمتها، لأن نظامنا السياسي والدستوري قائم على شرعيتين؛ الأولى هي شرعية الانتخاب النابعة من اختيار الأمة، والثانية هي شرعية الملكية التي تتمتع بصلاحيات كبيرة في الهندسة المؤسساتية للبلاد، وعندما يقع خلاف أو تناقض أو عجز عن تدبير علاقة الأحزاب بالحكومة والبرلمان، فإن الدستور وضع آليات للخروج من هذه الأزمة، ومنها، والحالة هذه، حل البرلمان وفق ما ينص عليه الدستور في الفصل 51، الذي يقول: «للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير». كيف ذلك؟ يوضح الفصل 96 من الدستور: «للملك، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، أن يحل بظهير المجلسين معا أو أحدهما، ويقع الحل بخطاب يوجهه الملك إلى الأمة»، أما الفصل 97 من الدستور فيحدد زمن إعادة الانتخابات الجديدة، وينص على أن «يتم انتخاب البرلمان الجديد أو المجلس الجديد في ظرف شهرين على الأكثر بعد تاريخ الحل».

هذا هو الحل الأقل كلفة سياسيا من حلين يتم ترويجهما؛ الأول هو إعلان حالة الاستثناء وشروطها الدستورية غير قائمة، علاوة على أنها ستعلق العمل بالدستور وبالمؤسسات، وستدخل البلاد إلى أزمة كبيرة في الداخل والخارج، أما الحل الثاني فهو «جرجرة» البلاد بحكومة ضعيفة وهجينة، ومحاولة التخلص من حزب العدالة والتنمية بإدخال حزب البام تحت جناح الأحرار، وكلاهما ورقتان محروقتان لا تفيدان بشيء.

الأزمة في البلاد سياسية، وقد تفاقمت بعدما جرى الانقلاب على نتائج اقتراع أكتوبر، وإخراج أغلبية مصطنعة ضدا على إرادة الحزب الذي جاء أولا في اقتراع السابع من أكتوبر، وحتى عندما انحنى هذا الحزب للعاصفة مضطرا، فإن قيادته، وتحت ضغط الرأي العام وقاعدة الحزب، سرعان ما وضعت رجلا في الحكومة وأخرى في المعارضة، وأصبحت تلوح بمطلب تعديل الدستور، وضرورة خروج محيط القصر وأصحاب المصالح من القرار العمومي، لذلك، إذا كان هناك من حل فهو إعادة الانتخابات من جديد بإرادة سياسية جديدة، وبقانون جديد، وفِي مناخ جديد، من أجل إنقاذ الحياة السياسية التي أصيبت في مقتل بعد خمسة أشهر من البلوكاج، وخمسة أشهر من قصف الأحزاب، وخمسة أشهر من التلاعب بإرادة الناس، وخمسة أشهر من التخطيط لإقفال القوس الذي فتحه دستور 2011، والنتيجة أمامكم لا تحتاج إلى تأويل أو فك طلاسم.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رضى الله منذ 6 سنوات

أينما يوجد انقلاب على الشرعية والتحكم في رغبة المواطن تجد الكساد والانهيار الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي، هنا لابد من الإسراع بالحل الجدري ويكفي من الحلول الترفيهية والوعود المزيفة كل المؤشرات تدل على انفجار طاقة الصبر للأمة . من فضلكم نريد بلدا أمنا رادا فكل المقومات متوفرةوالخير موجود خاص غير سفارة الكبار يمشي للسجن والمسؤولين يتلقوا الله

الجوهري منذ 6 سنوات

ما الفائدة من حل البرلمان ما دامت نفس الوجوه تعمر الساحة السياسية المطلوب عاجلا هو إطفاء غضب الشمال والإفراج على المعتقلين وعلى المستوى السياسي نتمنى إعادة الإنتخابات للتصالح مع من أدلوا بأصواتهم من أجل التغيير فلقد كنا نسير في الطريق الصحيح إلى أن غير البلوكاج مسار البلاد إلى الأسوء

الجوهري منذ 6 سنوات

أناشد جلالة الملك بمخاطبتنا بالدارجة كما كان يفعل والده أيام الأزمة مع الريف وأن يكون خطابا من القلب للقلب فالخطابات السابقة تتشابه في مصطلحاتها مما يدخل عليها طابع الملل كما نتمنى أن نطوي صفحة الماضي و فتح صفحة جديدة شعارها اليد في اليد من أجل الغد فصراحتا سيدي لقد اتسعت الهوة بين العرش والشعب بسبب الوسطاء بكل أشكالهم ونرجو أن تتكون علاقة مباشرة بين جلالتكم والشعب مبنية على الصراحة والتواضع فالشعب هو العرش والعرش هوالشعب ويكذب عليك من يقول العكس والسلام عليكم

القعقاع منذ 6 سنوات

حاميها حراميها !!

غير معروف منذ 6 سنوات

الكلمة لجلالة الملك و لكن هذا ما يجب القيام به لتجنيب الدولة السكتة القلبية ... يجب إعادة النظر في قوانين الإنتخابات و مؤهلات المنتخبين و إعطاء الأولية لمن هو متشبع بروح المواطنة و المسؤولية.... حكومة وحدة وطنية هي الحل ....يجب ان يعرف كل مسؤول انه سيحاسب و يعاقب ان أردنا النهوض بوطننا الحبيب... لان جلالة الملك لا يمكن ان يكون الإطفائي الذي يخمد نيران من هم دون المسؤولية .....

حمزه منذ 6 سنوات

بوعشرين يقص عليكم افلام هندية

التالي