عبد المومني: سنبقى مستقرين في المستنقع مادام الفاعلون الرئيسيون لم يقرروا مراجعة الأوليات

30 يوليو 2018 - 02:00

فؤاد عبد المومني رئيس ترانسبارنسي

النقط التي أراها نسبيا مضيئة خلال 19 سنة الماضية من عهد الملك محمد السادس، هي أن المحيط الاقتصادي كان ملائما، خصوصا مابين سنتي 1999 و2008، حيث عرف المغرب سنوات هائلة من الرخاء والنمو التي للأسف لم يستغلها كما يجب بتاتا، سنوات هادئة لم تشهد احتدامات دموية، سواء تعلق الامر بالحروب في المنطقة أو المواجهات العنيفة بين الدولة والمواطنين، هي سنوات تمرس خلالها المجتمع على ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان، حيث إنه أصبحت إلى حد كبير ملكا مشاعا ومرجعا مشتركا، لتبلغ ما وصلت إليه الآن من نضوج لشروط العيش المشترك، خاصة بين الأطراف التي كانت إلى حد قريب لديها تخوف هائل من بعضها، سواء الإسلاميين والعلمانيين، أو الرأسماليين مع العماليين، أو القوميين مع الأمازيغيين، أو المدنيين مع العسكريين، ما أقصده أنه تم إرساء الأمور وتجاوزنا مرحلة ترقب انفجار أو صراع محتدم، ووصلنا الآن إلى مجتمع تمرس على السلمية والتعايش، الأمر الذي ينافي التصور السابق الذي كان يسوق من طرف السلطة القاهرة.
من جهة أخرى، ما يمكن أن نسجله في الشق الإيجابي أيضا، هو التطور الملحوظ على مستوى البنية التحية، ولو أنها في الغالب لم تكن استثمار ناجعا، أيضا التحسن في السكن وظروف العيش القروي، من خلال حصول بعض الدواوير على الماء والكهرباء، ولكن عموما التحسن المادي للبنيات لم يواكب تحسن الكفاءات وتحسن الحكامة وتحسن المنتوج.
أما السلبي، أذكر أن المغرب لا زال يعيش في القرون الوسطى من حيث السلطة ونظام التحكم، وما زال يعيش الإقطاع ويعتمد في آليات تحكمه بشكل رهيب على الإرشاء والريع والتخويف، ما زالت النخب المتمثلة تفرض استمرارها وهيمنتها بالقهر وليس بالمشروعية الديموقراطية ومشروعية الإنتاج والتغيير والإرادة الجماعية.
لازلنا نلاحظ أيضا أن الملك يقر بفشل النموذج التنموي الذي ورثه عن والده الذي عشنا تحت كنفه لما يزيد عن 60 سنة، في ظل ظروف تتطلب الخروج بالمغرب من وضع الضعف الاقتصادي والهشاشة وغياب الأفق التنموي، والذي تم تعويضه بالتوزيع عوض الإنتاج والتوزيع غير القار وغير العادل، مثلا كارثة أن نقول إن المغرب يعالج مشاكله الاجتماعية عبر مشاريع الكثير منها كلفة تدشينه أكبر من رأس ماله أو مردوديته، وMDH نموذجا.
المشكل العويص الذي نعيشه ومازلنا مقبلين على استسهاله، أنه نظرا لتقلص تنافسية الاقتصاد المغربي، سنبقى مستمرين في إنتاج مناصب شغل قليلة جدا مقارنة مع جحافل القادمين الجدد إلى سوق الشغل، وعلى العموم السنوات الأخيرة تنتج 40 ألف منصب شغل مقابل 300 ألف قادمين جدد، يعني وبلغة الأرقام نعاني خصاصا مهولا بحوالي 250 ألف منصب شغل، والتي لن ننتجها إن استمرينا على هذا المنطق الحالي، وهو منطق التسلط والولاءات والرشوة والريع والبذخ والعسكرة والمواجهات الجهوية، وهذا كله سيؤدي بنا لمزيد من الاستقرار في المستنقع مادام الفاعلون الرئيسيون لم يقرروا مراجعة الأوليات وأسس معادلة التنمية

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي