غليان تلاميذي

13 نوفمبر 2018 - 13:35

بالتزامن مع صدور الحكم الابتدائي القاسي ضد الصحافي توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة «أخبار اليوم» وموقع «اليوم24»، بـ12 سنة سجنا، وما خلفه من امتعاض وغضب وسط الرأي العام والجسم الحقوقي والسياسي، هناك احتقان بدأ يزداد في الشارع ويكبر ككرة الثلج، بسبب القرار الارتجالي للحكومة الإبقاء على زيادة ساعة إلى توقيت المملكة. وبرزت الاحتجاجات التلاميذية إلى الواجهة، وبعدما كانت متفرقة في نهاية الأسبوع الماضي، إذ بدأت تأخذ أبعادا تنذر بالخطر، ووصلت حد تخريب حافلات في مراكش وفاس. وفي مكناس، أدت الاحتجاجات إلى وفاة تلميذ في حادثة سير. وتكررت مشاهد الرشق بالحجارة في عدد من المدن، مثل سطات التي أصيب فيها تلاميذ وأطر تربوية. وصبيحة أمس الاثنين، الذي يفترض أنه بدأ فيه اعتماد التوقيت الدراسي الجديد الذي أعلنته وزارة التربية، صعد التلاميذ من الاحتجاج، وخرجوا إلى الشارع من جديد في عدة مدن مرددين الشعارات. في الرباط، قطع التلاميذ، صبيحة أمس، طريق الترامواي، ووجد المواطنون في سلا صعوبة في الانتقال إلى أماكن عملهم، لأن التلاميذ توجهوا على الأقدام إلى الرباط للاحتجاج أمام البرلمان. في معظم المدن المغربية خرج التلاميذ إلى الشارع رافعين شعار «إسقاط الساعة»، وتحول الأمر أحيانا إلى تراشق بالحجارة وتخريب. وصبيحة أول أمس الأحد، كان الموعد مع مسيرة وطنية شاركت فيها اتجاهات إسلامية ويسارية، تقدمتها لافتة كتب عليها شعار: «مسيرة شعبية تطالب باحترام كرامة ورأي الشعب المغربي»، ورددت فيها شعارات من قبيل: «الشعب يريد إسقاط الساعة الإضافية»، لكن الشعارات تحولت إلى رفع مطالب سياسية، بـ«الإفراج عن جميع معقلي الحراك المغربي»، و«المناداة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية»، وترديد شعار «لا للمحاكمات السياسية». ماذا يعني هذا التطور؟ أولا، الاحتجاج على الساعة يأتي أشهرا بعد حملة المقاطعة الشعبية لثلاث شركات، وما خلفته من أثر اقتصادي وسياسي. ثانيا، الحكومة اعتقدت بسذاجة أنها يمكن بسهولة أن تتخذ قرارا مفاجئا يهم المجتمع دون حصول رد فعل. موضوع الساعة يهم أكثر من 7 ملايين تلميذ، منهم 4 ملايين ونصف يدرسون في الابتدائي، والجميع فوجئ بالقرار الذي اتخذ في آخر لحظة دون سابق إشعار، رغم الاستدراكات المتأخرة للحكومة في ما يخص معالجة التوقيت. مبررات الحكومة بشأن الحفاظ على الطاقة لم تقنع أحدا، وحتى «الدراسة» التي نشرتها وزارة الوظيفة العمومية واستندت إليها للإبقاء على الساعة، لم تتضمن أي توصية من مكتب الدراسات الذي أنجزها بالإبقاء على التوقيت الصيفي. ثالثا، في العمق، فإن الغليان موجود وكامن في النفوس منذ أشهر، ويبحث كل مرة عن الفرصة للتعبير عن نفسه، تارة بالمقاطعة، وتارة بسبب الساعة. التطورات السلبية في الساحة السياسية والحقوقية، وتراجع الفاعل الحزبي، وضرب مؤسسات الوساطة، والغضب من تراجع منسوب الديمقراطية وحرية الصحافة منذ انتخابات أكتوبر 2016، وحادثة البلوكاج التي تلتها، وتشكيل حكومة العثماني بأغلبية هشة… كلها معطيات سلبية تغذي الشعور بالاحتقان. وإذا أضيف إلى ذلك الشعور بالغضب الذي خلفه الحكم القاسي على بوعشرين في المجتمع ووسط النخب، فإننا نتساءل: إلى أين يراد لهذا البلد أن يسير؟.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي