باحثون: الدولة تحتاج إلى 4 قرون من أجل تحفيظ جميع الأراضي

18 فبراير 2020 - 08:00

نبه باحثون في مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث العقارية، خلال مائدة مستديرة انعقدت الخميس الفائت الماضي بطنجة، إلى أن المنهجية المتبعة في تحفيظ الأراضي العارية قد تستغرق أربعة قرون من الزمن، لكي نصل إلى نتيجة معقولة في تطهير العقارات وتصفيتها من كل الموانع التي تحول دون إمكانية وضعها أمام مشاريع الاستثمار.

وقال رشيد السملالي، موثق، وباحث في مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث العقارية، خلال عرض قدمه في ندوة حول موضوع «مساهمة العقار المطهر في التنمية الاقتصادية والجهوية وإنجاح الاستثمار»، إن جهة الشمال تتوفر على أزيد من مليون و760 ألف هكتار من الأراضي، لكن نسبة العقارات المحفظة بها أو التي ما زالت في طور التحفيظ، ضئيلة جدا لا تتعدى 90 في المائة، وبالتالي لا يمكن استغلال هذه الأراضي أو توجيهها نحو الاستثمار المنتج للثروة وفرص الشغل.

وأوضح السملالي أن هذه الخلاصة استنتجها أعضاء المركز من خلال مؤشر خمس سنوات من عمل المحافظة العقارية التي قامت بمجهودات جبارة خلال الفترة الأخيرة، لكن المردودية تبقى ضعيفة، ولا يعطي النتائج المرجوة، لأن المشكل الهيكلي يتمثل في البنية القانونية التي تجعل من مسألة التحفيظ اختيارية وليست إجبارية، وبالتالي تظل نسبة هامة من الأراضي غير صالحة للاستثمار الوطني أو الأجنبي.

ومن بين الاختلالات التي تحول أمام تصفية العقارات من كل الرهون والتقييدات، يضيف المتحدث، ازدواجية القوانين، حيث أن هناك نظامين مختلفين معترف بهما كوسيلة إثبات لتملك الأراضي، أحدهما مؤطر بظهير التحفيظ العقاري لسنة 1913 بعد سنة من بداية عهد الحماية، والثاني مؤطر بظهير خليفي في المنطقة الشمالية التي كانت خاضعة للسيطرة الإسبانية، والذي صدر سنة 1914.

بالإضافة إلى ذلك، سجل الباحث الجامعي المتخصص في العقار، عوائق أخرى مرتبطة بوجود منازعات عقارية فيما بين إدارات الدولة، مثل مندوبية المياه والغابات وبين مديرية الأحباس، على سبيل المثال، أو الجماعات السلالية في المناطق القروية، وهو ما يؤدي إلى هدر فرص الاستثمار، سواء تعلق بالسكن، أو الاستغلال التجاري، أو الصناعي، أو السياحي أو الفلاحي.

ومن بين أهم التوصيات التي اقترحها السملالي، في ختام عرضه، ضرورة إحداث منظومة مسح خرائطي موحدة حول بيانات القطع الأرضية هل هي محددة، ومضبوطة المساحة، ومحفظة أم لا، من أجل تسهيل المساطر على المرتفقين، وتبسيط آليات ضبط الوعاء العقاري وفرز المجال المطهر من جميع النزاعات، وغير المثقل بحق من الحقوق.

في سياق متصل، نبه القاضي عبد الله فرح، مستشار بمحكمة النقض بالرباط، إلى إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية، معتبرا أنها إحدى العوائق التي تحول دون تصفية العقار وتطهيره من كل الموانع القانونية والتقنية والتعميرية والأمنية أيضا، حيث عاب على المقتضى الذي ما يزال يتذرع به عمال الأقاليم، من أجل عدم تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، في إطار إعادة الأملاك إلى أصحابها.

وقال المستشار بمحكمة النقض، إن «عمال الأقاليم يمنعوننا من تنفيذ أحكام قضائية تتعلق بطرد محتل أو إفراغه بالقوة لتنفيذ أحكام القضاء»، وذلك بعد صعوبة التنفيذ بشكل ودي، أو بعدما يخفق مأمور التنفيذ في إفراغ المحتلين، معلقا على الأمر بالقول، «إذا كان لا يمكن إفراغ المحتلين ولا طردهم لتنفيذ حكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجل. ألا يعتبر ذلك عرقلة للاستثمار؟».

وأضاف القاضي فرح، أن رئيس المحكمة عندما يكتب إلى العامل من أجل تسخير قوة عمومية كافية، من أجل إفراغ محتلين لأملاك الغير، فإنه يتلقى جوابا في بعض الحالات عن الطلب المذكور، مفاده أنه يتعذر تسخير القوة العمومية لتنفيذ الإفراغ بمقتضى قرار أن الأمر من شأنه المس بالأمن العام، وبالتالي العجز عن رد الحقوق لأصحابها.

وكان دحمان مزرياحي، رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث العقارية، أبرز في مداخلته أن القانون الجديد خول للمراكز الجهوية للاستثمار أدوارا واختصاصات ذاتية مهمة جدا، إضافة إلى وظيفة استقبال الطلبات والإرشاد والتوجيه، معتبرا أن المراكز الجهوية للاستثمار أصبح بإمكانها تملك الأراضي ووضعها رهن رغبات المستثمرين، لأنه يعد من الإدارات المتدخلة بشكل أساسي في منظومة منح الإذن والترخيص بالاستثمارات الوطنية والأجنبية.

وأشار مزرياحي، بصفته رئيسا للمركز الذي يضم باحثين مهتمين بالعقار، وممثلي المهن القانونية، من عدول وموثقين ومحامين وموظفي المحافظة العقارية والمسح الخرائطي، إلى أن الأهداف الأساسية من وراء تنظيم هذه اللقاءات هو مدارسة الإشكالات العقارية ورصد عوائقها، ونشر المعلومة القانونية، وتقديم توصيات ومقترحات للأجهزة التشريعية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي