حمزة مون بيبي.. سيرة «حساب» عسير

19 يناير 2020 - 20:40

لم يعد “حمزة مون بيبي” مجرد حسابات جامحة مختصة في التشهير الإلكتروني بالفنانين والشخصيات العمومية، بل تحول إلى قضية رأي عام تجاوزت الحدود الوطنية. قصة الحسابات الوهمية الفضائحية، التي كان عدد متابعيها بالملايين، انتهت بخمسة ملفات أمام القضاء، يتابع فيها ثمانية متهمين، بينهم 6 في حالة اعتقال. واحد من بين هذه الملفات لازال موضوع تحقيق إعدادي بابتدائية مراكش ضد المغنية دنيا باطما وشقيقتها، الموضوعتين تحت المراقبة القضائية، وثلاثة أخرى معروضة حاليا أمام الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بالمحكمة عينها، فيما قضت هذه الأخيرة بإحالة ملف خامس على غرفة الجنايات باستئنافية المدينة ذاتها لعدم الاختصاص، معللة حكمها بأن الأفعال المرتكبة من طرف المتهم تعد جناية “اتجار في البشر”.

قبل إحالة الملفات الخمسة على القضاء، تولت، في البداية، كل من المصلحتين الولائيتين للشرطة القضائية بمراكش والدار البيضاء الأبحاث الأمنية المتعلقة بشكايات تقدم بها العشرات من ضحايا هذه الحسابات، التي شنت حملات تشهير عنيفة ضد العديد من المشاهير. لم تسفر الأبحاث الأمنية المنجزة عن توقيف أي مشتبه به في تسيير هذه الصفحات، فيما كانت أسماء مشاهير يجري تداولها بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أساس أنهم يقفون وراء الحسابات المذكورة، التي واصلت التشهير بضحاياها لمدة جاوزت السنتين، إلى أن تم وضع شكايتين جديدتين، في يوليوز المنصرم، تقدمت بالأولى المغنية سعيد شرف حول “تعرّضها للسب والشتم والطعن في وطنيتها”، والثانية، تقدم بها المركز الوطني لحقوق الإنسان في شأن “تعرّض رئيسه وبعض المحامين، من أعضاء مكتبه أو من الذين ينوبون عنه أمام المحاكم، بينهم نقيب سابق لهيئة المحامين بمراكش، للقذف والتشهير”، مهددا فيها بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر المديرية العامة للأمن الوطني بالرباط، ليتم تكليف الفرقة الوطنية بإجراء أبحاث تمهيدية في شأن الشكايتين المذكورتين.

وقد تمحورت الأبحاث والتحريات الأمنية المنجزة من طرف المكتب الوطني لمحاربة الجريمة المرتبطة بالتقنيات الحديثة، في البداية، حول “استهداف مجموعة من الأشخاص بالسب والقذف والتشهير، من خلال الحساب المحدث على تطبيقي “سناب شات” و”أنستغرام”، لتتناول، في مرحلة ثانية، “الابتزاز والمس بالحياة الخاصة للأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي”،إلى أن انتقلت إلى التحري في شأن “الاتجار في البشر والنصب والتهديد والابتزاز الجنسي”، وقد تم الاستماع خلالها إلى مجموعة من الضحايا والمصرحين، قبل أن يسقط أول مشتبه فيه، بتاريخ 20 غشت الفارط، بأكَادير وتكشف التحقيقات الأمنية معه عن معطيات مثيرة حول هذه الحسابات ومسيريها المفترضين، ليُلقى القبض، أسبوعين بعد ذلك، على مشتبه به ثان بمدينة القصر الكبير، ويتم وضعه تحت الحراسة النظرية، ابتداءً من مساء الأربعاء 4 شتنبر الماضي، ويعترف بأنه هو مسير أحد هذه الحسابات، وتوالى سقوط المشتبه بهم، الذين أجريت خبرات تقنية على هواتفهم وحواسيبهم المحجوزة في إطار الأبحاث التمهيدية، إذ تم توقيف ثلاثة آخرين في مراكش، وكان رجل أمن بالدار البيضاء هو آخر الموقوفين، بتاريخ 31 دجنبر الفائت.

وقبل سقوط آخر مشتبه فيه بأيام قليلة، اتسعت دائرة التحقيقات وبدأت تقترب من الرؤوس المدبرة المفترضة للحسابات، فقد استمرت التحقيقات الأمنية للمكتب الوطني لمحاربة الجريمة المرتبطة بالتقنيات الحديثة مع المغنية باطما وشقيقتها، طيلة خمسة أيام متواصلة، بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، قبل أن يجري لهما مسطرة التقديم أمام نائب وكيل الملك بابتدائية مراكش، صباح الاثنين 30 دجنبر المنصرم، الذي أحالهما على قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، ليتقرّر، لاحقا، إغلاق الحدود في وجهيهما، وسحب جوازي سفرهما، مع أدائهما كفالتين ماليتين كبيرتين، وصلت إلى 50 مليون سنتيم بالنسبة إلى المغنية، و30 مليون سنتيم لأختها.

اتساع دائرة التحقيقات الأمنية والمتابعات القضائية لم يبدد الغموض الذي ظل يكتنف قضية هذه الحسابات المثيرة، بدءاً من عدم استغلال نتائج الأبحاث الأمنية والخبرات التقنية التي أجرتها المصلحتان الولائيتان للشرطة القضائية بكل من مراكش والدار البيضاء، والتي كان من شأنها أن تمنع بعض المشتبه فيهم من مغادرة التراب الوطني، وانتظار وقت طويل لمتابعة مشتبه بهم آخرين رغم كفاية الأدلة والقرائن ضدهم، مرورا بالجدل القانوني الذي أثاره تكييف النيابة العامة للفعل الجرمي المرتكب في أول ملف محالٍ على المحاكمة، والأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق في ملفين اثنين، والتي ألغتها الغرفة الجنحية، وصولا إلى ملف أول متهم معتقل، والذي لازال يراوح مكانه تتقاذفه هيئتان قضائيتان بعد ست جلسات متواصلة…

من هو “حمزة مون بيبي”؟

“أنا مهندس معلوميات. عمري 32 سنة، من مواليد مدينة الرباط، وأصل عائلتي من “أبي الجعد”.. أعيش متنقلا بين مراكش ولندن.. أسافر كثيرا. أنا المُسيّر الوحيد لحسابات “حمزة مون بيبي”، خلافا لما يتم ترويجه من أن هذه الحسابات تسيرها مجموعة من الأشخاص.. هذه هي الحقيقة والباقي مجرد إشاعات للتشويش على مصداقيتي…”.. هكذا يُعرّف المسير المفترض لحسابات “حمزة مون بيبي” نفسه، في أول خروج إعلامي له بالموقع الإلكتروني “كيفاش”، وتابع بأنه لا يتوخى تحقيق أي منافع مادية، موضحا بأن الأرباح المالية للإشهار على حساباته يصرفها في أعمال الخير، وأن هدفه الوحيد هو تغيير مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي السائد في المغرب، وأن يفند أمام الشباب المغاربة المظاهر الخادعة للثراء الفاحش التي تحاول بعض الناشطات في هذه المواقع إبداءه، ووعد متابعيه، في الحوار الصحافي الذي أجري معه باللغة الدارجة، ونُشر بتاريخ 10 نونبر من 2018، بأنه سيظهر إلى العلن، عاجلا أم آجلا، وأنه لا يخشى من ذلك لأنه لم يرتكب جريمة قتل في حق أي شخص، خالصا إلى أن أصدقاءه المراكشيين يعرفونه جيدا، وأنه، خلال تلك الفترة، كان يفضل التواري عن الأنظار لأنه لا يحب الشهرة.

ولكن هل كان صاحب “حمزة مون بيبي” صادقا في الكشف عن هويته الحقيقية في هذا الحوار الصحافي؟ وهل هو الشخص نفسه الذي تتم متابعته حاليا أمام ابتدائية مراكش في أحد الملفات الخمسة؟ ثم ماذا كان يقول الأصدقاء المراكشيون لـ”حمزة مون بيبي” عنه، في الفترة التي كان يقضّ فيها مضاجع المشاهير؟ وماذا أصبحوا يصرحون به بعدما اشتد عليهم “خناق” التحقيقات الأمنية؟ وما هو أصل تسمية الحسابات المثيرة للجدل؟

الناشطة المراكشية بمواقع التواصل الاجتماعي”س.ج” (30 سنة)، الملقبة بـ”كَلامور”، المعتقلة احتياطيا في أحد الملفات المتعلقة بالحسابات، كانت من أبرز الأشخاص الذين كانوا لا يجدون أدنى حرج في ترديد اسم “حمزة مون بيبي”، خلال حواراتها “الصحافية”، على هامش بعض المناسبات العمومية التي كانت تظهر فيها متأنقة ومرتدية ملابس فاخرة، فقد صرّحت بلغة الواثقة من النفس في أحد الفيديوهات، التي ظهرت فيه، وهي ترتدي لباسا تقليديا (تكشيطة)، بأننا “لن نحتاج للذهاب إلى الكويت أو دبي ولا أمريكا لنكشف عن هوية حمزة مون بيبي.. لأنه موجود بجوارنا في مراكش”، وتابعت البلوغر، ابنة حي “القصبة” العتيق، والابتسامة تعلو محياها، كَلامور هي صاحبة “حمزة مون بيبي.. “عشيرتو، هي علاقة حب”..

أما بعد توقيفها بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، بتاريخ 25 غشت الفارط، واقتيادها إلى مقر الفرقة الوطنية، فقد تراجعت عن كل تصريحاتها السابقة، مؤكدة بأن هذه “الخرجة الإعلامية” لم تكن سوى زلة لسان، وأن هدفها من وراء ذلك، كان هو تحقيق الشهرة وخلق “البوز” BUZZ.

أما المتهم الثاني “ع.س” (29 سنة)، صاحب وكالة لكراء السيارات الفارهة، المتابع معها في حالة اعتقال في الملف نفسه، فقد كشف عن تفاصيل أكثر منها، إذ سبق له أن صرّح، في “حوار صحافي”، بأنه يرتبط بعلاقة صداقة افتراضية مع “حمزة مون بيبي”، الذي قال إنه يتحدر من الرباط، ويحب المراكشيين، ويسافر كثيرا إلى لندن، وتابع هذا الشخص، الذي ظهر في الفيديو نفسه، وهو على متن سيارة من نوع “فيراري”، بأن “حمزة” شخص ميسور ولا يحتاج إلى الابتزاز أو إلى مداخيل مواقع التواصل الاجتماعي، مرجحا بأن تكون حملات التشهير التي يقوم بها ضد مجموعة من الأشخاص إما أنها مجرد هواية يستمتع فيها بمهاجمة الآخرين، أو أن يكون هدفه هو تنقية المجتمع، مكتفيا بالإشارة إلى أنه ليس لديه جواب عن سؤال حول “تحدي صاحب الحساب للأجهزة الأمنية التي فشلت في الوصول إليه”، قبل أن يختتم الحوار بتوجيه المحاوَر و”الصحافي”، “م.ض” (39 سنة)، وهو بالمناسبة المتهم الثالث المتابع في حالة اعتقال في الملف عينه، التحية لـ”حمزة مون بيبي” والدعاء له بالتوفيق، مرددين شعار “اعطيه العصير في كأس كبير”.

أما بمقر الفرقة الوطنية، فقد كان الأمر مختلفا تماما، إذ تبرأ “مول الفيراري” من جميع تصريحاته “الصحافية”، مؤكدا بأن صديقه المراسل هو من قام بإعداد الأسئلة والأجوبة، وطلب منه أن يأتي على متن سيارة فارهة إلى الفندق الذي دار فيه الحوار بمراكش، وتابع بأنه تفاجأ بالعنوان المثير الذي وُضع لفيديو الحوار “حمزة مون بيبي مول الفيراري”، وقال إن ذلك أغضبه واتصل محتجا بالمراسل الصحافي، الذي طمأنه وأجابه بأن الغرض من ذلك كان هو جلب أكبر عدد من المشاهدين.

ونفى “ع.س” أن يكون سبق له التواصل مع “حمزة” هاتفيا أو عبر تقنية الفيديو، لافتا إلى أن علاقته معه كانت افتراضية، إذ كان يرسل إليه مقاطع فيديو خاصة به، وهو على متن سيارات فارهة لنشرها بالحساب بحثا عن الشهرة والتباهي في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الفيديوهات التي كانت تُبث بشكل مباشر عبر تقنية “LIVE”، وقد ظل يرسلها إليه رغم أن هذه الحسابات أصبحت موضوع بحث قضائي.

تحديد هوية “حمزة مون بيبي”

استمع المحققون إلى البلوغر “كَلامور” أربع مرات، كانت الأولى، بتاريخ 26 غشت الماضي فيما الأخيرة كانت بتاريخ 19 شتنبر المنصرم، وقد اعترفت بأنها كانت تجري محادثات هاتفية وعلى الواتساب مع المسير المفترض لأحد هذه الحسابات، موضحة بأن أول تواصل هاتفي بينهما كان، خلال شهر رمضان الأخير، فقد اتصل بها من رقم هاتفي مغربي معاتبا إياها، بلكنته الشمالية، على نشر صورة لمؤخرتها، في الشهر الفضيل، خلال إجرائها لعملية جراحية تجميلية لتكبير الأرداف.

وعندما واجهها المحققون برقم هاتفي مسجل بلائحة أصدقائها باسم “أدمين حمزة مون بيبي”، أقرّت بأن مسير حسابADMIN HAMZA MONBB، هو “علاء.ب”، وعند مواجهتها برقم آخر في لائحة أصدقائها يحمل اسم “حمزة مون بيبي”، برمز للهاتف الدولي للمملكة المتحدة، زعمت بأنها تجهل مستعمله، في الوقت الذي قالت إن مسير الحساب سبق له أن أخبرها بأنه يتوفر على وكالة للأسفار والسياحة في لندن، معبّرا لها عن استعداده بأن يحجز لها غرفة في أحد الفنادق بمدينة الضباب.

لم تكتف الضابطة القضائية بالقرائن، فقط، فقد كانت تحتاج إلى أدلة دامغة، ولذلك وجّهت كتابا لشركة للاتصالات من أجل تحديد هوية مستعمل الرقم المذكور، وجاء الرد محددا نوع الهاتف OPPO مسجل باسم شخص يُدعى “علاء.ب”، ومشيرا إلى رقم بطاقته الوطنية، لتُجرى عملية تنقيط أمني بالناظم الآلي للمديرية العامة للأمن الوطني، أسفرت عن تحديد هويته، ليتضح بأن الأمر يتعلق بالشخص نفسه، المزداد في سنة 1988 بمشرع بلقصيري، وهو عاطل عن العمل، ويقطن بمدينة القصر الكبير، كما تم توجيه كتاب آخر إلى شركات تحويل الأموال، لتتوصل الشرطة بردّ من شركتين يوضحان فيه بأنه استفاد من 40 حوالة مالية بين سنتي 2013 و2019 بلغت قيمتها الإجمالية 50650 درهما (أكثر من 5 مليون سنتيم) مرسلة إليه من طرف مجموعة من الفتيات من داخل التراب الوطني.

انتقل محققو المكتب الوطني إلى مدينة القصر الكبير وأوقفوا “علاء”، الذي نفى، في البداية، أي علاقة له مع حسابات التشهير”حمزة مون بيبي”، وقال إن الحوالات توصّل بها كمساعدات مادية من طرف صديقاته بحكم كونه عاطلا عن العمل، كما تم استفساره عن هاتفه من نوع OPPO، فصرّح بأنه عندما علم عن طريق والدته بأن الشرطة تبحث عنه، توجس خيفة من احتفاظه بهاتفه، فعمد إلى التخلص منه في البحر بالشريط الساحلي لمدينة العرائش، بسبب احتوائه على صور حميمة لفتيات، وبعد ربط الضابطة القضائية الاتصال بنائب وكيل الملك بمراكش، أمر بإخلاء سبيله مع إغلاق الحدود في وجهه، ابتداءً من تاريخ 30 شتنبر الماضي، من أجل مواصلة البحث معه.

“علاء”.. أول المحالين على المحاكمة

بناءً على هذه التصريحات الصادمة، تم توقيف “علاء”، مجددا، بالقصر الكبير، بتاريخ 4 شتنبر المنصرم، وتم إخضاعه لبحث معمق وُوجه خلاله باتهامات الفتيات الأربع، ليعترف بأنه هو مسير حساب “أدمين حمزة مون بيبي”، ويتم وضعه تحت الحراسة النظرية، التي تم تمديدها لمدة 24 ساعة إضافية، قبل أن يتم التنسيق مع النيابة العامة، ممثلة في القاضي غالي فضيلي، نائب وكيل الملك لدى ابتدائية مراكش، الذي أمر بربط الاتصال بالنيابة العامة باستئنافية المدينة عينها من أجل الاختصاص لوجود شبهة الاتجار بالبشر، وعلى أساس ذلك تم الاتصال بالنائب الأول للوكيل العام، القاضي عبدالعزيز الناجي، الذي أعطى تعليماته بإجراء مسطرة تقديمه أمام النيابة العامة بالاستئنافية المذكورة، في حالة اعتقال، بينما أمر بتقديم المصرحة في محضر الضابطة القضائية “ز.ز” في حالة سراح، والتي كانت التحقيقات الأمنية خلصت إلى أنها ضحية كان المشتبه فيه يتاجر فيها ويستغلها جنسيا ويُكرِهُها على ممارسة الدعارة وتسليمه المبالغ المالية المتحصلة من ذلك، وهو ما نتج عنه حمل، ناهيك عن استغلاله مواد إباحية حصل عليها من هاتفها المحمول، مع استغلال ذلك عبر وسائل التواصل والاتصال المعلوماتي، مما ترتب عنه سلب إرادتها وحرمانها من حرية تغيير وضعها وإهدار كرامتها الإنسانية، مقابل تلقيه لأجر مادي عن ذلك.

وتابعت الضابطة القضائية، في استنتاجاتها، بأن المشتبه فيه كان يطالب الضحية بتصوير نفسها وهي عارية وإرسال هذه الصور إليه تحت وطأة التهديد، وهو ما دفعها إلى ممارسة الجنس معه لمرتين، الأولى، بمنزل عائلته بالقصر الكبير، والثانية بإحدى الشقق بمارتيل، مهددا إياها بنشر صورها في الحساب الذي أكدت الضحية بأنه هو من كان يسيره.

وبالرغم من كل الأدلة والقرائن التي أنتجها البحث التمهيدي، فقد كان للنيابة العامة رأي آخر، وقرّرت إسقاط جناية “الاتجار بالبشر” عن المشتبه فيه، وإعادة تقديمه أمام أحد نواب وكيل الملك لدى ابتدائية مراكش، الذي أحاله، في حالة اعتقال، على المحاكمة مباشرة من دون إجراء تحقيق إعدادي ضده كما حدث مع المتهمين السبعة الباقين، متابعا إياه بجنح “انتحال صفة نظمها القانون، النصب ومحاولة النصب، والتهديد بإفشاء أمور شائنة، الفساد والتحريض عليه، التغاضي عن ممارسة الدعارة، الوساطة فيها، وأخذ نصيب مما حصل عليه الغير منها، إجهاض ومحاولة إجهاض امرأة بواسطة عقاقير، التهديد، القيام عمدا بأي وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية أو بالتقاط أو بث أو توزيع أقوال خاصة أو معلومات بدون موافقة أصحابها، توزيع ادعاءات كاذبة قصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم”.

وبعد جلسات عديدة، عاد الملف إلى نقطة البداية،بعد أن قضت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بالمحكمة نفسها، بتاريخ 16 دجنبر الفارط، بعدم الاختصاص النوعي وإحالة المتهم على غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية المدينة، معللة حكمها بأن الأفعال المرتكبة من طرف المتهم، والتي أكدتها شهادات الضحايا المفترضات أمامها، تعد جناية “اتجار في البشر”.

“القرصان”.. أول الموقوفين

مثل هرم مصنوع من أوراق اللعب، ما إن تسقط إحداها حتى تتهاوى الباقية تباعا، فقد جاء توقيف “علاء.ب”، المسير المفترض لأحد الحسابات، بناءً على معاينة أولية لهاتف “كَلامور”، أما هذه الأخيرة، فقد كان سقوطها إلى جانب المتهمين الآخرين المعتقلين معها احتياطيا بسبب ما أنتجته التحقيقات الأمنية من “علاقتهم الوطيدة” مع أول مشتبه فيه يتم توقيفه، وهو طالب ينحدر من أكَادير، يبلغ بالكاد 21 سنة، والذي أنتجت الأبحاث الأمنية والقضائية أدلة كافية على أنه كان يتعاطى قرصنة حسابات المشاهير، ولكن كيف جاء سقوط القرصان المفترض؟

تقدمت المغنية سعيد شرف بشكاية للقضاء حول تعرّضها لحملة تشهير وسب وقذف وصلت لحد الطعن في وطنيتها، متهمة عدة أشخاص، بينهم دنيا باطما وشقيقتها والصحافي “م. ب”، القاطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ومصممة الأزياء “ع.ع”، المقيمة بدبي، و”كَلامور” بأن لهم علاقة مباشرة بهذه الحسابات المثيرة للجدل.

أدلت شرف بمعلومة من ذهب لمحققي المكتب الوطني لمحاربة الجريمة المرتبطة بالتقنيات الحديثة، فقد صرحت بأنها تشتبه في علاقة طالب من أكَادير، يدعى “أ.ج”، بالحسابات المذكورة، موضحة بأنه سرّب معلومات ومعطيات شخصية عنها تم نشرها في تلك الحسابات الوهمية، بعدما كانت زودته بوثائق وصورها الشخصية لاسترجاع حسابها على “أنستغرام” بمقابل مالي وصل إلى 2000 درهم.

أوقفت الشرطة الطالب، بتاريخ 20 غشت المنصرم، في مسقط رأسه واقتادته لمقر الفرقة الوطنية بالدار البيضاء، وبعد مراقبة أولية لهاتفه المحمول، تبين بأن المشتبه به أجرى محادثات مطولة مع ابتسام باطما على الواتساب، طالبته فيها بقرصنة حسابات بمواقع التواصل الاجتماعي، كما صرح تمهيديا بأن البلوغر  “كَلامور” ترتبط بعلاقة وطيدة مع مسير حساب “حمزة مون بيبي”. وعلى إثر توجيه مراسلة من الشرطة إلى شركات تحويل الأموال، تبين بأن المشتبه فيه توصل بـ 48 حوالة مالية تتجاوز  قيمتها المالية الإجمالية 23 مليون سنتيم، مرسلة إليه من المغرب ومن دول الخليج العربي، خاصة من الإمارات العربية المتحدة والسعودية، توصل بها من لدن عدة أشخاص، بينهم “ن.أ”، المعروفة بلقب “باربي”، التي استمعت إليها الشرطة بشأن تحويلاتها المالية إلى المشتبه فيه، والتي وصلت إلى 14000 درهم، فصرّحت بأنه كان مكلفا بالتسيير والصيانة التقنية لحسابها على موقع “أنستغرام”، مقابل 2500 درهم شهريا، قبل أن تكشف المعاينة التقنية الأولى لهاتفها بأنها أجرت معه محادثة تعهّد لها فيها بحماية حسابها من القرصنة من طرف “حمزة مون بيبي”، الذي أخبرها بأنه على معرفة به، بل أكد لها بأنه يتوفر على رقم هاتفه المحمول.

وبعد تقديمه أمام نائب وكيل الملك بمراكش، بتاريخ 23 غشت الماضي، قرر هذا الأخير إحالته على قاضي التحقيق، الذي خلص بعد أكثر من شهرين من التحقيق الإعدادي، إلى أن المتهم المذكور كان “يتعاطي قرصنة الحسابات، ثم يقوم بعد ذلك بعملية استرجاعها بمقابل مادي (…) وحيث إن ما قام به المتهم من خلال تقديمه يد المساعدة للفاعل الرئيس، وهو مسير حساب حمزة مون بيبي، الذي قام بالدخول وقرصنة حسابات عدة أشخاص والتشهير بهم وتعريضهم للقذف وابتزازهم والحصول من وراء ذلك على منافع مالية يشكل مشاركة في الفعل الجرمي، مما يتعين معه متابعته من أجل ذلك”، قبل أن يحيله على المحاكمة، في حالة اعتقال، أمام الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش، متابعا إياه، بمقتضى الأمر الصادر عنه بتاريخ فاتح نونبر المنصرم، بجنح: “المشاركة في دخول نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال، المشاركة عمدا في عرقلة نظام المعالجة الآلية للمعطيات وإحداث خلل فيه، المشاركة في إدخال معطيات في نظام المعالجة الآلية للمعطيات وإتلافها وتغيير طريقة معالجتها عن طريق الاحتيال، التهديد بإفشاء أمور شائنة والمشاركة في ذلك، القيام عمدا ببث وتوزيع أقوال ومعلومات صادرة بشكل خاص دون موافقة أصحابها والمشاركة فيها، والمشاركة في بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة قصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم”.

ملف “يتقاذفه” قاضيان

لم يكن ملف “القرصان” أحسن حالا من ملف المسير المفترض للحساب، فبعد فبعد ست جلسات متوالية، قررت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش، برئاسة القاضي فؤاد حلبي، الاثنين الفارط (13 يناير الجاري)، إرجاع ملفه إلى هيئة الحكم الأصلية (هيئة الثلاثاء) التي كان تبت فيه سابقا، برئاسة القاضي عادل عبلة، والتي كانت عقدت أول جلسة، بتاريخ الثلاثاء 12 نونبر المنصرم، واستمرت تبت في الملف إلى غاية الجلسة الرابعة، التي التأمت الثلاثاء 24 دجنبر الماضي، وتقرّر خلالها إحالة الملف على “هيئة الاثنين”، بسبب وجود علاقة مصاهرة بين القاضي عبلة ومحام يؤازر المتهم، تطبيقا للمادة 25 من النظام القضائي، التي تنص على أنه “لا يسوغ لأي قاض يكون أحد أقاربه أو أصهاره إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء الإخوة محاميا لأحد الأطراف أن ينظر في ذلك النزاع وإلا اعتبر الحكم أو القرار باطلا”.

وقد عُرضت القضية على القاضي حلبي، مرتين، الأولى خلال جلسة الاثنين 30 دجنبر الفارط، وتقرّر خلالها إعادة استدعاء الطرف المشتكي، ممثلا في المغنية سعيدة شرف ومحمد المديمي، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، و”م.م”، المدير العام السابق لفندق “سوفيتيل” بأكَادير، الذي وجد نفسه مطرودا من عمله، بعد أن تعرّض للتشهير على صفحات أحد هذه الحسابات، (تقرّر استدعائهم) للجلسة السادسة المنعقدة الاثنين الفارط، قبل أن يقرّر خلالها القاضي حلبي إحالة الملف، مجددا، على القاضي عبلة، لجلسة الثلاثاء المقبل (21 يناير الحالي)، رغم أن المحكمة تتوفر على ثلاث هيئات أخرى يمكنها البت في الملف.

“كَلامور” ومن معها

بعد نحو ثلاثة أسابيع من التحقيقات الأمنية المتواصلة، وإجراء خبرات تقنية على هواتفهم أكدت تواصلهم الدائم مع مسير أحد الحسابات حول الضحايا وطرق التشهير بهم، أجرى المكتب الوطني لمحاربة الجريمة المرتبطة بالتقنيات الحديثة، بتاريخ السبت 21 شتنبر الفارط، مسطرة التقديم أمام النيابة العامة بابتدائية مراكش، في حالة اعتقال، لكل من “كَلامور” و”م.ض”، مراسل جريدة إلكترونية وطنية، و”ع.س”، مالك وكالة لكراء السيارات، وأحالهم على قاضي التحقيق خلال اليوم نفسه.

استمر التحقيق الإعدادي حوالي ثلاثة أشهر، قبل أن ينتج أدلة كافية على ارتكابهم لجنح “المشاركة في القيام بواسطة الأنظمة المعلوماتية ببث وتوزيع صور أشخاص وأقوالهم دون موافقتهم، المشاركة في توزيع ادعاءات كاذبة قصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم، النصب، محاولة الحصول على مبالغ مالية بواسطة التهديد بإفشاء أمور شائنة، والمشاركة في دخول نظام المعالجة الآلية للمعطيات الإلكترونية عن طريق الاحتيال وإحداث اضطراب في سيرها”، محيلا إياهم على المحاكمة.

واستدل قاضي التحقيق على ارتكابهم للتهم المذكورة باعترافاتهم التلقائية، أمام الضابطة القضائية وخلال مرحلة التحقيق الإعدادي، بالتواصل مع مسير الحساب، واستند إلى إفادات الشهود والضحايا في استنتاجه بأن المتهمين الثلاثة قدموا مساعدة للفاعل الرئيس، وهو مسير “حمزة مون بيبي”، الذي قام بقرصنة حسابات العديد من الأشخاص والتشهير بهم وابتزازهم، ومن بين هذه الشهادات تصريح مستخدمة بأحد الملاهي الليلية بأن “كَلامور” أخبرتها بأن مسير الحساب في حاجة إلى مبالغ مالية مقابل وقف الحملة ضد مشغلها، وكذلك إفادة نجم مواقع التواصل الاجتماعي “ن. ل”، المشهور بلقب “نيبا”، الذي أكد بأن المراسل الصحفي كان يصوره خفية ويقوم بنشر الفيديوهات على قناته بموقع “يوتيوب” ويستفيد من مبالغ مالية على حسابه،وأن الأمر وصل حد نشر صور خاصة بابنة نيبا، الذي أضاف بأن صديقه المراسل هو من أخبره بأن حساب “حمزة مون بيبي” متخصص في التشهير بالأشخاص، وأنه يرتبط بعلاقة صداقة مع مسيره، مضيفا بأن المراسل سبق له أن صوّره شخصيا بهاتفه المحمول وطلب منه أن يقدم التحية لصاحب الحساب، فيما اعتبر المراسل ما صرّح به “نيبا” مجرد ادعاءات كاذبة، مرجعا إياها إلى نزاع قضائي بينهما حول عقد سبق له أن أبرمه معه لبث فيديوهاتهما على قناة المراسل التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية.

صاحب ملاهٍ تحت الضغط

تصريحات مثيرة توضح حجم الضغط الذي كان يتعرض له بعض المستهدفين من حسابات”حمزة مون بيبي” وفائض القوة الذي أصبح يتمتع به بعض المتهمين بمساعدة مسير هذه الحسابات، فقد استمعت الضابطة القضائية، ثلاث مرات، لـ”ع.ب”، مسير حانات ملاهٍ ليلية بمراكش، كان آخرها بتاريخ 19 شتنبر الماضي، وأوضح بأنه تعرّض، ابتداءً من يونيو المنصرم، لحملة تشهير عنيفة على الحساب طالت أسرته وشركته، قبل أن يتصل بالمراسل الصحفي طالبا منه أن يتدخل لدى صديقه “ع.س”، الذي سبق له أن أجرى معه حوارا في أحد فنادقه وتم تقديمه على أنه صاحب الحساب، وهو وقد نجحت وساطته في حذف الصور والكلمات النابية المسيئة له في غضون دقائق قليلة،وكان يلجأ للمراسل كلما عاود الحساب شن حملة ضده.

وإذا كان الشخص المذكور أنكر ما توصلت إليه التحقيقات الأمنية من أنه عرض مبلغا ماليا قدره 50 مليون سنتيم، مقابل وقف حملة التشويه التي كانت تستهدفه، فإنه اعترف، في المقابل، بأنه كان يتعرض لضغوط من طرف المتهمين الثلاثة، من قبيل مطالبته من طرف “كَلامور” بأن يتقدم بشكاية للقضاء ضد غريمتها مصممة الأزياء “سلطانة”، أشهر ضحايا الحساب، يزعم فيها بأن هذه الأخيرة هي من تقف خلف حملة التشهير ضده بمواقع التواصل الاجتماعي من أجل توريطها قضائيا، وهو ما استجاب له، حيث كلف محاميا برفع دعوى، وأرسل صورة من الشكاية إلى كَلامور التي أخبرته بأنها سترسلها لصاحب الحساب، كما سبق للمراسل أن طالبه بنبرة تهديدية بضرورة منع بعض الأشخاص من دخول محلاته، ويتعلق الأمر بكل من “سلطانة” بمبرر أنها تهاجم أشخاصا عبر الانترنيت، و مواطن لبناني بذريعة أنه شيعي المذهب، كما دعاه إلى أن يحث بعض مرتادي محلاته على عدم توجيه السباب والشتائم لمسير “حمزة مون بيبي”، أما مالك وكالة كراء السيارات، فقد سبق له أن حلّ بأحد محلاته برفقة مواطنين إيطاليين وطلب منه بأن يخصص له قاعة بأحد فنادقه من أجل إقامة معرض لساعات إيطالية الصنع، وهو ما قال إنه اضطر للموافقة عليه خشية تعرّضه لحملة تشهير جديدة على الحساب.

جدل قانوني

ملف “كَلامور” ومن معها أثار بدوره جدلا قانونيا، فبعدما التمس نائب وكيل الملك من قاضي التحقيق، محمد صابري، إجراء تحقيق إعدادي ضدهم، مع متابعتهم جميعا، في حالة اعتقال، كان لهذا الأخير تقدير قانوني مخالف، فقد رفض تأييد ملتمس النيابة العامة وقرّر إخلاء سبيلهم، مكتفيا بوضعهم تحت المراقبة القضائية، بإغلاق الحدود في وجههم، وحجز جوازات سفرهم، ووضع كل واحد منهم كفالة مالية، حددها في 6 ملايين سنتيم بالنسبة إلى صاحب وكالة كراء السيارات، و4 ملايين سنتيم للمراسل الصحافي، ومليوني سنتيم للبلوغر، ولم يكد يمر أقل من شهر حتى قضت الغرفة الجنحية باستئنافية المدينة، باعتبارها الهيئة القضائية الموكول إليها قانونيا الفصل في الاستئنافات المرفوعة ضد أوامر قضاة التحقيق، (قضت) بإلغاء الأمر الصادر عن قاضي التحقيق، وإيداعهم سجن “الأوداية” على ذمة التحقيق الإعدادي، بناءً على طعن بالاستئناف تقدمت به النيابة العامة.

أول المدانين شرطي

بعد محاكمة استغرقت بالكاد ثلاث جلسات، أدانت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش، مساء أول أمس الخميس، بعشر أشهر نافذة وغرامة نافذة قدرها ألفي درهم رجل أمن، برتبة مفتش شرطة، متابع، في حالة اعتقال، في أحد الملفات المتعلقة بحسابات “حمزة مون بيبي”، بجنح:”الارتشاء،إفشاء السر المهني، والمشاركة في توزيع ادعاءات كاذبة قصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم”، على خلفية الاشتباه في علاقته بمصممة الأزياء”ع.ع”، المقيمة في دبي بالإمارات العربية المتحدة، والتي أنتجت الأبحاث الأمنية والقضائية المنجزة في الملفات الخمسة المتعلقة بالقضية نفسها، أدلة وقرائن كافية على أنها من المسيرات المحوريات للحسابات المذكورة.

وبعد مرور أكثر من سنة على صدور تقرير للخبرة التقنية التي سبق للمختبر الجهوي لتحليل الآثار الرقمية بمراكش أن أنجزها، بتاريخ 19 دجنبر من 2018، على هاتف المصممة المذكورة، فتح المكتب الوطني لمحاربة الجريمة المرتبطة بالتقنيات الحديثة تحقيقا مع مفتش الشرطة، الذي يعمل بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، والذي كان رقمه الهاتفي مسجلا في لائحة أصدقائها باسم “كوميسير سعد”.

واجه المحققون رجل الأمن المشتبه فيه “س.ع” (33 سنة)، بقرائن وأدلة على الاشتباه في إدلائه بمعطيات عن الأبحاث التمهيدية التي كانت تجريها المصلحة التي كان يعمل بها، في شأن شكايات متبادلة بين “ع.ع” وبين مصممة الأزياء والناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي “س.ب”، المشهورة بلقب “سلطانة”، وتصويره لشريطين يوثق أحدهما لمغادرة هذه الأخيرة لمقر ولاية الأمن بالدار البيضاء، والثاني للحظة دخولها المحكمة الابتدائية الزجرية بالمدينة نفسها، وهما الشريطان اللذان تم نشرهما بأحد حسابات “حمزة مون بيبي”، كما واجهوه بتسجيل صوتي لمحادثة جمعته مع “ع.ع”، التي عرضت عليه فيه بأن تجلب له قارورة عطر من الإمارات، وهو العرض الذي قبله ليخبرها بنوع العطر الذي يفضله.

وقد خلص البحث التمهيدي إلى أن تورط المفتش يبقى ثابتا، مستدلا على ذلك برسائله النصية المتبادلة مع “ع.ع”، التي أخبرها فيها بوجود “سلطانة” بمقر ولاية الأمن، حيث تم تصوير هذه الأخيرة وهي تغادره، وعرض العطر الذي قبله، قبل أن يتم نشر الفيديو في الحساب، فضلا عن تسجيل صوتي مستخرج من هاتف المصممة المقيمة في دبي، تقرّ فيه بأنها تتواصل معه، وأنه أدلى لها بمعلومات حول الشكاية الموضوعة ضدها.  وقد تم وضع رجل الأمن المذكور تحت الحراسة النظرية، ابتداءً من مساء الثلاثاء 31 دجنبر المنصرم، ليتم تقديمه، صباح الخميس 2 يناير الجاري، أمام نائب وكيل الملك لدى ابتدائية مراكش، الذي أحاله على المحاكمة، خلال اليوم نفسه، متابعا إياه بجنح: “الارتشاء، إفشاء السر المهني، والمشاركة في توزيع ادعاءات كاذبة قصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم”.

ولم يكن هذا الملف بمنأى عن الجدل القانوني بدوره،فثمة العديد من الأسئلة التي تُطرح حول السر الكامن وراء عدم استغلال نتائج الأبحاث الأمنية التي أجرتها الشرطة القضائية بمراكش بشأن شكاية من “سلطانة” تتهم فيها “ع.ع” بأنها الرأس المدبر لحسابات “حمزة مون بيبي”؟ ولماذا سُمح لهذه الأخيرة بمغادرة التراب الوطني دون اتخاذ أي إجراء للمراقبة القضائية ضدها رغم أن الخبرة التقنية المنجزة على هاتفها المحمول أنتجت أدلة كافية ضدها؟ ولماذا تم انتظار أكثر من سنة ليتم إصدار مذكرة بحث دولية ضدها؟ وكيف تأخرت متابعة رجل الأمن لأكثر من سنة رغم كفاية الأدلة والقرائن ضده؟

أصل التسمية

إلى جانب هذه الأسئلة ذات الطابع القانوني، تُطرح أسئلة أخرى متعلقة بأصل تسمية هذا الحساب الذي بدأ صغيرا، قبل سنتين، على تطبيق “سناب شات”، ليصل عدد متابعيه إلى نحو مليون شخص في أقل من سنة على إطلاقه، لتتناسل، بعد ذلك، حسابات “حمزة مون بيبي” على تطبيقي “سناب شات” و”أنستغرام” وتتسع دائرة ضحاياها. وقد رجحت مصادر مطلعة على القضية بأن يكون أصل التسمية راجعا إلى قصة طريفة مفادها أن أحد الأشخاص الذي يزعم الحساب بأنه كان على علاقة بإحدى الضحايا التي استهدفتها حملات التشهير، وكانت تناديه تحببا “حمزة مون بيبي”، قبل أن يتم إطلاق عبارتها المتوددة على الحساب نكاية فيها.

وإذا كانت العديد من المعلومات التي أدلى بها “حمزة مون بيبي”، في أول خروج إعلامي له، بدت متطابقة إلى حد كبير مع ما كشفته التحقيقات الأمنية والقضائية المنجزة بعد مرور حوالي سنة على إجراء الحوار المذكور، فإن جزمه بأنه المسير الوحيد للحسابات لم يكن صائبا، وبدت تصريحات بعض الضحايا المؤكدة بأن للحسابات عدة مسيرين يتوفرون على كلمة المرور إليها، هي الأقرب للحقيقة، فقد تم إغلاق هذه الحسابات، مطلع شتنبر الماضي، قبل أن تعود للظهور، مجددا، أياما قليلة بعد ذلك، حتى وإن كان مسيرها المفترض قابعا وقتئذ في سجن “الأوداية”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احمد منذ 4 سنوات

يمهل ولا يهمل.لي فرط يكرط.....

التالي