احتفالية تسليم حامي الدين

20 ديسمبر 2018 - 12:59

جئتُك ناصحا. لم أر مثلبة فيك، بل أعجبت بمنقبة فيك؛ منقبة الاعتزاز ببلادك، وإن ظلمتك، والإشادة بكرم أهلك، وإن بخلوا عليك.

لو طُلِب منّي، أن أختار أفضل تعليق، على قَبول قاضي التحقيق، شكاية ضدك، تتعلق بوقائع حازتْ حكما نهائيا؛ لاخترت هذا التعليق، الذي نشرته على حسابك الفيسبوكي:

بلادي وإنْ جارتْ عليّ عزيزة /// وأهلي وإنْ ضنّوا عليّ كرام

لن تجد ناصحا أمينا مثلي. إن الذين يساندونك، يحرّضونك على الدفاع عن نفسك، والذود عن ماضيك وحاضرك ومستقبلك، والصمود بشراسة في المعركة، وإلقاء الخطب النارية، للهجوم على ما يسمونهم “بمرتزقة الإعلام”، والاستمرار في التشبث بآرائك السياسية.

أريدك يا حامي الدين، من منطلق المحبة، ألا تدافع عن نفسك، فلو دافع الشاعر ـ أبو فارس الحمداني (357هـ)- عن نفسه، لما نظم بيته الشعري الجميل، حيث قدّم الاعتزاز بالبلاد، ومحبة الأهل على الدفاع عن نفسه.

أرجوك، أنشر تدوينة، بعنوان: “أُسلِّم نفسي”. انتقد شباب حزبك الذين يناصرونك بحماسة، قل لهم: “لا ترفعوا هذا الشعار، إنه شعار بنكيران، ومن اتبعه، نطح الحائط”. واطلب منهم، أن يدشنوا حملة جديدة، بوسم: “نسلمكم أخانا”. ساعدهم على فهم رؤيتك للقضية، قل لهم بهدوء مبتسما: اغتصاب الوطن شرف، وسجنه حرية، وإعدامه حياة، وظلمه عدل، وقمعه اعتراف، وتشويهه تكريم، وزوره شهادة حق، وكرهه محبة..

أتوسل إليك يا حامي الدين، تجول في كل ربوع الوطن، حاضر في الجموع بمحاضرة، تشرح فيها أهمية إرهابك، وتشويهك، وترويع أسرتك، وإرباك حزبك. قل مبتسما بشجاعة أمام الناس: لو لم أُسْتدع إلى المحكمة باستمرار، سأكون متفرغا لكتابة مقالاتي على جريدة “أخبار اليوم”، والتي تطالب بالإصلاح والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان؛ وإن الذين يريدون استقبالي في المحكمة بين الفينة والأخرى، يرون في تصرفهم هذا، حماية الوطن من الفتن والمحن، وهم يبصرون ما لا أبصر..

أقبِّل رأسك، استجب لمقترحاتي حبا في الوطن: قدم استقالتك من حزب العدالة والتنمية والتحق بحزب التجمع الوطني للأحرار؛ قم بحل منتدى الكرامة ولا تلتحق بأي جمعية حقوقية؛ غادر تخصصك العلمي في العلوم السياسية والتحق بمدربي التنمية الذاتية؛ اعتزل الكتابة من جريدة “أخبار اليوم”، والتحق بتلك الجريدة التي تحبك كثيرا، وتتعاطف معك، دون أن تتضامن معك؛ ابتعد عن أصدقائك وجالس القاضي السابق، الذي فاجأ المتضامنين معه يوم عزله  بمعدنه النفيس؛ أطلب من موقع حزبك الإلكتروني أن يبيد جميع مقالاتك الأرشيفية؛ وأخير، نظم ندوة صحافية، وأعلن خروجك من لجنة “العدالة والحقيقة” في ملف “توفيق بوعشرين”، وتمنى له حظا سعيدا، وبشِّره بقرب التحاقك به، حبا الوطن.

ابتسم يا عبدالعلي، بل قهقه بصوت عال، طالب بتنظيم مجلس وطني يناقش قضيتك. أكتب ورقة عنوانها: “اسجنوني لوجه الوطن”، تحشد فيها أدلتك، لتثبت للمناضلات والمناضلين، أن ما يقع لا علاقة له بالسياسة، بل له علاقة بحب بعض أبناء الوطن لشخصك المحترم، يريدون تقديم خدمة عظيمة للوطن بإدخالك السجن؛ لأن بقاءك حرا طليقا يهدد الانتقال الديمقراطي، والنموذج التنموي، ومسار الثقة، والقضاء المستقل، وانفتاح المغرب على إفريقيا، وإعلان مبادرة تسوية الخلاف مع الجزائر.

قف منتصب القامة أمام المنصة في المجلس الوطني، وقلّد بنكيران في قهقهته فقط. قدّم تحليلا سياسيا يوضح، أن ما يقع لا علاقة له بما قبل انتخابات 2021 م، أكد لهم أن الحزب منذ مجيئه إلى الحكومة، تحبه القناة الثانية، وتمدحه غالبية الجرائد، وجميع مؤسسات الدولة تدعو إليه بالليل والنهار أن يستمر لولاية ثالثة. أخرج من عقلهم وحش المؤامرة. قل لهم قولا جميلا في المعتقلين الذين استقبلوا أحكامهم سنة 2018 بفرح كبير، دون أن يغضب أحد منهم، لأنهم يثقون في القضاء الشامخ.

أكتب في البيان الختامي: سينظم حزب العدالة مهرجانا احتفاليا، بمناسبة تسليم حامي الدين دعما للوطن في معركته. وإننا لا نستنكر اعتقاله ولا سجنه، حتى ولو كان مظلوما؛ لأن حب الوطن، يذم العقل، ويكره القانون، ويمقت المنطق. فمن الحب، قبول الأذى من الحبيب.

آخر نصيحة: اختم مقالاتك المقبلة، بهذه الجملة: “الملكية التنفيذية هي الحل”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

کامل راسل منذ 5 سنوات

لماذا لاتتباکون هکذا علی ناصر الزفزافی و ضحایا الریف ایها الاخوانیون المنافقون؟

التالي