غويتيسولو بالعربي.. عندما يحل القتل محل التعايش

05 أغسطس 2019 - 22:21

بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.

إن طرح العودة إلى القرن الثامن في جميع المجالات بالمجتمعات العربية، أنموذجا سياسيا مثاليا، جنون ما بعده جنون، لكن هذا الجنون، كما نعرف، تنتقل عدواه بسهولة، وخير دليل على قولنا هذا يتمثل في الجهاديين الـ3000 الأوربيين الذين التحقوا بصفوف التنظيم الإرهابي داعش. يجب ألا تؤخذ الخطب الجياشة (الحماسية) لداعش على محمل الهزل. السيطرة على مناطق واسعة في العراق وسوريا، بعد الفرار المهين للجيش العراقي والسيطرة على معاقل الجيش السوري الحر، تظهر أن التهديد حقيقي.

ويؤدي تفكك الشام وبلاد الرافدين، بسبب الحروب الطائفية الجديدة للثلاثين سنة -أو مائة- إلى أسوأ حالات التشدد والتطرف. وتستعين اليوتوبيا الرجعية بالرموز والإمكانيات التي تتيحها التقنيات الجديدة. إن مشهد قطع رأس الصحافي الأمريكي جيمس فولي أمام كاميرا، في إعادة إنتاج لعملية قطع رأس الصحافي الأمريكي دانييل بيرل من لدن تنظيم القاعدة في باكستان، يحتوي، قصدا، جميع عناصر فيلم الرعب مع الاعتماد على الإثارة؛ غطاء الرأس، الشفرة، اعترافات الضحية قبل إعدامه.

بعد دخول الموصل دون مقاومة، يمتلك التنظيم الإرهابي داعش أسلحة فعالة وأموالا مصدرها نهب البنك المركزي العراقي. فضلا عن ذلك يطبق التنظيم بالحرف برنامجه المسكوني الذي يمتح من العصور الوسطى. حيث كان المسيحيون مجبرين على الاختيار بين اعتناق المسكونية (الدعوة إلى توحيد الكنائس في كنيسة مسيحية واحدة) أو مصادرة ممتلكاتهم، وفي بعض الأحايين، تصدر في حقهم عقوبة الإعدام. إن الإعدام رميا بالرصاص للمئات واستعباد نسائهم يحينان بطريقة مخيفة القوانين القديمة لحروب ما قبل مجيء الرسول. الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بشار الأسد، والقمع العنيف للسنة على يد المشؤوم المالكي هما أكبر ذريعة. التعايش على مر العصور بين الأديان في إطار سياسي مشترك بدأ يحل محله التدمير والكراهية والقتل. ولعل أقسى مثال يدمي القلب هو ما يتعرض له اليزيديون. تعرفت قبل سنوات على عضو في هذه المجموعة (العرقية الدينية)، حيث أثار تاريخهم انتباهي بقوة. تختلف أساطيرهم وطقوسها عن نظرائهم المسلمين والمسيحيين، فيما ترتبط بالديانة الزرادشتية القديمة.

اليوم، يفر اليزيديون وينتشرون في جميع أنحاء شمال سوريا وكردستان وسط لامبالاة كلية. إننا حقا أمام صفحة من التاريخ الإنساني (أو اللاإنساني) تواجه خطر الانقراض؛ مع هؤلاء اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في جبل سنجار الصخري، والذين ترمي المروحيات الأمريكية لهم بعبوات غذائية وزجاجات المياه.

عش لتصدق ذلك.. في أي قرن نحن؟

نشر يوم 27 غشت 2014

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي