غويتيسولو بالعربي.. عندما أجزى أشكُ في نفسي -الحلقة 26

07 أغسطس 2019 - 22:20

بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.

– يؤكد البعض أنك تهتم بمجموعة من الكتاب وتزدري الآخرين.

+ أنا لا أحتقر أي أحد. الوقت الذي أتوفر عليه حاليا قصير جدا، فأنا لم أعد أستطيع قراءة كتاب برمته إذا لم تثرني صفحاته الأولى. مع التجربة والسنوات، تحولت من قارئ إلى قارئ يعيد قراءة الأعمال التي قرأها.

– سمعت أنك تغتاب وتستهزئ بزملائك في ميدان الكتابة.

+ كيف يمكنني فعل ذلك إذا لم أكن أصلا أعرف التواصل عبر الأنترنت؟ زد على ذلك أن حتى أصدقائي الذين تراهم أمامك لا يتحدثون الإسبانية، وليست لديهم أدنى فكرة عن الكتاب الذين تتحدث عنهم. سيكون ذلك عبثيا وسخيفا مثل محاولة منع ما هو غير موجود أصلا.

– اتفقنا، لكن، أريد أن أسألك عن رأيك الشخصي في…

+ لست ممن يطلقون الكلام على عواهنه. أناقش فقط الكتاب الذين قرأت لهم، وليس الذين لا أعرفهم. نقد ما لم يقرأه أو قرئ بشكل متسرع أَتْرُكهُ لهواة الصالونات أو كتبة استعراض الكتب.

– يسجل عليك أيضا أنك تستهجن الجوائز، رغم أنك قبلت بعضها…

+ نعم، لأنه في إحدى المرات قلت إنه عندما أُمنحُ جائزة أشك في نفسي، لكن عندما أصنف شخصا غير مرغوب فيه، أشعر بأنني على صواب.

– حسنا، لقد رأيتك في التلفاز وأنت تصف الجائزة الوطنية للآداب الإسبانية، التي منحت لك، بالمصيبة.

+ لا أخفيك سرا إن قلت لك إنني أشعر بالتقزز والاشمئزاز عندما أسمع كلمة وطني. أن لست ملكا وطنيا، ولست ضد باقي الوطنيات (القوميات) بمختلف ألوانها. تجدر الإشارة إلى أنني رفضت جائزة واحدة مغرية ماديا بشكل كبير لأسباب شخصية.

– هل تأذن لي أن أسألك عنها؟

+ يتعلق الأمر بالجائزة التي منحتني إياها مؤسسة القذافي قبل سنوات، وكانت محاطة بالورود وورق السلوفان.

– يقولون إن المال لا لون له.

+ بالنسبة إلي: لا، المال له لون؛ وبالنسبة إلى آخرين: نعم، المال لا لون له.

– هل هو حكم أخلاقي؟

+ أنا لا أحاكم أي أحد. إنها مسألة حدس.

– هل صحيح ما يقال عن العلاقة السيئة التي تربطك بالصحافيين؟

+ نعم. مع البعض منهم فقط. لا يروقني أن يفرضوا علي وضعيات التصوير. مثلا، أن يقال لي: «عليك وضع اليد على الخد»، كما لو أنني أعاني آلام الأسنان، أو الجلوس على مقعد أمام مكتبة لكي أظهر موسوعية قراءاتي. لنكن واقعيين، أنا كاتب، ولست ممثلا سينمائيا.

– صديقي قال لي…

+ ركز معي، سأحكي لك طرفة. عندما كنت أعيش في باريس، زارني شاب أشقر ورشيق مثل الملائكة الذين يظهرون في رسومات عصر النهضة. أخبرني بأنه يعرف قصة صداقتي مع جان جينيه، وعرض علي بعض الصور التي التقطها له في ساحة عامة قبل وفاته بأيام قليلة. أثرت في هذه البادرة ودعوته إلى احتساء قهوة. وتحدث لي بعدها عن شغفه برولان بارت، وقال لي إنه صوره، أيضا، عشية اليوم الذي دهسته فيه حافلة. مباشرة تبادر إلى ذهني قصده من الحديث إلي، وعندما قال لي: «يشرفني أن ألتقط لك صورة»، رددت عليه في الحين بلا حازمة.

نشر يوم 30 غشت 2011

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي