مهاجرون يدفعون 400 أورو للعبور من الجزائر إلى المغرب

13 فبراير 2014 - 23:59

 

 

«مغنية مدينة صغيرة ولا توجد فيها قاعدة صناعية حقيقية، وفيها نشاطات قليلة في مجالات السياحة والأعمال والتجارة. وفي المدينة حضور عسكري كثيف، فأفراد حرس الحدود والدرك وأجهزة الأمن يراقبون وسط المدينة والمناطق المحيطة بها، إضافة إلى وجود شبكة من المخبرين والمتعاونين من المواطنين الذين يبلغون السلطات بكل  بما يجري». هكذا، وصف التقرير الأخير، الذي أصدرته الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان، تلك المدينة الواقعة في أقصى غرب الجزائر، والتي تعج بأزيد من 30 ألف مهاجر إفريقي.

التقرير الذي توصلت «اليوم24» بنسخته العربية يكشف بأن مدينة مغنية التي تبعد عن مدينة وجدة المغربية بحوالي 27 كلم، رغم أنها تمثل نقطة عبور، إلا أن الكثير من المهاجرين «يضطرون للبقاء فيها بسبب فشل محاولاتهم لعبور الحدود، أو لأن الشرطة المغربية تعتقلهم وترحلهم إلى الجزائر». ولكن توفر مغنية لبعض المهاجرين «بعض فرص العمل في القطاع غير الرسمي (الزراعة والبناء والاعتناء بالحدائق)، تمكنهم من تمويل بقية رحلتهم».

 

ادفع لتعبر إلى وجدة!

المهاجرون الذين يصلون إلى مغنية ويخططون لعبور الحدود يأخذهم مسؤول الجالية إلى المخيم مباشرة، وهناك يعرفون بأنفسهم، «يدفعون للمراقب مبلغا من المال مقابل حق البقاء»، وتبلغ الكلفة عادة -وفق نفس المصدر-  ما قيمته 15 أورو للإقامة و50 أورو لعبور الحدود.

لكن كلفة عبور الحدود لبعض الجاليات كالجالية النيجيرية قد تبلغ 400 أورو للشخص الواحد، والمهاجرون الذين ليس لديهم مال يسمح لهم أيضا بالبقاء مؤقتا، ولكن يطلب منهم أن يجدوا بسرعة مصدر دخل، أو اقتراض مال من صديق أو قريب من أجل تسديد ديونهم. ومدة بقاء المهاجر في المخيم، يقول التقرير أنها «تعتمد عادة على عدد المرشحين لعبور الحدود الموجودين في المخيم، عندما يبلغ العدد ثمانية يقوم مهرب بنقلهم إلى الجانب الآخر من الحدود، ويحصل على 20 أورو مقابل كل عبور»، في بعض الحالات، إذا كان المهاجر مستعدا لدفع مبلغ كبير من المال وعبور الحدود فورا، قد يبقى في المخيم أقل من 48 ساعة، في هذه الأثناء «يتلقى حماية من اثنين من المسؤولين في الجالية، ومن الواضح أن عبور الحدود يمثل مصدر الدخل الرئيسي لرئيس الجالية وحاشيته».

 

شهادات تنزف دما!

الشهادات التي نقلتها الشبكة عن المهاجرين بمدينة مغنية تحدثوا فيها عن نوعين من التدخلات التي يتعرضون لها. تقوم في الأولى عادة الشرطة المحلية أو حرس الحدود، بالتدقيق في بطاقات الهوية وتفتيشهم ومصادرة ما له قيمة، ثم المغادرة. النوع الثاني عبارة عن حملة أكبر وأشد يقوم بها الدرك، عادة درك تلمسان، وبمشاركة حوالي 40 دركيا بواسطة مركبات ذات الدفع الرباعي. «هذه الحملات تشمل اعتقالات عديدة، وعمليات تفتيش واسعة، وسرقات، وأحيانا الضرب والترحيل. أثر هذه الحملات تكون مخيفة جدا للمهاجرين الذين يعيشون في المخيمات، وهم في حالة دائمة من الشعور بعدم الأمان»، يضيف التقرير.

شهادات أخرى لمهاجرين آخرين تمكنت الشبكة من تسجيلها، تحدث فيها عدد من المهاجرين جنوب الصحراء أنه في عدد من المناسبات أثناء المداهمات، «هاجم رجال الدرك المخيم وحرقوا كل شيء فيه، من الخيام والأكواخ البالية، وحتى الممتلكات الشخصية للناس الذين يعيشون هناك، ومع أنه حصل توقف لهذا النوع من المداهمات منذ الربيع، وجد ناشطون جزائريون قاموا بزيارات ميدانية إلى مغنية في الآونة الأخيرة أن هذه المداهمات عادت لتصبح ممارسة شائعة منذ أكتوبر الماضي».

كما أن آخرين ذكروا بأن رجال الشرطة والدرك المشاركين في العمليات الصغيرة يقترحون إطلاق سراح الشخص مقابل مبلغ من المال يبلغ ألف دينار جزائري، أو مقابل أشياء ثمينة، «الذين لا يملكون مالا أو أشياء ثمينة يفتشون أولا تفتشيا دقيقا، وإذا لم يوجد بحوزتهم شيء، يرحلون إلى المغرب.  والمقلق أكثر، أن انتهاكات الشرطة والدرك لا يفرض القضاء أي عقوبات على مرتكبيها، فالقضاء يجيز للسلطات المحلية القيام بعمليات من هذا النوع مع إفلات كامل من العقاب»، يؤكد التقرير.

 

«بينغ بونغ» على خط النار!

قبل إعلان المغرب على المبادرة الاستثنائية  لتسوية وضعية المهاجرين، لم يكن الوضع يختلف كثيرا عن الوضع الجزائري، ولا تخبر السلطات المغربية نظيرتها الجزائرية بعمليات الترحيل، ومن غير المرجح أن تقبل السلطات الجزائرية إعادة إدخالهم إلى أراضيها. هذه العملية اعتبرتها الشبكة بمثابة ممارسة لعبة «بينغ بونغ» (تنس الطاولة)، بين الأمن المغربي والجزائري، «إذ أن كل جانب يحاول دفعهم إلى الجانب الآخر بالقوة».

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي