محمد بن يوسف، هو المدير العام السابق للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، ومقرها الرباط، ويشغل حاليا منصب الأمين العام لمجلس الأعمال العربي الأوربي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ونائب رئيس الاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية.. في هذا الحوار يتحدث عن مشاريع بيئية ومستدامة يستعد لعرضها على الحكومة المغربية.
ما طبيعة دور مجلس الأعمال العربي الأوربي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
هذا المجلس، هيئة لا تهدف للربح، أسست بدعم رسمي من الاتحاد الأوربي وتضم عدة جهات عربية وأوربية ذات تُعنى بدعم وتطوير المشاريع الصغرى والمتوسطة، مثل القطاعات الحكومية وجمعيات رجال الأعمال، وصناديق وبنوك وشركات وغيرها من الهيئات. ومن أهداف المركز تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات بين الجهات ذات الصلة بالمشاريع الصغرى والمتوسطة، في المنطقة العربية والأوربية. وكذا تحقيق أقصى استفادة من البرامج والصناديق التمويلية التي أطلقتها دول المنطقة لدعم هذه المشاريع، وزيادة القدرة التنافسية لها، ونقل التكنولوجيا المتطورة من الدول الأوربية إلى الدول العربية لتطوير صناعاتها ومساعدة صغار المستثمرين، وغيرها من الأهداف.
ما هي مشاريع المجلس المقترحة في المغرب؟
لقد أقمت في المغرب لسنوات طويلة، خاصة أنني شغلت لسنوات منصب المدير العام للمنظمة العربية للصناعة والتعدين ومقرها بالرباط، وأفكر في عدة مشاريع في المغرب أتمنى تحقيقها، وهي تتصل بالتنمية المستدامة، وبالبيئة. يمكن للمغرب أن يتحول إلى خزان غذاء للعالم العربي، لأن كل شيء متوفر فيه. وأنا أستعد لطلب عقد لقاء مع رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني لعرض مجموعة من المشاريع، لشرح توجهات المجلس المستقبلية.
ما طبيعة هذه المشاريع؟
من الأمثلة للمشاريع التي درسناها وتعد جاهزة. مشروع زراعي صناعي، عقاري طاقوي متكامل يحقق الأمن الغذائي، والتنمية المستدامة وفرص عمل كبيرة، ويزيد من النظافة في البيئية، وينتج الطاقة من خلال العلف. هذا المشروع متكامل، أي مشروع له إنتاج ذاتي من الطاقة. هذا المشروع الآن جاهز وهناك مستثمرون مستعدون لتنفيذه خاصة من الخليج. طبعا تعرف أن هذه أسوأ مرحلة يمر منها العالم العربي، ونحن نحاول أن نساعد على تجاوز المشاكل.
هل هناك نموذج لهذا المشروع؟
فعلا، هناك شركات تركية وأمريكية وكندية أنجزت دراسة في دولة البنين لإنجاز مثل هذا المشروع، وحاولت جلب تمويل من صندوق النقد الدولي، لكن لم تنجح، ولم يتحقق بسبب التمويل لكن المشروع كبير وفيه عدة محطات، ويمكن البدء تدريجيا بما يفيد المغرب.
المشروع الثاني هو « المشافي الصحية ». فالمغرب له سواحل كبيرة لكنها غير مستثمرة مقارنة مع تونس مثلا. المشروع يرمي لتحويل الفنادق الساحلية إلى مشافي، أي سياحة استشفائية، بحيث يأتي السائح ويخضع لبرنامج صحي علاج وقائي تكميلي، وبرنامج يومي. يمكن استقطاب كبار السن واستهداف علاج بعض الأمراض المتوطنة، ونعالجها محليا. وبعض الأمراض المتوطنة في أوربا مثل أمراض الجلد، والصدفية يمكن علاجها في المغرب. هناك مشروع ناجح في الأردن للعلاج بالهيدروليك. والثالث هو مشروع تجميع ومعالجة وتكرير مادة الملح. لدينا بحار شاسعة ومع ذلك نستورد الملح، فلماذا لا ننشأ مصافي للملح، وننتج أنواعا مختلفة من الملح يخصص لعدة استعمالات للتنظيف، والعلاج وللأكل، وغيره.
رابعا، هناك مشروع إنتاج السماد العضوي لتجنيب مشكل السماد الكيماوي. هناك العديد من الدول تفضل السماد العضوي لأسباب صحية، وهناك مطاعم في أوربا لا تطبخ سوى المنتجات العضوية وهذه سوق رائجة. من جهة أخرى، هذا المشروع ذو طابع ديني إسلامي، لأن الشعوب العربية تسرف وترمي الطعام كثيرا ويمكن أن نعمل على جمع مخلفات الأطعمة الجافة والرطبة، وإعادة تدويرها لإنتاج السماد المفيد للتربة.. هذا المشروع سينفذه مستثمر في قطر، وأفكر في إنجازه في المغرب.
لكن أكبر عائق لإنجاز المشاريع هو التمويل، كيف يمكن للمجلس تأمين تمويلات كافية؟
الاتحاد الأوربي كان يركز على دول البحر الأبيض المتوسط، وشمال إفريقيا ومصر والسودان، والشام الكبير (سوريا لبنان الأردن فلسطين). لكنني اقترحت عليهم دمج دول الخليج، فقالوا إنها دول غنية لا تحتاج مساعدات، فكان رأيي أن هذا صحيح، لكنها تحتاج مساعدات تكنولوجية فنية وخبرات، وهكذا وافقوا على إدخال الخليج. الفكرة التي نتبناها، هي أن نأتي بالخبرة والتكنولوجيا من أوربا والتمويل من الخليج، والعمال واستضافة الاستثمار في الدول العربية وخاصة في شمال إفريقيا، والشام الكبير.
ترأست المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين لسنوات، ما الذي تحقق؟
في الواقع لقد تحققت عدة إنجازات أبرزها، أننا قمنا بإًصدار أول خريطة جيولوجية صناعية رقمية للعالم العربي. كما أننا بدأنا في تنفيذ دراسات وتطبيقات « تكنولوجيا النانو »، في الدول العربية، وتأسس في عهد رئاستي للمنظمة « المنتدى الصناعي العربي الدولي، وكانت أول دورة له في قطر سنة 2012. واهتمت المنظمة بدراسات الاقتصاد الأخضر في الدول العربية والصحراوية، مثل الصناعات الخضراء، والإنتاج الأنظف، والتنمية المستدامة ». ومن الكيانات التي تأسست لدعم التعاون العربي، هناك الاتحاد العربي للصناعات الثقيلة، في عمان، وقد كان هدفه الاستراتيجي هو إحياء الهيئة العربية للتصنيع الحربي، كما تم إنشاء الاتحاد العربي للصناعات التقليدية في تونس، والاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية في لبنان، ومجلس الأعمال العربي التركي بالقاهرة، وفرعه مقترح في الدوحة، ثم أسسنا المجلس العربي الأوربي للصناعات الصغيرة والمتوسطة في بيروت.
هناك أيضا مشاريع لم يكتب لها الخروج لحيز الوجود؟
نعم، مثل مشروع تأسيس المجلس العربي الصيني للتعاون الصناعي والتجاري ومقره بكين، والذي لم يكتمل، لأن مهمتي انتهت سنة 2014، ومشروع تأسيس لجنة التعاون الصناعي العربي مع دول أمريكا الجنوبية، وهو مازال قيد الدراسة. كما أن هناك مشروع تأسيس بنك التنمية الصناعية العربية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، في جميع الدول العربية، فضلا عن مشروع المرصد العربي للاستثمار ومشروع المركز العربي الاستراتيجي للإنذار المبكر للكوارث الصناعية والأزمات الاقتصادية والسياسية وكان مقترحا مقره في الرباط.
هل يوفر المجلس تمويلات للمشاريع؟
المجلس هو حاضنة للمشاريع الصغيرة، وفعلا نحن نساعد هذه المشاريع على الحصول على تمويلات من الاتحاد الأوربي الذي خصص ميزانية تصل إلى 5 ملايين يورو، لتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة، بهدف المساعدة على خلق فرص الشغل والحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوربا، وخلق فرص عمل محلية، ومن جهة أخرى حققنا إنجازات في مجال نقل التكنولوجيا والمعلومات في بعض الدول خاصة في الخليج، من خلال دعم مستثمرين صغار، بالتمويل، والدعم بالخبرة، وهؤلاء المستثمرون أصبحوا اليوم يقدمون تجربة نموذجية عن قصة نجاحهم..6