العثماني يشهر ورقة الدين والملك ضد توصيات بوعياش

04 نوفمبر 2019 - 19:00

لم تمر سوى بضعة أیام على إصدار المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة تدعو إلى ضمان الحریات الفردیة وإدخال تعدیلات على مشروع القانون الجنائي تبیح الإجهاض والعلاقات الجنسیة خارج الزواج، وتجرم الاغتصاب الزوجي، حتى جاء الرد من سعد الدین العثماني، رئیس الحكومة والأمین العام لحزب العدالة والتنمیة، معلنا رفضه لهذا التوجه لأنه “یتجاوز الثوابت الوطنیة”، معتبرا خلال مداخلة له في اجتماع اللجنة الوطنیة لحزبه، أول أمس السبت، أن حزب العدالة والتنمیة له توجه واضح في “كل ما یتجاوز الثوابت
الوطنیة”، ومشیرا إلى الدعوات التي ارتفعت مؤخرا بشأن “الحریات الفردیة والإجهاض”.

ودون أن یشیر مباشرة إلى مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ذكر العثماني بأن موضوع الإجهاض على الخصوص، كان محل “توافق” بعد تشكیل لجنة صاغت مشروعا “أقره جلالة الملك”، وتم تضمینه في مشروع القانون الجنائي.

وأشار العثماني إلى أن عدة قطاعات أبدت رأیها في الموضوع، منها وزارة الأوقاف ووزارة الصحة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتساءل العثماني “هل سیكون علینا أن نعید تشكیل لجنة من جدید؟”، محذرا من أن “البعض یرید إعادة عقارب الساعة للصفر”، ومعتبرا أنه “لیس إیجابیا فك ما اتفقنا علیه”، بل إنه قال بأن حزبه لن یكون طرفا في أي محاولة لإعادة النقاش حول الإجهاض “ولن یسمح بذلك”، مشددا على أن التعدیلات التي أدخلت على مشروع القانون الجنائي، وتوجد حالیا في مجلس النواب، “تمت في إطار مرجعیة إسلامیة وطنیة”، وأن البیجیدي سیبقى، حسب قوله، “مدافعا عن المرجعیة الإسلامیة”، ودعا العثماني أعضاء حزبه وبرلمانیین .إلى “الاطمئنان”، وأن یكون ذلك “واضحا” عندهم.

ونصت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على السماح للحامل أن تقرر وضع حد لحملها إذا كان یشكل “تهدیدا لصحتها النفسیة والاجتماعیة”، شرط ألا تتعدى مدة الحمل ثلاثة أشهر، ما عدا في الأحوال الاستثنائیة التي یحددها الطبیب، وأن یُبین الأخیر للحامل مخاطر الإجهاض ُ المحتملة للعملیة ومنحها أسبوعا للتفكیر في وضع حد لحملها، وأن یتم السماح للطبیب الذي لا یرغب في القیام بعملیة الإجهاض بأن یمتنع عن ذلك، إلا في حال تعرض صحة المرأة الحامل لخطر محدق. ِوفي حالة وضعیة المرأة الحامل المصابة بمرض عقلي أوصى المجلس بعدم السماح للطبیب بوضع حد للحمل “إلا بعدما یتأكد قاضي الأسرة بشكل مستعجل من سلامة الوضع الذي تتم “فیه موافقة أو عدم موافقة الزوج على إجهاض زوجته، ویقرر ما یراه مناسبا لحمایتها.

ویأتي هذا الجدل في وقت تضمن مشروع القانون الجنائي المعروض أمام لجنة العدل والتشریع منذ سنة 2016 ، مقتضیات جدیدة بشأن الإجهاض، بتنصیصه على عدم معاقبة عدة حالات من الإجهاض، الأولى، في حالة الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا محارم، شریطة أن  یقوم به طبیب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة، وأن یتم قبل الیوم التسعین من الحمل، وأن یتم الإدلاء بشهادة رسمیة تفید فتح مسطرة قضائیة یسلمها الوكیل العام للملك المختص بعد تأكده من جدیة الشكایة. ثانیا، عدم معاقبة حالات الإجهاض التي تتعرض لها الحامل المختلة عقلیا، شریطة أن یتم من طرف طبیب في مستشفى عمومي، وأن یتم بموافقة الزوج أو أحد الأبوین إذا لم تكن متزوجة، وأن یتم قبل الیوم التسعین من الحمل، وأن یتم الإدلاء بما یفید الإصابة بمرض عقلي. ثالثا، عدم المعاقبة على الإجهاض في حالة ثبوت إصابة الجنین بأمراض جینیة حادة أو تشوهات خلقیة خطیرة غیر قابلة للعلاج وقت التشخیص. أما الحالة الرابعة، فهي حالة الإجهاض التي یتم فیها الحفاظ على صحة الحامل، شریطة أن یقوم به طبیب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة، وأن یتم الحصول على إذن
لجنة طبیة، إلا إذا كان هناك استعجال یتطلب تدخلا فوریا لإنقاذ حیاة الحامل بحیث یتم الاكتفاء برأي الطبیب المعالج.

ویظهر أن المذكرة التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان تخالف ما جاء في تعدیلات مشروع القانون الجنائي، لأنها تنص على السماح للحامل أن تقرر وضع حد لحملها إذا كان في استمراره “تهدید لصحتها النفسیة والاجتماعیة”، أي أن یكون من حق الحامل إسقاط حملها إذا لم تكن مستعدة له نفسیا أو اجتماعیا، وهو ما یرفضه البیجیدي.
ولیس موضوع الإجهاض وحده ما یثیر الجدل بین الإسلامیین والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بل أیضا دعوات هذا الأخیر إلى إلغاء تجریم العلاقات الجنسیة الرضائیة بین البالغین إلا عندما یرافقها عنف غیر مشروع. ودعوة المجلس إلى تجریم الاغتصاب الزوجي، أي معاقبة الزوج الذي یُكرِ زوجته على ممارسة الجنس، وكذا دعوته إلى إلغاء تجریم الجهر بإفطار رمضان وحذف عقوبة “زعزعة عقیدة مسلم”، من القانون الجنائي. كل هذه المواضیع یتحفظ علیها الإسلامیون، ما یندر أن معركة “الحریات الفردیة” قد اندلعت من جدید.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي