شكلت الثقافة والفنون ركنا من أركان اهتمامات الملك محمد السادس منذ توليه العرش قبل 19 سنة، وتجلى ذلك في العناية بالمؤسسات، والمنشآت الثقافية والفنية، والأفراد، المبدعين من الفنانين والمثقفين، في سياقات مختلفة، سواء بتثمين تفوقهم ونجاحهم وإشعاعهم الفني والفكري، أو بمؤازرتهم عندما يمرون بأزمات صحية صعبة، أو مواساة عائلاتهم بعد رحيلهم بعد عمر ممتد بالعطاء، وهو النهج الذي استمر على امتداد السنة الجارية. لكن، تميزت السنة الأخيرة أيضا باستمرار ظاهرة « الأغاني الوطنية » التي تتركز على تمجيد الملك أساسا، وهي ظاهرة غنائية كانت قد انقطعت لسنوات بعد تولي الملك محمد السادس للحكم، ثم عادت في السنين الأخيرة بقوة.
الملك يتكفل بالرعاية الصحية للفنانين
يشكل عطف الملك محمد السادس على العديد من الفنانين والمثقفين وتشجيعه إياهم مصدر فخر واعتزاز كبيرين لدى هذه الشريحة، لاسيما ما يتعلق برعاية العديد من الحالات الصحية للفنانين، خاصة من الرواد، وهي رعاية لا تنحصر فقط في جوانبها المادية في حالات يعرف العديد منها هشاشة اجتماعية بسبب تقدم السن وضعف القوانين الاجتماعية للمهنة، ولكن أيضا لطبيعتها الرمزية التي ترد الاعتبار إلى العديد من الأسماء التي لها وزن ثقافي كبير من أكثر من مجال، ومن أبرز الأسماء التي نالت ذلك هذه السنة الفكاهي الشهير «عبد الرؤوف»، والمطرب عبد المنعم الجامعي والفنانة نادية أيوب.
وفي مجال الفنون والثقافة، كما هو الحال في مجالات أخرى، يمنح الملك معاشات استثنائية وإكراميات لبعض الفنانين والمبدعين، وهذا عنصر استثنائي مع بعض الحالات الهشة جدا. وهو تقليد قديم، يحفظ لعدد من الحالات الهشة جدا من المبدعين توازنها بالنظر إلى الأوضاع التي قد تعيشها في سنواتها الأخيرة، أو في ظروف معينة.
عناية الملك بالمنشآت الفنية والثقافية
يبدو ذلك جليا، حسب بوحسين، من حرص الملك على العديد من المنشآت العمرانية والأوراش التنموية الكبرى التي يؤمن بأنه لا بد أن يكون العنصر الثقافي والفني جزءا منها، ومن ذلك، حسب المتحدث نفسه، إشراف ومتابعة الملك للبرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط، والذي انطلق منذ سنة 2014 بشعار وتسمية ذات دلالة كبرى «الرباط مدينة الأنوار.. عاصمة المغرب الثقافية».
وقد عرف هذا المشروع في السنة المنصرمة وهذه السنة إضافات مهمة في هذا الشأن، بالإضافة إلى مشاريع دُشنت وأخرى هي قيد الإنجاز، ومنها بناء المسرح الكبير للرباط، ودار الفنون والثقافة، ومكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية، فضلا عن متحف الآثار وعلوم الأرض، إلى جانب مركب سينمائي، ورواق للمنحوتات، وميناء ترفيهي، وفندق الفن، وفندق الميناء الترفيهي، وهي كلها مشاريع تجعل من الثقافة عنصرا مندمجا في مشاريع كبرى ذات أهداف تنموية وإشعاعية واقتصادية.
كما تسهم في الوقت نفسه في تحسين ولوج الساكنة المحلية لبنيات التنشيط الثقافي والفني. ومثل هذا التوجه ينعكس أيضا، حسب مسعود بوحسين، «في العديد من المشاريع الأخرى المهيكلة التي يشرف عليها جلالة الملك، حيث لا تخلو من بنيات ثقافية، ومبادرات ثقافية تعنى بالخدمات الثقافية للقرب، والمتعلقة بالعديد من المنشآت المرتبطة بالتنشيط السوسيوثقافي، لاسيما بالنسبة إلى الشباب في مدن متعددة، منها مدينة سلا والدار البيضاء وطنجة، على سبيل الذكر لا الحصر».