عبد الحق بلشكر يكتب: مجلس النواب الليبي في طنجة

24 نوفمبر 2020 - 18:00

رغم أزمة الكركرات، يواصل المغرب جهوده لمساعدة الأشقاء الليبيين فيالتوصل إلى حل سياسي ينهي الانقسام السياسي والإداري والعسكري في البلاد. فبعد جلسات الحوار في شتنبر وأكتوبر في المغرب، بين ممثلين عن مجلس النواب المنقسم بين طرابلس وطبرق، والتوصل إلى اتفاق على معايير التعيين في المناصب السيادية، تحتضن عاصمة البوغاز طنجة، منذ أمس الاثنين، اجتماعا موسعا للبرلمان الليبي. وربما هذا أول اجتماع موحد لمجلس النواب الليبي منذ اندلاع الخلافات السياسية والمواجهة العسكرية. من المؤسف أن المجلس لم يتمكن من الانعقاد في ليبيا، فهو مؤسسة سيادية لها شرعية انتخابية، وبيدها جزء من الحل السياسي المنتظر من خلال توحيد المؤسسات السيادية والتهييء لتنظيم الانتخابات لإفراز حكومة موحدة. لكن يبدو أن الفرقاء الليبيين مختلفون حول مكان انعقاد مجلس النواب بين نواب طبرق الذينيرفضون الحضور إلى مقر البرلمان في طرابلس، ونواب طرابلس، وهم الأكثرية، الذين يرفضون الانتقال إلى الشرق للاجتماع. وقد طرحت مقترحات لإيجاد مكان آخر للقاء، إما في مدينة غدامس وإما في سرت، لكنها لم تنجح. ضمن هذا السياق، جاء لقاء المؤسسة التشريعية الليبية خارج البلاد في طنجة، في خطوة لكسر الحواجز النفسية أولا، ثم من أجل الاتفاق، ثانيا، على مختلف الجوانب التي من شأنها أن تؤدي إلىعقد اجتماع رسمي على الأرض الليبية.

من حيث طبيعة اللقاء، فهو اجتماع استثنائي تشاوري لا يحمل طبيعة رسمية، وبالتالي، فإنه لا يتطلب تحقيق نصاب قانوني، رغم أن عدد الحاضرين من النواب يفوق المائة، والهدف هو التوصل إلى توحيد مجلس النواب وإنهاء الانقسام الحاصل به، وجدول أعماله غير محدد مسبقا،إنما جرى الاتفاق على تحديده في أول جلسة، وسيمتد إلى بضعة أيام.

لا حاجة إلى التذكير بأن الملف الليبي أصبح ملفا إقليميا ودوليا، والكلبات معنيا بإيجاد حل سياسي له نظرا إلى انعكاسات عدم الاستقرار على المنطقة ومحيطها. لكن الليبيين هم المعنيون بالتوصل إلى حلسياسي توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، خاصة بعدما جربوا خيار الحل العسكري والتدخل الأجنبي الذي لم يخلف سوى الدمار والمعاناة لليبيين.

اليوم خمدت أصوات الرصاص والمدافع، وأطلقت جلسات الحوار في عدة دول ضمنها المغرب وسويسرا وتونس ومصر. وحتى الأطراف الإقليمية التي كانت تحرض على الحسم العسكري، لم تعد متحمسة، وباتت مقتنعة بالحل السياسي، وتشجع عليه، وكل دولة تريد أن يكون لها نصيب في هذا الحل، لكن يجب ألا تتحول جلسات الحوار إلى حلقة مفرغة لا تترتب عليها أية نتائج، فالشعب الليبي بدأ يشعر باليأس وهو ينتظر تحسين مستواه المعيشي، ويشتكي تراجع الخدمات بسبب الصراعات، فضلا عن مشاكل الأمن في عدة مناطق. الجميع بات مقتنعا بأن توحيد مؤسسات البلاد وبناء الدولة على أسس متينة، واستعادة مكانتها في الساحة الدولية والإقليمية، لن يتحقق إلا بتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة،وإفراز مؤسسات سياسية موحدة قادرة على الخروج بالبلاد من النفق.هذا الطريق هو الذي سيؤدي إلى إيجاد حل لانقسام المؤسسة العسكرية تحت قيادة سياسية ينظم اختصاصاتها دستور جديد للبلاد. فالكثير من الانقسامات الأساسية سببها الانقسام العسكري، بين منيؤيد الجيش الذي يقوده خليفة حفتر في الشرق، ومن يدعم الجيش الذي يوجد تحت راية حكومة الوفاق التي خرجت من رحم اتفاق الصخيرات في 2015 برعاية الأمم المتحدة.

كل الأنظار، إذن، تتجه إلى ما سيسفر عنه اللقاء التشاوري لمجلس النواب الليبي في عاصمة البوغاز. وكل الأمل أن ينجح الفرقاء في وضع خريطة طريق لتوحيد مجلس النواب، وتحديد مكان أو أماكن اجتماعاته المقبلة في ليبيا، وتحديد مسار الانتخابات المرتقبة في نهاية دجنبر. وإذا تحقق ذلك، فسيكون إنجازا مهما في طريق الحل السياسي الدائم الذي يخرج ليبيا من أزمتها.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي