البراءة لعميد وضابط في قضية نجل أحد أثرياء طنجة اتهم بسرقة نعل من مسجد

31 يناير 2020 - 21:00

طوت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بطنجة، خلال جلسة، الثلاثاء الماضي، ملف المتابعة في حق (ع د–ب) عميد أمن كان يشغل منصب رئيس الدائرة السادسة في منطقة أمن بني مكادة،  قبل انتقاله إلى ولاية أمن فاس، ونائبه ضابط أمن ممتاز، (س-ر)، حيث قضت هيئة المحكمة بالبراءة في حق كل واحد منهما في التهم الموجهة لهما، ورفضت ملتمس ممثل النيابة العامة، ودفاع المشتكي في قضية «اعتقال فتى قاصر بشكل تحكمي أثناء مزاولة عملهما».

ويبدو أن أعضاء هيئة الحكم بعد المداولة، اقتنعوا بدفوعات دفاع المتهمين الذين أكدوا تباعا أن البراءة تفرض نفسها في هذه القضية، نظرا إلى خلو الملف من دليل مادي على ارتكاب الموظفين الأمنيين لأعمال جرمية، أو تجاوزات قانونية تستوجب العقوبة الجنائية في حقهما طبقا لفصول المتابعة المسطرة ضدهم.

ومرت الجلسة الأخيرة من المحاكمة، والتي استغرقت زهاء ساعتين من الاستماع التفصيلي للشهود والمصرحين، وشهود النفي، ومرافعات دفاع أطراف الدعوى القضائية، في أجواء هادئة طغت عليها المناقشات القانونية والحقوقية الصرفة، عكس الجلسات السابقة التي طغى عليها التشنج والجدل الحاد فيما بين المحامين وبين ممثل الحق العام، ما أدى إلى توقفها وتأجيلها.

ورصد محامي الطرف المدني، عبدالمنعم الرفاعي، وهو في الوقت عينه رئيس الجمعة المغربية لحقوق الإنسان بطنجة، في مرافعة مطولة، ما قال إنها تناقضات كثيرة في أقوال المشتكى بهما في الدعوى موضوع البت، اعتبرها أنها دليل إثبات ضد المتهمين أمام المحكمة، وتتعلق بتناقض تصريحاتهم مع تصريحات الشهود، ففي الوقت الذي أنكر الأول وجوده في الدائرة الأمنية، وأنه كان في مهمة خارجية ساعة اعتقال الفتى القاصر، فقد جاءت أقوال الشهود معاكسة تماما، بحيث أكدت جميعها مجيء المعني بالأمر ومعاينة وقائع الاعتقال، وإشرافه على تسليم الفتى القاصر إلى والده، في القضية التي تعود وقائعها لشهر رمضان صيف عام 2016.

كما أثار المحامي الرفاعي، بخصوص المشتكى به الثاني، الذي ترأس دورية قامت بحملة تمشيط بناء على شكاية شخص سُرٍقت نعله في المسجد، والتي انتهت باعتقال الفتى المشتكي الذي كان عمره حينئذ لا يتجاوز 16 سنة، حيث جرى اعتقاله من وسط أربعة أقرانه عندما كانوا واقفين في زقاق مجاور لمنزلهم بعد صلاة التراويح، وتم اقتياده بالقوة والاحتفاظ به في مقر الدائرة الأمينة السادسة، لنحو ساعة من الزمن، دون إنجاز محضر في الواقعة.

واعتبر الرفاعي أن تناقضات أقوال المشتكى بهم في الجلسات السابقة، مع تصريحات الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة في جلستها الأخيرة، ثم محاولة إلصاق تهمة خطيرة إلى النيابة العامة في شخص ثلاثة من نواب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، بدعوى أنهم هم من أعطوا التعليمات لإخلاء سبيل الفتى القاصر، وتسليمه إلى والده الذي حضر إلى مقر الدائرة الأمنية دون احترام المسطرة القانونية في القيام بهذا الإجراء، ما هي إلا دحض الاتهام عنهم عبر الإدلاء أمام المحكمة بوقائع غير صحيحة.

وخلص محامي الضحية في هذا الملف إلى أن موكله تعرض فعلا لعنف واضح تؤكده شهادة طبية وصور شمسية مأخوذة من مقر الدائرة الأمنية تظهر آثار كدمات على جسده، معتبرا أن الأفعال المسجلة في هذه النازلة، تعاكس وظيفة موظفي الشرطة الذين منحهم القانون وظيفة حماية أمن المواطنين، وليس المس بالحرية الشخصية للأفراد، واستعمال السلطة في غير محلها، وبالتالي، تنطبق عليهم مقتضيات الفصل 231 و436 من قانون المسطرة الجنائية، ملتمسا من هيئة المحكمة متابعتهما بأحكام متناسبة مع خطورة الأفعال المنسوبة لهما، ومنصفة في إطار المحاكمة العادلة أساسها المساواة أمام القانون، والتوازن بين هيئة الدفاع والادعاء.

لكن دفاع المشتكى بهما في هذه القضية، تصديا إلى دفوعات محامي الطرف المدني، حيث اعتبر المحامي الأول أن عملية الاعتقال التي يقوم بها أفراد الشرطة القضائية تتناسب مع طبيعة الموقوف وطريقة تفاعله مع أوامر الشرطة أثناء قيامها بمهامها الوظيفية، فيما أرجع وقوع تشنج بين الطرف المشتكي والمشتكى بهما، أدى إلى تمزق ملابسه، إلى عناده ومحاولة مقاومة أفراد الشرطة أثناء اعتقاله ونقله على متن السيارة الوظيفية.

أما محامي ضابط الشرطة الممتاز، فأكد أن سيرة الرجل المهنية تشهد له بحسن أخلاقه ومعاملته مع المواطنين من ساكنة حي «بنديبان»، الذي يقع تحت نفوذه الترابي في الدائرة التي يشتغل بها، مشيرا إلى أن موكله بدوره تعرض للتهديد بانتزاع لباسه المهني من طرف والد الفتى القاصر وأمه، لكونهما عائلة ثرية من طنجة، ولديها علاقات مع المسؤولين الذين يمكنهم أن يحرموه من وظيفته. ولأجل ذلك، أكد ملتمس زميله بمنح البراءة في الملف الذي كان يتجه أصلا في وقت سابق إلى مسطرة الصلح بين الطرفين.

وبعد منح المتهمين الكلمة الأخيرة التي أكدا خلالهما أقوالهما، أصدرت المحكمة بعد المداولة، التي انتهت حوالي منتصف ليلة الثلاثاء وأول أمس الأربعاء، البراءة للمسؤولين بولاية أمن طنجة. 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي