اجتهاد لإدارية مكناس.. القضاء يحجز على ممتلكات المؤسسات العمومية

25 يناير 2020 - 10:40

بعد أسابيع قليلة عن دخول قانون المالية لسنة 2020 حيز التنفيذ، يتواصل الجدل حول مضامين المادة الـ9 من القانون نفسه، حيث أعاد قرار للمحكمة الإدارية بمكناس النقاش إلى نقطة الصفر، بعدما أصدر المستشار في المحكمة نفسها، عبد الله بونيت، الأربعاء الماضي، في أول تطبيق قضائي للمادة الـ9 من قانون المالية الجديد المثير للجدل بالمغرب، أمرا استعجاليا قضى بالحجز على أموال الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة «درعة–تافيلالت»، لفائدة شركة خاصة لها مستحقات مالية على ذمة أكاديمية وزارة أمزازي، تزيد على 80 مليون سنتيم، حيث لم تأخذ المحكمة بعين الاعتبار قانون المالية الذي يمنع الحجز على أموال الدولة، تورد مصادر الجريدة.

وحسب المعلومات التي حصل عليه « اليوم 24 » من مصدره القريب من الموضوع، فإن إحدى الشركات حصلت، خلال شهر أكتوبر من العام الماضي، على حكم قضائي قضى لها بمبلغ مالي قدره 806 آلاف درهم في مواجهة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة «درعة-تافيلالت»، الكائن مقرها بمدينة الراشيدية، يخص أشغالا أنجزتها الشركة لفائدة أكاديمية وزارة أمزازي. 

وعند مباشرة الشركة أخيرا إجراءات تنفيذ هذا الحكم، امتنع مدير الأكاديمية، علي براد، عن أداء ما بذمة إدارته بحجة أن الأداء يكون في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية، طالبا من الشركة انتظار برمجة ديونها في ميزانية السنوات اللاحقة، وهو ما رفضته الشركة التي قررت يضيف المصدر نفسه- طرق باب القضاء الإداري، حيث رفعت دعوى أمام المحكمة الإدارية بمدينة مكناس، والتي توجد في دائرتها القضائية الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالراشيدية.

من جهته، قال محامي أكاديمية جهة « درعة-تافيلالت »، في رده الكتابي على المقال الافتتاحي للدعوى الاستعجالية، التي رفعتها ضدها الشركة، طالبة من المحكمة الإدارية بمكناس استصدار قرار الحجز على أموالها لدى الخازن الإقليمي بالراشيدية، إن الأكاديمية دفعت بعدم إمكانية إيقاع الحجز على أموالها، وأشهرت في وجه المحكمة والجهة المدعية مقتضيات المادة الـ9 من قانون المالية الجديد لسنة 2020، والتي تنص على حظر حجز أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية، حيث التمست أكاديمية الراشيدية من المحكمة رفض طلب الشركة، كما جاء في مذكرتها الكتابية، التي تقدم بها دفاعها.

رد المحكمة على الدفع الذي تقدمت به الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، والمتعلق بعد جواز الحجز على أموالها، جاء في القرار الاستعجالي الذي أصدره المستشار المقرر بالمحكمة الإدارية بمكناس، عبد الله بونيت، حيث أوضح أن « المشرع حين منع إيقاع الحجز بصريح المادة الـ9 من قانون مالية 2020، والذي دخل حيز التنفيذ، حصر هذا المنع بالنسبة في أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها فقط’، فيما استثنت المادة الـ9، كما جاء في تفسير القاضي، باقي المؤسسات العمومية الأخرى التي تدخل ضمنها الجهة المدعى عليها، وهي الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة « درعة-تافيلالت ».

وبناء عليه، يضيف حكم القاضي، حسب منطوق قرار الاستعجالي، قررت المحكمة الأمر بالحجز لدى الخازن الإقليمي بالراشيدية على أموال الأكاديمية الجهوية لوزارة أمزازي، واستخلاص مبلغ الدين الثابت ومستحق الأداء، ووضعه بصندوق رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية بمكناس، لتسليمه للشركة المدعية تنفيذا لقرار المحكمة الاستعجالي، والمشمول بالنفاذ المعجل، كما جاء في قرار قاضي المحكمة الإدارية بمكناس الصادر أول أمس الأربعاء، حسب ما قاله المصدر القريب من الموضوع للجريدة.

قرار المحكمة الإدارية بمكناس اعتبره المتتبعون من رجال القانون سابقة من نوعها، بعد دخول « القانون المثير للجدل بالمغرب حيز التنفيذ »، حيث تكمن أهميته، حسب مصدر قضائي، في أنه يُقر بمبدأ إمكانية الحجز على أموال المؤسسات العمومية بالمغرب، رغم أن قانون المالية لسنة 2020 يمنع الحجز على أموال الدولة.

لكن المحكمة الإدارية لمكناس كان لها تفسيرها الخاص للمادة الـ9 من قانون المالية، حيث اعتبرت مقتضيات المادة المذكورة تقتصر على حظر الحجز على أموال الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها، ما جعل قاضي مكناس ينتصر لصالح استمرار قاعدة الحجز على أموال المؤسسات العمومية، التي استثنتها، حسب القاضي، التعديلات الجديدة التي صوت عليها البرلمان بخصوص المادة الـ9، ما سيفتح النقاش العمومي من جديد بخصوص هذه المادة التي يتواصل حولها الجدل الواسع بالمغرب، خصوصا أن العديد من المؤسسات العمومية باتت بسبب قرار المحكمة الإدارية بمكناس مهددة بالحجز على أموالها لفائدة الدائنين، الذين سيسلكون المسطرة القضائية ذاتها لمواجهة ظاهرة تماطل الإدارات العمومية في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي