المعركة الخاسرة للأحزاب

18 سبتمبر 2017 - 11:50

مرة أخرى تأبى نتائج الانتخابات الجزئية إلا أن تعري واقعنا السياسي البئيس، ما يجعل المواطن المغربي يسقط في شرك الإحباط.

بين تطوان وسطات انكشفت الأمور وتأكد ما ذهب إليه المحللون السياسيون عقب واقعة «البلوكاج»، من كون السياسة بالمغرب قد ماتت، وليس في هذا أدنى تبخيس للعمل السياسي، كما يذهب إلى ذلك مسؤولو الأحزاب، والذين عليهم أن يبحثوا عمن يبخس العمل السياسي حقا، دونما حاجة إلى نسبه إلى المبني للمجهول كما يفعلون دوما، في هروب إلى الأمام الذي لم يعد ينطلي على أحد.

أما المواطن وهو المبني للمعلوم، الذي يبدو وقد فهم اللعبة وأرسل إشارات واضحة بذلك في مناسبتين، ها هو قد ترك الجمل بما حمل. إذ إن نسبة المشاركة في جزئيات تطوان يجب أن تخجل كل الطبقة السياسية. فمن أصل 230 ألف مسجل لم ينتقل إلى مكاتب التصويت سوى 14 ألف ناخب، أي بالكاد 6%، وهي أقل نسبة مشاركة في جزئيات مغربية، والتي لا يمكن مقارنتها بالانتخابات العادية حتى لا يخرج لنا البعض بهذا التبرير التقليدي!

المؤشر السلبي الآخر، هو اختيار حوالي ألفي ناخب رموا أوراقا بيضاء في الصندوق، أي 14% من أولئك الذين تكبدوا عناء التنقل إلى مكتب التصويت، وهذه إدانة أخرى واضحة للعملية في شموليتها. أما في سطات، فقد كان إنزال المال بكثافة عنوانا آخر لإفساد العملية الانتخابية واعتبار المواطن مجرد آلة لحصد الأصوات يتم التخلص منها بمجرد استعمالها كمناديل «لكلينكس»! في تحليل النتائج، يبدو أن البام نزل بكل «ثقله» ليفوز بمقعد سطات، بعد أن توالت خسائره إثر إسقاط المجلس الدستوري لعدد من مقاعده، ما جعله ينزل تحت عتبة المائة مقعد برلماني. والرقم هنا دون دلالة، مادام الحزب راهن على الرتبة الأولى قبل سنة، واستعمل من أجل ذلك كل الأساليب، منها استقطاب أعيان ورجال أعمال، والذين ما إن تبينت خيوط الهزيمة حتى انفضوا من حوله وغابوا باستمرار عن جلسات البرلمان ومعارك الحزب الداخلية.

بتطوان، يعتبر استرجاع إدعمار الفوز الأكثر مرارة بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، وذلك لعدة اعتبارات. أولها، تخلي المصباح عن مبادئه عندما أعاد ترشيح منتخب أعلنت المحكمة الدستورية أنه غش في الاستحقاق السابق. ثانيا، تورط بنكيران في هذه العملية وهو يزكي غشاشا، وإن كان قد تفادى في آخر لحظة كارثة اللقاء الانتخابي المفتوح، الذي كان سينشطه بتطوان لدعم مرشح غشاش، ويراهن بالتالي، على مصداقيته. ثالثا، الفوز بحصيلة جد متواضعة رغم انسحاب كل الأحزاب، باستثناء فيدرالية اليسار التي حققت تقدما واضحا، وهو الانسحاب الذي يكرس بؤس السياسة بالمغرب.

الآن، الرهان على 2021 هو رهان خاسر بالنسبة إلى كل الأحزاب إذا لم تُراجع أساليبها، وإذا ما استمرت في احتقار ذكاء المغاربة، وللأسف لا يوجد أي مؤشر لذلك .

فأكبر الأحزاب بالمغرب تتأرجح حالا بين من يعتمد تزكية الغشاشين، ومن يستمر في المساهمة في إفساد العملية الانتخابية، ومن يراهن على  استعمال الأموال، واسقطاب فاسدين متورطين في قضايا اختلاسات، قضاياهم أمام المحاكم، مع أن الحزب يدعي المعقول، والواقع أنه يضحك على العقول!

هكذا يبخسون العمل السياسي ويأتون بعد ذلك ليتباكوا بداعي تعمد جهات، لا يجرؤون على ذكرها، بتبخيس العمل السياسي وضرب استقلالية القرار الحزبي في الصميم.

«شطبو باب داركم» أولا، وبعد ذلك خوضوا معارك الاستقلالية والديمقراطية بكل جرأة. إذاك ستجدون المواطن ذخرا وسندا لكم، لأن الديمقراطية هي المعركة الأسمى للوطن، والتي يخوضها الآن المواطن لوحده… للأسف.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي