بعدما أسقطته حركة 20 فبراير حزب الدولة يغيّر جلده من البام إلى الأحرار

19 فبراير 2018 - 00:02

أبرز المطالب التي رفعها الحراك الشبابي الذي شهده المغرب موازاة مع الربيع العربي، كانت إسقاط حكومة عباس الفاسي، ومعها إسقاط الحزب الذي تأسس في حضن السلطة وكان حينها يزحف بثبات نحو الهيمنة السياسية الشاملة.

حزب الجرار الذي اكتسح انتخابات 2009 الجماعية، مستفيدا من حالة اليأس الشامل والنفور العام من المشاركة السياسية، كان ضمن أولى اللافتات التي رفعت خلال مسيرات حركة 20 فبراير، وكان إلى جانب حكومة عباس الفاسي، واحدة من القلاع التي أسقطها الخروج الشعبي.

في ذلك الخروج الأول الذي حبس المغرب أنفاسه عشية تنظيمه يوم الأحد 20 فبراير 2011، كانت لافتة كبيرة ترفع حت قطرات المطر التي تساقطت يومها، وقد كُتب عليها شعار « ملك شاب يحب المغرب ». وعندما احتشدت جموع غفيرة وسط شارع محمد الخامس، كانت لوحة تعلو وسط ساحة البريد، وقد حملت صور كلّ من فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، ومحمد منير الماجيدي وعباس الفاسي وابراهيم الفاسي الفهري وياسمينة بادو وإلياس العمر، واصفة إياهم بالبلطجية. فيما كانت الشعارات تردّد بين الفينة والأخرى »الهمة سير بحال المغرب ماشي ديالك »…

« هل نحن بصدد خلق « بام جديد »، أعتقد أن المؤشرات المتوفرة لا تدعم هكذا خيار، لأن تجربة البام فشلت ولا يمكن تكرارها مع حزب آخر »، يقول عبد المنعم لزعر، الباحث في العلوم السياسي. هذا الأخير أوضح أن تلك التجربة « فشلت أمام صورة التصويت بالرأي خلال 2011 وفشلت أمام خيار التصويت بالمزاج خلال سنة 2016، والاستثمارات في المستقبل ستكون عبارة عن امتداد للموجة فكرية تنتصر لخيار السوق بدل خيار السياسة »، يقول لزعر في إشارة إلى اللجوء إلى الأعيان وتأثير المال في التجارب القادمة.

من جانبه الباحث والقيادي الاستقلالي السابق عادل بنحمزة، قال لـ »اليوم24 » إن الثابت في الحياة السياسية للمغرب منذ أول انتخابات تشريعية سنة 1963، هو تجربة الحزب الأغلبي والتدوير المستمر للأحزاب الإدارية سواء بإعادة تشكيلها، أو تأسيس أحزاب جديدة. « لذلك فهذه العملية مستمرة وممتدة، بل هي تكاد تكون عقيدة لدى النظام السياسي، وما دون ذلك تبقى حالات استثنائية عابرة، لا تغير من جوهر تمثل وظيفة الأحزاب السياسية ببلادنا ».

بنحمزة يقرّ بكون هذا الوضع لم يمنع تحقيق تراكمات إصلاحية مهمة، لكنه يعود ليعتبر أن هذه الإصلاحات سرعان ما يتم تفكيكها وهدرها بشكل يجعلها تفقد المعنى، « لذلك يمكن القول بأننا نسير نحو نسخة جديدة من الحزب الأغلبي يتبنى « إيديولوجية » النجاعة الإقتصادية، وهو اختيار أثبت فشله في دول كثيرة، لكن يبدو أن هناك إصرار على هذا الاختيار الذي لا يمثل جوابا على التحديات التي تعرفها بلادنا، بل ربما يصبح مسرعا accélérateur للتناقضات والإنتظارات الإجتماعية التي تعتمل داخل المجتمع، والتي عرفت بلادنا انفجارات صغيرة لها مثل ما جرى في الحسيمة وجرادة وغيرها من المناطق، بحيث لا يمكن توقع لا زمان و لا مكان تجدد هذه الانفجارات التي إذا ما امتدت نحو المدن المليونية الكبرى مثل الدارالبيضاء والرباط سلا تمارة وطنجة وفاس ومراكش، فإن بلادنا ستكون في مواجهة خطر حقيقي ». ويخلص بنحمزة إلى أن استمرار الرهان على الحزب الأغلبي كيفما كانت تسميته ومن يقوده، يعتبر إهدارا للزمن السياسي والتنموي للمغرب.

وثيقة كانت قد كشفت عنها منظمة « الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان » بمناسبة ذكرى سنوية سابقة لحركة 20 فبراير، ترسم مسار هذه الحركة الشعبية التي هزّت الشارع المغربي إبان الربيع العربي، وتسجل حجم التعبئة الواسعة في صفوف الشباب التي قامت بها هذه الحركة عام 2011، والتي تؤكد، حسب الوثيقة نفسها، أن « المغرب الديمقراطي ممكن، وبأن بناءه وتعزيزه لا يتطلب بالضرورة حربا مفتوحة بين التوجهات والاتجاهات الفكرية والسياسية، ولا القطائع المطلقة بين الفرقاء والفاعلين بمختلف المؤسسات، بقدر ما يتطلب العمل على القضايا المشتركة وتعميق النقاش بشأن القضايا الخلافية ».

الباحث بجدامعة محمد الاول بوجدة، عبد الرحمان علال، أكد بدوره ثبات قاعدة الحزب الأغلبي في سلوك السلطة السياسية في المغرب، حيث « ظلت وفيّة لعقيدتها من خلال خلق ودعم فاعل حزبي يولد من رحمها وترعاه وتمدّه بالدعم الـمطلوب، حيث تختلف الوظيفة والمهمة الموكولة إليه في كل مرة، إما لمواجهة فاعل سياسي تبعاً لخصوصية كل مرحلة، قد يكون اليسار في مرحلة الستينات وما بعدها، مع تجارب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، أو حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، أو قد يكون مواجهة الإسلاميين الذين ارتفعت أسهمهم في مرحلة ما بعد أحداث 11 شتنبر 2001 ».

علال أوضح أن دينامية 20 فبراير مسنودة برياح إقليمية قوية، ووضع عربي ضاغط ومتفجّر، كانت عاملا حرم حزب الأصالة والمعاصرة من تولي المهام التنفيذية « وبالتالي تأجلت الفكرة أملاً في أن تفرز انتخابات 2015 الجماعية والجهوية، وانتخابات 2016 التشريعية فوزاً لحزب الأصالة والمعاصرة، بعد عملية إضعاف لحزب العدالة والتنمية خلال رئاسته للحكومة برسم نتائج انتخابات 25 نونبر 2011، وأن تساهم القرارات التي اتخذها، وفيها استهداف للقدرة الشرائية للمواطن، في خلق حالة تصويت عقابي ضده ».

هذا الرهان جاءت نتائج 2016 عكس توقعاته، « وبالتالي أصبح التوجه اليوم نحو إعداد حزب التجمع الوطني للأحرار للقيام بالدور الذي فشل فيه حزب الأصالة والمعاصرة، وهو ما يمكن أن ينجح فيه إذا ما تواصل إضعاف حزب العدالة والتنمية بالشكل الجاري به العمل حالياً، وقبول رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وفريقه بمحاولات الإضعاف دون التصدي لها ومصارحة الناس والكتلة الناخبة للحزب على تنوعها، بحجم إكراهات العمل الحكومي ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

علي منذ 6 سنوات

و تحيا الديمقراطية !!!

التالي