إحصاء أئمة الفيسبوك.. حماية أم تضييق؟

03 أكتوبر 2018 - 20:02

أعادت مذكرة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي وجهتها لمندوبي الشؤون الإسلامية في كل ربوع المغرب، تطلب منهم « السهر على إعداد إحصاء شامل للأئمة، والأئمة المرشدين، والمرشدات، المتوفرين على صفحة أو حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، النقاش حول الحد من حرية التعبير لهذه الفئة من الأئمة والمرشدين، وهل هذه المذكرة هي محاولة ضبطهم وتوجيههم؟ حيث اعتبر البعض أن هذه المذكرة الهدف منها تضييق الخناق عليهم، فيما رأى فيها البعض الآخر محاولة لمراقبة مدى التزامهم بالمذهب الملكي في كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وهل تتمشى مع توجيهات وزارة الأوقاف، فيما يخص التدين ومحاربة الغلو والتطرف ونشر الدين الوسطي بين عموم المواطنين.

خديجة الرياضي، الوجه الحقوقي البارز، اعتبرت أن هذه المذكرة لا تتماشى مع حقوق الإنسان الكونية وحرية التعبير وحماية الحياة الخاصة للأفراد، مضيفة أن « هذه الخطوة هي وسيلة لضبط ومراقبة الأئمة، في حين أن دستور المملكة ينص على حماية الحياة الشخصية للأفراد »، وزادت « مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم، لها حرمة مثل حرمة البيت ولا يحق لأي جهة كانت أن تنتهكها ». الرياضي في حديثها لـ »أخبار اليوم » قالت إنه في حالة وزارة الأوقاف أرادت القيام بهذه العملية، عليها أن يكون لديها حكم قضائي في هذه الشأن، وأن يتخذ القاضي المسطرة القضائية لمراقبة حسابات الأئمة والمرشدين »، مسترسلة « رغم أننا نعرف أن القضاء هو في خدمة الدولة، لكن على الأقل أن يكون هناك حد أدنى من احترام القانون ». وتابعت قائلة إنه « غير ممكن أن يصدر القضاء حكما بخصوص كل مرشد أو إمام على حدة، وهذا يمكن أن يحدث في حالات محددة تكون فيها متابعة قضائية أو لها صلة بملف محال على القضاء ».

وعلى خلاف الرياضي، يرى محمد ضريف، الباحث في الحركات الإسلامية، أن هذا الإجراء لا يمكن تصنيفه ضمن خانة الحد من حرية التعبير، على اعتبار أن القيمين الدينيين وأئمة المساجد والمرشدين لهم وضع اعتباري خاص في المجتمع، موضحا أن « هنالك قرارات سابقة مشابهة، من قبيل منع الأئمة من الانتماء إلى الأحزاب السياسية، باعتبار أن وظيفة الإمام أو الخطيب داخل المسجد تقتضي نوعا من الحياد، أي أنه ينبغي على القيمين الدينيين أن يعبروا عن مواقف واضحة، وإلا سيتهمون بالازدواجية، وهو ما عبر عنه وزير الأوقاف، حينما أكد أن هذه الفئة ينبغي ألا تكون لديها مواقف متناقضة، حتى لا تكون للأئمة مواقف على صفحات التواصل الاجتماعي مناقضة لتلك التي يعبرون عنها داخل المسجد وبالضوابط التي تحددها الوزارة ».

ويرى الباحث في الحركات الإسلامية في حديثه لـ »أخبار اليوم » أنه على يجب أن ينظر إلى الموضوع من زاوية المكانة الاعتبارية التي يتمتع بها هؤلاء، مشددا على أنه « من يطالب بتمتيع القيمين الدينيين بحرية التعبير فحرية التعبير مضمونة، ولكنهم عندما يتحدثون في مواقع التواصل فالتفاعل معهم يكون على أساس صفتهم وليس على أساس مواقفهم الشخصية ». سامي المحمد، رئيس رابطة أسرة المساجد بالمغرب، له رأي آخر في الموضوع، حيث قال في هذا الصدد إنه « إذا كان هدف الوزارة تطور الكفاءات واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي في شقها الإيجابي، فهو نوع من التواصل المحمود »، أما إذا كان الهدف من المذكرة مراقبة الأئمة ومعاقبتهم، فهذا لا يجزي ولا يفيد، مشيرا إلى أنه على الوزارة أن تسمح للأئمة والمرشدين للتعبير عن رأيهم ومواقفهم لمعرفة أفكارهم لتطوير القطاع وتكوينهم في النقائص التي لديهم، حتى يكونوا أفضل رسول للمجتمع.

وفي الوقت الذي أصدرت الوزارة هذه المذكرة، والتي خرجت لتبريرها بعد الجدل الذي أثارته، معتبرة أن مهمة العلماء والأئمة والخطباء والوعاظ كانت و »ستبقى هي التواصل مع الناس، وأن تكنولوجيا التواصل الاجتماعي تعد نعمة كبرى إذا استعملت في التبليغ النافع ». سبق أن صدر قرار بداية السنة يخول لأئمة المساجد وخطباء المنابر تقديم شكاوى في حال تعرضهم لقرارات جائرة من طرف مصالح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث تتشكل اللجة التي ستبث في هذا النوع من الشكاوي من الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، وعضو من المجلس العلمي الأعلى، ورئيس مجلس علمي محلي، واثنين من المشرفين على المساجد يمارسان المهام نفسها للقيم الديني المشتكي. ونص القانون على شروط تقديم القيم الديني، سواء أكان إماما أم خطيبا أم مؤذنا أم واعظا بالمسجد، ومنها أن يكون القيم الديني متعاقدا مع الوزارة، وتكون الشكوى ذات صلة بقرار رسمي صادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأن يكون لهذا القرار « ضرر حال وجدّي للمشتكي »، ويتيح القانون لأعضاء اللجنة المكلفة بالبت في شكاوى القيمين الدينيين، « القيام بالأبحاث والتحريات الضرورية، واستدعاء الأطراف والاستماع إليهم، والاستعانة بخبراء عند الاقتضاء، ودراسة المعطيات ووسائل الإثبات المدلى بها، قبل أن تحسم اللجنة في الشكاية داخل أجل شهر من تقديمها ». هذا، وبعد الجدل الذي خلفته مراسلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول إحصاء الأئمة والمرشدين الذين لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت الوزارة في بلاغ لها لتؤكد أن « التبليغ النافع من جهة العالم، والخطيب، والواعظ، والإمام هو الملتزم بثوابت الأمة، حسب مضمون النصوص القانونية، التي تؤطر مهام العلماء، والأئمة، ووفق دليل الإمام، والخطيب، والواعظ »، وزادت في هذا الشأن « كل ما يرد من جهة العلماء، والأئمة في منابرهم الإلكترونية مما يتوافق مع الثوابت، وما يناسبها من شرح أحكام الدين ومكارمه يستحق كل تشجيع من المؤسسة العلمية، وكل ما قد يرد في منبر من هذه المنابر مما ينأى عن هذه الثوابت والالتزامات، سيتم التنبيه إليه من جهة المؤسسة العلمية، التي لها الصلاحية وحدها للحكم على المضمون »، مشددة على أنه « لن يترتب عن الأمر أي إجراء إلا بقدر الإصرار على المخالفة، التي تجعل لصاحب المنبر حديثين، حديثا ملتزما في المسجد، وآخر « مناقضا » يصدر عن الشخص نفسه، الذي يعرفه الناس في المسجد »..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

yassine esamadi منذ 5 سنوات

لقد إستغنيت مؤخرا على واتساب الذي هو مراقب ويسهل إختراقه، ويتم إستعمال معطياتكم الشخصية من طرف واتساب ويتم بيعها من أجل الاعلانات التي تظهر على هاتفكم من خلال الفايسبوك وغيرها. اصبحت أستعمل تطبيق "سينيال signal" يحافظ على الخصوصية ولا يسجل معلوماتكم الشخصية والمحادثاث، حتى FBI لم تستطع إختراقه للتجسس على الرسائل والمكالمات، الدول الواعية والمتقدمة تستعمله على نطاق واسع مثل ألمانيا

التالي