Baltajalogie

08 مايو 2019 - 13:49

نشر موقع «كواترو» الإسباني فيديو لحوار مع بابلو إسكوبار المغربي، وقد صورت المقابلة المثيرة بمنطقة مهجورة بمدينة طنجة، زعم تاجر الأقراص المهلوسة هذا، الذي تم إخفاء صورته وتعديل صوته لضرورات أمنية، سيتضح لاحقا أنها مجرد مؤثرات لإضفاء مصداقية على روبورتاج مختلق اختلاقا، زعم أن تجارة «القرقوبي» تدر عليه ما يقارب مليوني درهم شهريا، مدعيا أن هذه الأقراص التي يتم تهريبها من إسبانيا، تعمل شبكته على توزيعها على امتداد التراب المغربي حتى تخوم الصحراء، وقد ورد على لسان صحافي قناة «كواترو»، الذي أجرى الحوار أنه شاهد بعينيه في غرفة مظلمة كميات مختلفة من هذه الأقراص، وفي مشهد من الروبورتاج حاول مخرجوه إضفاء نوع من «التشويق» غير المحبوك، ستسمع أصوات مدوية، وركزت الكاميرا على رد فعل الصحافي الذي هم بالفرار خوفا من اقتحام الشرطة للمكان، ليطمئنه بابلو إسكوبار «المزيف» برباطة جأش، أن تلك المنطقة مؤمنة و»محررة» ومحروسة، ولا يمكن أن تصل إليها الشرطة، قبل أن يصرح أنه حتى لو قبض عليه، فلن يقضي سوى خمس سنوات في سجن ستتوفر له فيه جميع وسائل الراحة، في إشارة إلى أن كل شيء قابل للشراء في المغرب من الشرطة حتى إدارة السجن مرورا بالقضاء.

بعد بث القناة للروبورتاج وإعادة نشره على الموقع الرسمي لها، بدأت تحريات الأمن، لتصل بسرعة قياسية إلى «بابلو إسكوبار»، والمفاجأة أن هذا الذي يدعي أرباحا تصل إلى 200 مليون سنتيم شهريا ليس سوى حارس للسيارات، وأنه اتفق مع القناة على هذا الإخراج الرديء مقابل ألفي درهم لا غير..

ولم تنته سلسلة المفاجآت هنا، حارس السيارات هذا لم يكن سوى المدعو «الراضي»، الشخص الذي كان يقود عصابات البلطجية المدججين بالأسلحة البيضاء، والذين كانوا يعتدون على أغلب الوقفات الاحتجاجية التي ينظمها نشطاء طنجة، وخصوصا تلك المرتبطة بالتضامن مع حراك الريف، وللمصادفة فقد وثق النشطاء الذين شاركوا في وقفة 26 أبريل التي سبقت توقيف معتقلي الحراك لإضرابهم عن الطعام قيادة هذا الشخص  لعصابات البلطجة ضدهم بالصور والفيديوهات، دون تدخل من قوات الأمن التي كانت مرابطة بالمكان.

حين نعود لاستحضار مشاهد مشابهة لتوظيف البلطجية ضد المحتجين في السنوات الأخيرة، نجد تقاطعات عديدة تطرح علامات استفهام جدية، من ذلك أن أغلب هؤلاء المنحرفين استفادوا من مشاريع ممولة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: تريبورطورات، أكشاك، إشراف على ملاعب القرب.. أو يحتلون الملك العمومي دون حسيب ولا رقيب: بيع الديطاي، مواقف غير قانونية لحراسة السيارات.. بمعنى أن جهة ما توفر لهم الحماية والإفلات من العقاب.. لقد كنا نحذر قبل 2011 من مخطط «تونسة» المغرب على الطريقة «البنعلية»، ولم نكن نتوقع أن نسقط فيما هو أسوأ، أي «المصرنة»، والتي تعتمد حكامة التخويف والشوفينية، وتوظيف احتياطي المحرومين المنحرفين في لعبة خطيرة وقذرة..

نتذكر جميعا مسيرات «ولد زروال» قبل الانتخابات، بزعم مقاومة «أخونة الدولة»، والتي لم تكن في حقيقتها سوى «أخننة « للدولة، وشبيهتها التي نظمت ضد «بان كي مون»، الذي كان وقتها أمينا عاما للأمم المتحدة.. مسيرات جعلت البلد محط سخرية من العالم، ولازالت فيديوهاتها تستثمر في برامج «الشو» عالميا للإضحاك من غباء الأنظمة، والأخطر أن هذه الكائنات كان يتم تقديمها مدافعة عن النظام وعن الملك في مواجهة المعارضة، كائنات أساء من وظفهم للنظام وللملك، ولو كنا في دولة تحترم «هيبتها» لسارعت لفتح تحقيق حول هذه الآلة التي هي فوق القانون، وتوظف البلطجة والمنحرفين في مواجهة الاحتجاج السلمي، فتح تحقيق لكشف علاقتها بتحريف أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ولكشف سبب وقوف الأمن متفرجا أمام تدخلاتها العنيفة، والتي لا تتورع فيها عن استهداف الحق في الحياة عبر استعمال الأسلحة البيضاء، ولكشف الجهة التي تشتغل لمصلحتها، إذ قطعا تشتغل ضد مصلحة الوطن والملك وصورتهما..

هذه الآلة لم تكتف بذلك، بل كادت تجر الوطن لما لا يحمد عقباه إبان حراك الريف، حين تم تجنيد هؤلاء البلطجية حتى في الشبكات الاجتماعية لشتم منطقة الريف وساكنتها بما يهدد الوحدة الوطنية، وللأسف تورطت صحف ومواقع في فعل البلطجة هذا، سواء في 20 فبراير أو الحراكات الاجتماعية.. بل وصدرت تهديدات بالاعتداء الجسدي في إذاعات «خاصة»، دون تحرك النيابة العامة.

حان الوقت لتفكيك «جهاز» البلطجة، قبل أن يتحول، ليس لدولة داخل الدولة فقط، بل لدولة ضد الدولة، فمن يبيع سمعة وطن بألفي درهم لقناة أجنبية، هو التهديد الأكبر للراية التي يلتحفها، وللملك الذي يحمل صورته في مسيرات مدفوعة الأجر مسبقا.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي