اليوم الوطني للسينما بين «هروب» الوزير وتهريب تاريخه وتهميش المغربي

18 نوفمبر 2018 - 07:00

مر الاحتفال باليوم الوطني للسينما هذا العام مرورا عابرا دون جديد مفيد، لا تقييمات ولا تقويمات ولا حتى توضيحات أو أبسط منها إتقان « الإنصات »  من طرف المسؤولين عن القطاع لمعرفة أسباب سيل غضب شريحة واسعة من السينمائيين المغاربة، الذين استنكروا غياب الوزير المشرف على القطاع عن هذا اليوم، كما استنكروا اختيار إدارة المركز السينمائي المغربي موضوعا للاحتفاء « الأعمال الأجنبية بالمغرب »، فضلا عن استغرابهم سبب تغيير الموعد السنوي للاحتفاء باليوم الوطني للسينما من تاريخ ال16 من نونبر المتفق عليه مسبقا، الذي لم يختر عبثا، إلى الثاني عشر منه، دون تشاور في الموضوع !

وفي التفاصيل اعتبر عدد من السينمائيين وبينهم عبد الرحمان التازي وعبد الإله الجوهري أن يوم أمس الجمعة 16، الذي تم الإجماع على اعتباره يوما للسينما الوطنية، يصادف ذكرى رحيل رمز السينما المغربية المخرج محمد الركاب، « لكن الإحتفاء تم تهريبه ليوم 12 نونبر الاثنين الماضي، ضدا على الذاكرة الفنية المغربية المثقلة بالإنجازات الإبداعية، والذكرى التي ما عادت تنفع « المؤمنين » برسالة الفن السابع وأهدافه السامية على أرض المغرب، ودلالات دخول مخرج، ملتزم بقضايا الوطن، السجن، ذات زمن أهوج، من أجل تحقيق فيلم دخل تاريخ السينما المغربية من أبوابه الواسعة »، يقول الجوهري.

واعتبر المخرج ومعه عدد من السينمائيين أن غياب الوزير عن هذا اللقاء « هروب »، لعلمه بضرورة فتح النقاش والجلوس لطاولة الحوار حول العهود والوعود والوضع المأزوم للقطاع، وتهربه من ذلك في هذه المناسبة. ودعا الجوهري السينمائيين المغاربة، « خاصة الغرف المهنية، للوقوف وقفة واحدة موحدة، لمواجهة زحف اللامسؤولية، والإجهاز على المكتسبات التي ناضل الرواد من أجل تحقيقها، وقفة تحكمها مصلحة السينما المغربية أولا واخيرا ».

بدوره المخرج الرائد حسن بنجلون احتج على اختيار موضوع الإنتاج الأجنبي بالمغرب تيمة للاحتفال هذه السنة، مبرزا أن « هذا الموضوع لا يعكس الاهتمامات الراهنة للسينمائيين المغاربة، وأنه كان حريا اختيار موضوع يلامس مشاكل هذه الفئة ».

ورافق يوم الاحتفال جدل كبير بسبب عدم حضور وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج وغياب عدد كبير من السينمائيين المغاربة، إذ تبع إلقاء مسؤول الموارد البشرية كلمته نيابة عن الاعرج، انتفاض وغضب عدد من الحاضرين محتجين على غياب الوزير الوصي على القطاع. واعتبر المحتجون  الغياب « تهرب من المواجهة »، متهمين هذا الأخير « بعدم الحسم في مجموعة من المشاكل التي يتخبط فيها قطاع السينما، والتي طرحوها أمامه منذ سنتين »، وهو ما تسبب في رفع الجلسة الأولى من اللقاء بدون إلقاء مدير المركز السينمائي المغربي صارم الفاسي الفهري لكلمته، قبل استئناف ذلك بعد « فاصل شاي ».

وفي السياق نفسه قاطعت الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام فعاليات هذا اللقاء الذي قالت إنه احتفال ب »نصف-يوم » وطني للسينما، ينظمه المركز السينمائي المغربي تحت شعار « قرن من الإنتاج السينمائي الأجنبي بالمغرب (1919-2019)، الحصيلة والآفاق »، مستغربة تغيير التاريخ دون التشاور مع مختلف مكونات المجال، وذكرت في هذا الصدد أن اليوم الوطني للسينما رأى النور بإيعاز من مهنيي السينما وتم الاتفاق على الاحتفال به يوم 16 أكتوبر من كل سنة، لتقديم الحصيلة السينمائية للسنة الفارطة وتمكين الإدارة المشرفة على القطاع والمهنيين، بكيفية مشتركة، من تقديم برنامج عمل للموسم الموالي ومقاربة الصعوبات والتحديات التي يجب مواجهتها.

وأوضحت الغرفة التي تتضمن عددا من المخرجين الرواد، بينهم عبد الرحمان التازي ولحسن زينون ولطيف لحلو وعبد الكريم الدرقاوي وادريس اشويكة، وسعيد الناصري وصلاح الجبلي وعمر بنحمو، وينخرط فيها حوالي خمسين مخرجا سينمائيا من خيرة المبدعين أمثال عبد السلام الكلاعي والشريف الطريبق ونبيل عيوش، وغيرهم أوضحت أن « ارتجال تظاهرة بهذه الأهمية، مع تحويل تاريخها الأصلي ودعوة المهنيين أسبوع قبل الموعد، يعني التنقيص من قيمة هذه التظاهرة مع كل الرمزية التي تحملها ».

ووصفت الغرفة القرار بكونه « إرادة مبيتة لإفراغ اليوم الوطني للسينما من محتواه الحقيقي، وأنه يدخل في إطار سياسة يتم نهجها منذ أربع سنوات من طرف الإدارة المشرفة تهدف إلى فرملة التقدم البين للسينما الوطنية في أفق تحجيمها، مراقبتها عن قرب وتوجيهها في اتجاه خدمة مصالح مجموعة صغيرة من المهنيين على حساب أغلبيتهم الساحقة ».

الغرفة الوطنية لمنتجي السينما التي من مهامها الدفاع عن حرية التعبير والإبداع في المجال، حسب ما قاله المخرج عبد الرحمان التازي في حديث مع « أخبار اليوم » اعتبرت أن ارتجال يوم وطني للسينما بدعوة مجموعة من الضيوف إلى حفل احتساء كأس شاي والاستماع إلى خطاب طنان وصفته بـ »الفارغ من أية دلالة »، يؤدي بالضرورة إلى تهجين السينما الوطنية وتبخيسها مقارنة مع الخدمات المقدمة لتصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب »، وفي هذا الصدد اتهمت الغرفة مدير المركز السينمائي بكونه « يتبع هذه السياسة لتفضيل شركاته الخاصة للإنتاج وتقديم الخدمات !  »

وقال المخرجون المنضوون تحت لواء الغرفة سالفة الذكر « إننا نتقاسم هذه الطريقة في التعامل وتدبير القطاع، لكونها منافية لدستور البلاد وتتعارض مع التوجيهات الملكية الداعية إلى ديمقراطية تشاركية في تدبير المؤسسات والإدارات العمومية »، وعليه أعلنت مقاطعتها لهذا « النصف-اليوم » الوطني للسينما « المهزلة »، حسب تعبيرها.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

علال كبور منذ 5 سنوات

صندوق اسود لتوزيع الاموال على المرضيين في إطار الريع

التالي