غويتيسولو بالعربي.. في أي قرن نحن؟ -الحلقة23

03 أغسطس 2019 - 01:00

بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.

إلى أي مدى ستصل همجية التكالب السياسي والتعصب الديني التي تتسبب في فرار مئات الآلاف من الأشخاص للنجاة بجلودهم وأرواحهم من التفجيرات والتهديد بإبادتهم عن بكرة أبيهم؟

الانتصار الاستراتيجي لبشار الأسد بالتخلي عن ترسانته غير الضرورية من الأسلحة الكيماوية، والاستمرار في سحقه المواطنين بلا هوادة بالمدفعية والبراميل المتفجرة في المناطق التي لايزال يسيطر عليها من تمردوا سنة 2011 على تعسفات دكتاتوريته، يظهر، بما لا يدع مجالا للشك، أن رغبته في القضاء على هؤلاء الذين، بتفرقهم إلى مجموعات صغيرة متناحرة في ما بينها وعاجزة عن تقديم بديل سياسي ذي مصداقية، تسير وفق المخططات التي سطرها؛ حصر النزاع في المواجهة بين أنصاره والإرهابيين التابعين للقاعدة، بالأمس، ولداعش، اليوم. بعبارات أخرى، يخير الأسد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها بين السيئ والأسوأ.

طرحت على نفسي ألا أعاود الكتابة حول فشل المجتمعات العربية المقموعة في تقنين توقها الكبير إلى الحرية والعدالة في خريطة طريق ديمقراطية تميز الحقل الديني عن السياسي، لكن طارئ إعلان الخلافة في الموصل يدخل عاملا جديدا وقاتلا في الحروب الطائفية التي تدمي اليوم الدول العربية التي تأسست مع نهاية الحرب العالمية الأولى على أنقاض الإمبراطورية العثمانية بموجب اتفاقيات سايكس بيكو.

طرح العودة إلى القرن الثامن في جميع المجالات بالمجتمعات العربية، أنموذجا سياسيا مثاليا، جنون ما بعده جنون، لكن هذا الجنون، كما نعرف، تنتقل عدواه بسهولة، وخير دليل على قولنا هذا الجهاديون الـ3000 الأوربيون الذين التحقوا بصفوف التنظيم الإرهابي داعش. يجب ألا تؤخذ الخطب الجياشة (الحماسية) لداعش على محمل الهزل. السيطرة على مناطق واسعة في العراق وسوريا، بعد الفرار المهين للجيش العراقي والسيطرة على معاقل الجيش السوري الحر، تظهر أن التهديد حقيقي.

تفكك الشام وبلاد الرافدين بسبب الحروب الطائفية لهذه الحرب الجديدة للثلاثين سنة -أو مائة- يؤدي إلى أسوأ حالات التشدد والتطرف. تستعين اليوتوبيا الرجعية بالرموز والإمكانيات التي تتيحها التقنيات الجديدة. إن مشهد قطع رأس الصحافي الأمريكي جيمس فولي أمام كاميرا، في إعادة إنتاج لعملية قطع رأس الصحافي الأمريكي دانييل بيرل من لدن تنظيم القاعدة في باكستان، يحتوي، قصدا، جميع عناصر فيلم الرعب مع الاعتماد على الإثارة؛ غطاء الرأس، الشفرة، اعترافات الضحية قبل إعدامه.

بعد دخول الموصل دون مقاومة، يمتلك التنظيم الإرهابي داعش أسلحة فعالة وأموالا مصدرها نهب البنك المركزي العراقي. فضلا عن ذلك يطبق التنظيم بالحرف برنامجه المسكوني الذي يمتح من العصور الوسطى. حيث كان المسيحيون مجبرين على الاختيار بين اعتناق المسكونية (الدعوة إلى توحيد الكنائس في كنيسة مسيحية واحدة) أو مصادرة ممتلكاتهم، وفي بعض الأحايين، تصدر في حقهم عقوبة الإعدام.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي