بلافريج: «ليس هناك مجتمع لا يستهلك الخمر»

24 يناير 2019 - 08:02

إذا كان الخمرُ يحرك بورصة البغاء في المغرب، فإنه بذلك يُنعش مداخيل الاقتصاد السنوية، إذ يحقق استهلاكه ما يصل إلى 1,5 مليار درهم، وهي النسبة التي تتوقعها الخزينة العامة للدولة، بعد إنتاج حوالي 35 مليون زجاجة من النبيذ وتشغيل حوالي 20 ألف عامل، حسب تقرير سابق للمنظمة الدولية للكروم والنبيذ.

إنتاجُ الخمر بالمغرب يصلُ حسب المصدر نفسه إلى 40 لترا سنويا، وبذلك يكون المغرب المُصدر الأول للنبيذ على المستوى العربي والثاني على المستوى الإفريقي، وفي كل سنة، مع انكباب الفاعلين في الحكومة والبرلمان على مناقشة مشروع قانون المالية، يطرح للنقاش جدل الزيادة في الرسوم المفروضة على المواد الكحولية، فينقسم مُتتبعو النقاش العمومي بين من يرى في الزيادة محاولة تقليل استهلاك المغاربة للخمر، وبين من يراه “براغماتية” حكومية لإنعاش خزينة الدولة.

وبالنسبة إلى عادل خالص، باحث في العلوم الاقتصادية، فإن زيادة المدخول الضريبي “”بل كذلك بمداخيل أخرى كالضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات التي تنتج الخمور في المغرب، لكن رغم ذلك تبقى هذه المداخيل محدودة مقارنة مع مداخيل أخرى في مزانية الدولة “.

وأضاف خالص بأن ““المداخيل التي تجنيها الدولة من الخمر تهدر أضعافها فيما يخص محاربة الجريمة التي تمثل 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب”.

وبالرغم مما أكده لنا الباحث في العلوم الاقتصادية نفسهُ بخصوص “تراجع في نقط بيع الخمور مقارنة بالثمانينات”، مُرجعا ذلك إلى “القطاع غير المهيكل أصبح مسيطرا”، إلا أن مقولة “المغاربة يستهلكون الخمر أكثر من الحليب” تتأكد باستمرار، إذ سبق لوكالة “رويترز” أن كشفت تصدر المغاربة قائمة الشعوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إنتاج واستهلاك الكحول، حيث يستهلكون في السنة الواحدة ما مجموعه 131 مليون لتر تشمل 400 مليون قنينة جعة و38 مليون قنينة خمر، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شمبانيا.

وقد أكدت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها حول استهلاك الكحول سنة 2017، أن المغرب يحتلُ الرتبة السابعة في معدل استهلاك الكحول، وذلك بنحو 17.1 لتر لكل مواطن في السنة.

بين الدفاع عن الحريات الفردية ومحاولة فهم “براغماتية” الدولة المغربية، يعكسُ قانون سنة 1967 الذي يمنع بيع المشروبات الكحولية للمسلمين مجموعة من التناقضات، إذ من جهة  تحظر الدولة استهلاك النبيذ، ومن جهة أخرى تنشط زراعته في الكثير من المدن وهو ما يجعلها  تستفيدُ من عائداته. لذلك صار مطلب العديد من الفعاليات الحقوقية والسياسية يتجلى أساسا في تعديل القانون، وهو ما يراه البرلماني عن فدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج ضرورة من أجل “وضع نص قانوني قابل للتطبيق”، حيثُ “يضمنُ للراشد حقه في استهلاك الخمر ويحمي الفئات الهشة والأطفال والمراهقين”.

وشدد البرلماني اليساري، الذي رفض تواجد الحانات قرب المدارس التعليمية، على ضرورة وضع سن لاستهلاك المواد الكحولية، موضحا بأنه “يجب منع الأطفال من دخول الحانات وشرب الخمر”، لأن ذلك يأتي في إطار محاربة الإدمان من أجل حماية المجتمع، حسب المتحدث ذاته.

بلافريج اعتبر بأنه “ليس هناك مجتمع لا يستهلك الخمر”، رافضا القول إن الزيادة في الضريبة سيقلصُ من استهلاك الخمر، بل “تُشجع على صناعة مواد كحولية أخرى خطيرة مثل الماحيا، وهذا شكل من أشكال التهريب”، يشرح المتحدث..

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي