بعد دحر شباط.. هل تُعد الدولة لدمج "الاستقلال" في حكومة العثماني؟

11 أكتوبر 2017 - 09:19

على الرغم من عدم استسلامه وصراعه حتى النهاية، ممنيا النفس بولاية ثانية على زعامة حزب « الاستقلال »، استطاع خصومه بقيادة الصحراوي حمدي ولد الرشيد، دحره وإسقاطه من تزعم الحزب، بفارق 620 صوت، مع غريمه نزار بركة، الذي نال تصويت قرابة 80 في المائة من برلمان الحزب.

وهو فارق كبير في عدد الأصوات، بالمقارنة مع فارق التنافس بين عبد الواحد الفاسي وحميد شباط، بالمؤتمر الوطني الـ16 للحزب، في 2012، حيث ظفر شباط بزعامة الحزب بفارق لم يتجاوز 20 صوتا.

إبعاد شباط من زعامة حزب « الاستقلال »، مرتبط بسياق صراعه مع الدولة الذي دشنه عقب نتائج انتخابات رابع شتنبر 2015، وذهب إلى حد مطالبة الدولة بـ »الكف » عن مضايقة جماعة « العدل والإحسان »، ما اعتبروه مثير من المراقبين « استفزازا » لن يمر مرور الكرام في ميزان السلطة.

وظهر ذلك جليا بعد أن اشترط ثلاثي أخنوش –لشكر – ساجد، على رئيس الحكومة المعفى، عبد الإله بنكيران، شرطا واحدا، هو « إبعاد حزب شباط » من المشاركة في الحكومة، وهو ما تبين معه فيما بعد انه « تحفظ كبير » على حميد شباط الشخص، وليس الحزب.

اليوم، وبعد دحر شباط وإبعاده عن زعامة الحزب، وتعويضه بنزار بركة، رجل الدولة ورئيس « المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي » (مؤسسة دستورية)، يتساءل مراقبون عما إن كانت الدولة تُعد لإدماج حزب نزار بركة، في حكومة العثماني في أول فرصة تعديل حكومي مرتقب؟ وهو ما لم يكن يتأتى بسبب وجود « رجل محضور »، هو حميد شباط.

تساؤل يجد فائدته في سياق فرضية سعي الدولة لتشكيل حكومة إدارية تكنوقراطية بتوقيع سياسي لحزب « البيجيدي »، الذي سيتحمل أي ضريبة سياسية. خاصة أمام عدول نزار بركة عن توجيه انتقادات صريحة للحكومة، مكتفيا بالهجوم على « تجربة » حزب « البيجيدي » في الولاية الحكومية السابقة.

علاقة جديدة بين الدولة والحزب

جزء كبير من مشكلة حزب « الاستقلال »، ترتبط بتخندق الحزب في موقع المواجهة مع الدولة، وهو ما دفع قيادات الحزب، ومنها التاريخية إلى توقيع عريضة « إسقاط شباط »، عشية تصريحاته حول « مغربية موريتانية ».

المحلل والباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، عبد الرحيم العلام، في حديث مع « اليوم24″، قال إن علاقة الدولة بحزب « الاستقلال »، فيما بعد المؤتمر، ستجدد وتتناغم مع المواقف السياسية للأمين العام الجديد، تزار بركة.

العلام أشار إلى ان الدولة، كانت أمام امتحان كبير في إزاحة شباط من زعامة الحزب، إذ فوز نزار بركة يظهر « نجاحها في التأثير في إضعاف حضوة، وشعبية شباط في صفوف قيادات الحزب ».

وأمام فشل حميد شباط في العودة إلى تزعم الحزب، يقول العلام، إن الدولة نجحت في التأثير في إضعاف حضوة حميد شباط وسط قيادات حزبه، وهو الدرس، الذي سيلتقفه خلفه نزار البركة، وأي زعيم آخر، في عمله على رأس الحزب، والتسليم بكون « المواجهة مع الدولة معركة موت لا حياة ».

نزار.. جزء من تكتيك كبير

وإزاء ذلك، يتجه مراقبون إلى اعتبار انتخاب نزار بركة بفارق كبير على حميد شباط، هو « جزءً من تكتيتك كبير من قبل جهات في الدولة، تمهد إلى اعتماده « ورقة جديدة إلى جانب كل من عزيز أخنوش، وامحند العنصر، وإدريس لشكر، الموجودين في موقع الحكومة.

هذا التحليل، يذهب إليه الأستاذ الجامعي، والباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، مصطفى السحيمي، الذي يعتبر نزار البركة مجرد « جوكير » جديد في يد جهات « التحكم »، يتم إعداده لدخول الحكومة إلى جانب باقي الأحزاب الإدارية في أول فرصة لتعديل حكومي مرتقب.

التمهيد لتعديل حكومي

السحيمي، يرى أن نزار البركة لم يأتي لزعامة حزب « الميزان »، عفويا، بل بناء على معلومات وإشارات مطمئنة له من قبل الجهات، التي أتت بحميد شباط، ضد عباس الفاسي، بفارق ضئيل من الأصوات (20 صوتا).

وذهب السحيمي إلى حد اعتبار أن الدولة باتت تُعد لـ »حزب نزار البركة » موقعا جديدا في حكومة العثماني، في أول فرصة لتعديل حكومي مرتقب، على حساب بعض الحقائب الوزارية لوزراء « البيجيدي »، بشكل سيضعف هذا الأخير.

السحيمي أفاد أيضا ان مشهد الحكومة التكنوقراطية التي تسعى لها ما أسماها بـ »جهات التحكم »، سيكتمل بعد أن يلتحق محمد حصاد بزعامة حزب « السنبلة » بدلا عن أمحند العنصر، وبذلك تظل الحكومة بتوقيع سياسي لحزب « البيجيدي ».

هذا، ويظل فوز نزار بركة بزعامة حزب « الميزان »، بمثابة « الصلح الكبير » الذي جمع بين الدولة وأكبر حزب سياسي من حيث التنظيمات الموازية في البلاد، وثالث قوة سياسية في البرلمان، وأعرق أحزاب الحركة الوطنية.

صلح بعد إقصاء ممنهج لعامين ونيف، دفع الحزب ثمنه سياسيا منذ انتخابات رابع شتنبر الماضية، وعاش خلالها تناقضا كبيرا في خطابه السياسي، وحرم فيها من دخول الحكومة الحالية، التي خرج منها لأول مرة في تاريخه، أبريل 2013.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي