خالد البكاري: شبهات كثيرة تزكي احتمال تصفية الحسابات في قضية سليمان الريسوني -حوار

29 مايو 2020 - 11:00

هل حين نتريث في إصدار موقف من نازلة الصحافي سليمان الريسوني يعني الخوف؟

بالقطع لا، انتقدنا الملك، أجهزة أمنية، ونافذين في عالم السلطة والمال، ودافعنا عن صحافيين ومدونين جرى اعتقالهم أو التضييق عليهم بسبب معارضتهم.

هل ما يحصل مع الريسوني يدخل في نطاق الاستهداف وتصفية الحسابات والانتقاد؟

بالطبع هنا شبهات كثيرة تزكي هذا، من بينها الحملة التي شنت ضده من قبل مواقع مطبلة للأجهزة في الفترة الأخيرة، والتي يمكن اعتبارها تسخينات قبلية، كما أن التهمة الموجهة له يكفي أن نسرد وقائع كثيرة للتعامل باستخفاف مع المشتكين في مثل هذه الملفات، خصوصا إذا كانت الوقائع تعود لأكثر من سنة، أو كان الضحية مثليا، ليتبين الطابع الانتقائي في هذا الملف، فضلا عن المتابعة في حالة اعتقال رغم توفر كل ضمانات الامتثال لأي استدعاء من الجهات القضائية، والأصل أن الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي.

هل هذا يعني رفض متابعة سليمان الريسوني؟

بالطبع لا، من حق أي مواطن أن يتقدم بشكاية ضد مواطن آخر، أو ضد مؤسسة ما، وحين نقول بالانتقائية، فهذا لا يعني قبول الإفلات من العقاب إذا ثبتت صحة الوقائع المتضمنة في تصريح المطالب بالحق المدني، وتوفرت ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم، لكن من حقنا التنبيه لهذه الانتقائية، والمطالبة بتعميم عدم الإفلات من العقاب على الجميع، أكانوا مواطنين عاديين، أو نافذين، أو متوفرين على أي شكل من أشكال الحماية، وعدم الاقتصار على المعارضين للنسق الحاكم.

لماذا هذا التريث في بناء موقف؟

السبب بسيط، وهو عدم التوفر على معطيات كافية للحكم، ما اطلعت عليه هو تدوينة للمطالب بالحق المدني، وهي غير كافية لاعتبارها دليلا، أما ما يروجه البعض من وجود تسجيلات وفيديوهات فيبقى تخمينات، إلا إذا جرى تقديمها أمام المحكمة كأدلة إثبات، ومقارنتها بأدلة النفي المفترض أن يدلي بها دفاع الريسوني، ومن جهة أخرى، لدينا تصريح دفاع المتهم الذي حضر معه جلسة التقديم أمام وكيل الملك، والذي يفيد انعدام أي دليل حسب قوله، لذلك فالتسرع بتبرئة أي متهم أو إدانته دون الاطلاع على تصريحاته أمام الضابطة القضائية وأمام النيابة العامة، ومقارنة أدلة الإثبات بأدلة النفي في اعتقادي، هو فعل متسرع.

هل هذا يعني أنك تنتظر كلمة القضاء؟

سأكون كاذبا، إذا قلت بأني أثق في القضاء المغربي، حين يكون المتهم مغضوبا عليه من السلطة، أو حين يكون متوفرا على الحماية من جهة نافذة (إدانة الأول، وتبرئة الثاني أو تخفيف الحكم)، ولذلك حين أقول بأني أنتظر الاطلاع على تصريحات وأدلة الطرفين، فلأكون قناعتي، التي على ضوئها سأصيغ موقفا بغض النظر عن الحكم القضائي.

هل يمكن أن نتضامن مع المطالب بالحق المدني في حالة اقتنعت بجدية ادعاءاته؟

حتى لا نميع مسألة التضامن، أرفض التضامن على أسس الصداقة أو القبيلة أو الحزبية، وأرفض الاصطفاف ضد أحد من منطلقات حزبية أو إيديولوجية أو شخصية، ويرتبط التضامن عندي بوجود انتهاك حقوقي من طرف الدولة وأجهزتها، أو من طرف أشخاص ومؤسسات خارج الدولة شرط أن لا تتدخل الدولة عبر جهازي الأمن والقضاء لحماية الضحية،

في هذا الملف، لم تنتهك حقوق المطالب بالحق المدني، بل حظي بمعاملة “تفضيلية”، مقارنة مع ما يعانيه المثليون من تمييز حين يلجؤون لمخافر الشرطة أو يودعون شكايات لدى النيابة العامة، سأتضامن معه في حالة انتهكت حقوقه بسبب مثليته، لأن هذا شكل من أشكال التمييز.

ما المداخل الحقوقية لمقاربة هذا الملف؟

هي مجموعة من المبادئ الكونية التي يجب أن تقودنا جميعا في اعتقادي:

احترام قرينة البراءة + وقف التشهير بكل أطراف الدعوى + ضمانات المحاكمة العادلة + رفض توظيف أجهزة الدولة الأمنية والقضائية لمواجهة المعارضين + عدم الإفلات من العقاب + قضايا الاعتداءات الجنسية مثلها مثل قضايا التعذيب لا يجب أن يطالها التقادم + توفير الحماية للمطالب بالحق المدني بغض النظر عن صدق أو زيف ادعاءاته أمام ما قد يتعرض له بسبب مثليثة.

أخيرا، ما رأيك في المقولة التي انتشرت مؤخرا منسوبة إلى أحمد بنجلون “قبل أن تناضل يجب أن تغلق سحابة سروالك؟

لا أعرف هل بالفعل قالها الفقيد بنجلون، ولا السياق الذي قيلت فيه، ولكن توظيفها في هذا الملف أو الملفات المتشابهة لا معنى له، الذي يناضل يجب محاسبته في نضاله على مواقفه وأدائه السياسي أو النقابي، وحين يقترف ما يستحق عليه العقاب الجنائي، فهو مواطن مثل أي مواطن، السياسة يمارسها بشر وليس ملائكة، مثل هذا الخطاب “الطهراني” يلغي شرط الهشاشة البشرية. حين تمنع نفسك من اقتراف فعل مرفوض، فلإنه مرفوض، وليس لأنك مناضل.. والسياسة من سيئاتها أن الخصم سينتهز أي خطأ ولو كان أخلاقيا وليس سياسيا للإطاحة بك.. الفرق أن من يكتبون هذا الكلام ينطبق على أغلبهم قول المسيح: من كان بلا خطيئة فليرجمها.. “وخلاوها جدودنا: ملي كتطيح البقرة كيكثرو الجناوا”، إذا انتظرنا أن يكون كل المناضلين والسياسيين ملائكة، فلن يكون هناك نضال ولا سياسة.. المناضل والسياسي حين يسقطان في فعل مستهجن أخلاقيا، لا يعني بالضرورة أنهما منافقان، بل سقطا في امتحان في لحظة ضعف، ونجحا في امتحانات أخرى.. والحياة هي هكذا: لي حصل يودي.. ماشي لي دار يودي، حيت كلنا كنديرو، غير كاين لي حصل وكاين لي غيحصل، وكاين لي غيفلت.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي