بعد سلسلة طويلة من الأعمال الفكرية والأبحاث الميدانية والمتابعات الإعلامية، يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف اختصارا بـ”داعش”، قد بدأ يلهم الروائيين أيضا. إذ أصدر الروائي البريطاني من أصل سوداني محمد سليمان الفكي الشاذلي، عن دار مداد للنشر والتوزيع الإماراتية، رواية عن التنظيم تحت عنوان “السواد المر: معاون الخليفة الذي طعنته سبية يزيدية”. قد تكون أول الأعمال الأدبية عن هذا التنظيم الإرهابي.
تستهل الرواية، التي تقع في 484 صفحة من القطع الوسط، أحداثها بمشهد سامي حمدان، الرجل الأهم في تنظيم “داعش”، وهو يخطب في الحشود زاحفا نحو الموصل. كما تتمحور أحداث الرواية حول قصة هذا الرجل الرهيب، معاون خليفة الدولة الإسلامية، الذي يقطع الرؤوس ويحرق الناس والكتب ويهرب التماثيل ويحطم بعضها. إذ تصوره الرواية في صورة رجل يرعب الدنيا من خلال استخدامه الذكي لوسائل الإعلام وفن التصوير والصوت والمؤثرات الصوتية، الخ.
عن روايته، يؤكد الروائي محمد سليمان على أن الشجاعة الفكرية هي ما يحتاج المثقف والمبدع إليه اليوم. إذ يقول: “فمعركتنا مع الإرهاب معركة أفكار في المقام الأول، وهي معركة غاية في التعقيد، لأن عدونا يحاول أن يجعل منها حربا مقدسة بعد أن اختطف ديننا الحنيف وأعلن نفسه وصيا عليه، بل أعلن أن الدولة التي لا تقوم على مفاهيمه هي دولة كافرة وكل من فيها كفار إلا من أذعن لرؤيته للتاريخ وللدين وللحياة؛ وهذا ما يجعلها بحق معركة حياة أو موت”.
ويقول الناقد عبد الله زايد إن الرواية تسافر بالقارئ “في رحلة نحو البذور الأولى لهذا التنظيم الإرهابي”. كما يكشف أن الروائي “ابتكر الوسيلة والطريقة الملائمة لمثل هذه المسيرة هي ذاكرة معاون الخليفة الطموح “سامي حمدان”، حيث جعله البوصلة أو المرشد، من خلال وجود الرئيس الوحيد، فمن خلاله نسمع سرد ذكريات شاب عاش في أوربا ومبايعته للخليفة المزعوم، وصولا لمعارك ضارية وطويلة…”.
ويوضح زايد أن سفك الدماء وظلم الناس وسبي النساء تمثل العناصر الأساسية في الرواية. وهنا يقول: “أنت لست أمام منجز ينشغل بالأفكار، أو يتوجه نحو عمق الانحراف الإنساني الذي حدث أو كيف تشوهت القيم النبيلة، أو كيف وصلت في هذا القرن الحديث المتوهج بالتطور.. الرواية التي بين يدينا تتحدث عن القتل والرايات السوداء والحروب والخطف وحوارات في جوانب منها إيحاءات جنسية، وأخرى محملة بالقسوة وأيضا الجهل”.
ويكتسي توقيت صدور الرواية أهمية بالغة مع كل هذا الزخم العربي والعالمي المصاحب لما تقوم به عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الآن في بعض أنحاء اليمن وفي العديد من المدن الليبية، وفي سيناء، وفي الأنبار والموصل وصلاح الدين وتكريت والرمادي في العراق وفي الرقة والحسكة ومعسكر اليرموك الخاص باللاجئين الفلسطينين في سوريا، إضافة لما تقوم به بالطبع في العديد من المناطق الأخرى.
جدير بالذكر أن الروائي محمد سليمان الفكي يكتب باللغتين العربية والإنجليزية. سبق له أن نال العديد من الجوائز، أبرزها جائزة الطيب صالح العالمية للآداب عام 2013 عن عمله “طبيعة غير صامتة”، إضافة لتوشيحات أخرى. من مؤلفاته رواية “حدث ذات مرة في دبي” وكتاب “كنائس ومساجد”، “النيل لا يروض الإناث”، “الأطلال الجديدة”.