ما يحصل حاليا في مدينة طنجة، وقبلها في مدينة آسفي، يمكن أن يوصف بأي شيء إلا أن يكون تدبيرا عقلانيا. لا يمكن أن تختفي الدولة فجأة من الصورة، وتترك المجال مفتوحا أمام الغموض ليتسيّد الموقف، وتبعث رسائل يومية غير مباشرة مفادها أن الوباء قد بات قدرا محتوما لا نملك إلا التعايش معه دون احتياط ولا احتراز، لتنبعث فجأة بين يوم وآخر لتفرض الحجر من جديد على هذه المدينة أو تلك.
المغاربة، في جميع جهات وأقاليم المملكة، قبلوا من السلطة ما بادرت إليه شهر مارس الماضي من إجراءات للطوارئ والحجر الصحي، واستجابوا لأوامرها، وانخرطوا في مجهوداتها، على أساس أننا بصدد تنزيل جواب عقلاني ومفكّر فيه، يتطلّب فترة من الحجر. وكانت هذه الاستجابة تستبطن ثقة ويقينا في أن هذه السلطات تملك جوابا لمرحلة ما بعد الطوارئ، مثلما قدّمت إجراءات الحجر والتباعد جوابا لمرحلة سابقة.
نحن اليوم أمام دولة تبدي من التخبط والتردد والتيه أكثر مما تبعث على الطمأنينة. من جهة، تدعو إلى استئناف الأنشطة الاقتصادية، وتقول للمتضررين من فترة الطوارئ: «اخرجوا لتتدبروا أرزاقكم، فلم يعد لدي ما أقدمه»، وفي الوقت نفسه تباغتهم بين حين وآخر بإرغامهم على إيقاف أنشطتهم وإهدار استثماراتهم، والعودة جائعين مفلسين إلى بيوتهم.
إذا كانت إجراءات الحجر والطوارئ لم تنفع في شيء، وأدت فقط إلى إحداث هذا الانهيار الشامل في الاقتصاد، فإن على أحد ما أن يتحمّل مسؤولية ذلك ويحاسب عليه.
لا يمكن أن يتحمّل المواطن تبعات وباء جاء به القدر وتبعات تدبير فاشل.