أرملة بها لـ"اليوم24":هكذا قضى آخر يوم من حياته وهكذا تلقينا خبر وفاته

14 ديسمبر 2014 - 09:32

 

كثرت الروايات والتأويلات المتعلقة بظروف وملابسات وفاة وزير الدولة عبد الله بها… روايات لا تريد أسرته الصغيرة الالتفات إليها، فهي، حسب فاطمة معنان أرملة الراحل، تبقى مجرد تفاصيل، في ما الثابت أن بها رحل إلى جوار ربه بعد أن “انتهت مهمته في الحياة”، على حد تعبير نفس المتحدثة التي فتحت قلبها لـ”اليوم 24” في هذا الحوار الذي تعيد فيه رسم تفاصيل آخر يوم من حياة “حكيم” البيجيدي.

تكاثرت الروايات والتتأويلات المتعلقة بظروف وفاة عبد الله بها، كيف استقبلت أسرتك هذا الأمر؟

“احنا ما بغيناش نعرفو حتى حاجة من داكشي كامل، وأنا شخصيا ما بغيت نقرا لا جرائد ولا حتى حاجة ،” يكفيني ما أتوصل به من المقربين من مواساة وتعازي، ولا أريد الدخول في أمور قد تتشعب. أهم ما في الأمر هو أن الراحل أدى رسالته التي خلق من أجلها،  كما كان يقول هو نفسه عند سماعه نبأ وفاة شخص ما، وهذا ما نضعه حاليا نصب أعيننا. نحن مطمئنون لكون رسالته انتهت وانتهى الدور الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى ليقوم به في الأرض، غير ذلك “ما بغيت نعرف حتى حاجة وما بغيت نسمع حتى حاجة” لأن كل ذلك يبقى مجرد تفاصيل. فالمهم بالنسبة لنا هو أن بشارات صلاحه رحمة الله عليه ظهرت في محبة الناس له من المغرب وخارجه، والمغاربة مجمعون على صلاحه وعلى طيبوبته، و هذا يكفينا وأنا أفتخر به كزوج وأبناءه يفتخرون به كأب.

هل من الممكن أن تحكي لنا تفاصيل آخر يوم من حياته؟

كان يوم الأحد الماضي، صلينا كالعادة الصبح جماعة، ورجع يقرأ القرآن، وآخر سورة كان بصدد قراءتها كما عرفت اليوم بعد أن فتحت مصحفه كانت سورة “الحجرات”، ومعلوم أن هذه السورة تتحدث عن الأخلاق والمعاملات. “فطرنا مجموعين مع وليداتنا، تغدينا مجموعين وصلينا صلاة الظهر والعصر جماعة”. بعد ذلك غادرت المنزل لقضاء بعض الحوائج، ونفس الشيء بالنسبة لابنتي حكمة، وتركنا المرحوم في البيت مع ابني الآخر، بعد فترة اتصل بي هذا الأخير ليطلب مني أن أتكفل بإيصال ابنتي التي انتهت من أشغالها، قلت له إنه إذا تيسر لي الأمر سأقوم به وإذا لم يتيسر سأعود إلى البيت وبعدها سأذهب لأوصلها. بعد ذلك بوقت قصير اتصل ابني مجددا ليخبرني أن والده سمع محادثتنا وأخبره بأنه سيتكفل هو بتوصيل حكمة… وهذا ما كان.
بعد وصولي إلى المنزل، دخلت حكمة إلى البيت بمفردها، وبعد أن سألتها عن والدها أخبرتني أنه قام بإيصالها وقال لها “أنا شوية ونرجع”، وبعد أن قالت له إنها يجب أن تعود إلى منزلها، أخبرها أنه سيحاول العودة مبكرا ليلتقيها قبل ذلك. خلال رحلة عودتها إلى المنزل، أخبرتني حكمة أنها دخلت في حديث مفصل مع والدها لمناقشة موضوع حول القضاء والقدر، قالت لي  “مازال خصو يكمل معايا الكلام في الموضوع” لكن الله سبحانه وتعالى شاء غير ذلك.
في المساء بدأت تتقاطر علي الاتصالات الهاتفية، يسألني فيها الإخوة عن مكان الراحل -الذي كنا نجهله- وكنا ساعتها لم نطلع لا على التلفاز ولا على أية  وسيلة إخبارية أخرى، بعدها بقليل اتصلوا بي وقالوا لي “سيري لبيت سي عبد الإله”، عند وصولي إلى هناك فهمت أن زوجي توفي.

من الذي أبلغك بخبر الوفاة؟

عندما كنت في بيتي لم يكلمنا أحد عن وفاته، كل ما قيل لنا أنه تعرض لحادث، لذلك تخيلنا أن الأمر يتعلق بحادث سيارة في الطريق السيار خصوصا أن أحدا لم يذكر لنا احتمال الوفاة. بعد وصولنا إلى بيت سي عبد الإله “كنشوف الأخوات كيعنقوني وكيبكيو “، ظننت أن الأمر يتعلق بحادثة سير خطيرة، ولكن لم يخطر ببالي ولو للحظة أن الأمر يتعلق بالوفاة، حيث اعتقدت أن الأمر مشابه للحادثة التي سبق وتعرض لها المرحوم في الصحراء، حيث واجهنا نفس الموقف (يتصل بي الناس ويسألونني عن زوجي ولا يتحدثون معي بوضوح، إلى حين وصلت إلى منزل سي عبد الإله حيث أخبروني أنه أصيب في حادث وتم نقله للمستشفى حيث ذهبت للاطمئنان عليه).
في هذه المرة ظننت أن الحادث لربما أكثر خطورة، ولم يخطر ببالي احتمال الوفاة، لكن أقدار الله جارية فينا، وهذه سنة الحياة، وكما كان يقول الفقيد،” المهمة اللي خلقو الله عليها انتهت والتحق بالرفيق الأعلى.”

متى كان آخر اتصال لك بالمرحوم؟

آخر مرة اتصلت بهاتفه كانت حوالي الساعة الثامنة من يوم وفاته، وذلك بعد أن طلب مني الإخوة أن أتصل به لأنه لا يجيبهم، ولم يجبني أنا الأخرى. في حدود الساعة الثامنة والنصف اتصلوا بي وأخبروني بضرورة الذهاب إلى بيت السي عبد الإله. باستثناء ذلك، لم أتصل بالمرحوم أو يتصل بي بعد خروجه من البيت حيث تركته.
آخر شخص تحدث معه من الأسرة ابنته حكمة حول موضوع القضاء والقدر كما قلت سابقا، و”هادشي اللي كاين.”

هل صحيح أن الوزير الراحل سبق وأن أخبرك بأنه تفقد مكان وفاة القيادي الاشتراكي الراحل أحمد الزايدي أكثر من مرة قبل وفاته؟

لا أعرف إن سبق له زيارة ذلك المكان، فهو لم يسبق له أن أخبرني بذلك. الأمر يتعلق فقط بتأويل مني، فالمرحوم عادة ما يختلي بنفسه خارج البيت ليتدبر المسائل التي تشغل باله، حيث كان يقول لي أنه يستلهم أجوبة لأسئلته أثناء اختلائه بنفسه، “كان كيمشي وكايوصل لمعمورة أو لتمارة أو الهرهورة أو حدا البحر”، بمعنىأنه له عادة الاختلاء بنفسه للتفكير والتدبر.

يعني أنكم متعودون على خروجه المتكرر دون أن تعرفوا مكان تواجده؟

صحيح، وكنا لا نطرح عليه أسئلة في ما يتعلق بهذا الأمر. وبالنسبة لموضوع زيارته مكان وفاة الزايدي، فيوم قيل لي إنه توفي على مقربة من ذلك المكان، خمنت أنه سبق وزاره، حيث أنني تذكرت أن المرحوم الذي كان متعودا أن يرتدي لباسا رياضيا خفيفا في معظم خرجاته هذه، عاد في أحد الأيام إلى المنزل وحذاءه الرياضي ملوث بالطين، حدث هذا أياما قبل وفاته. المرحوم ومنذ توفي الزايدي رحمة الله عليه، وهو يفكر كيف توفي في طريق يمر عبرها يوميا، وكان يحاول فهم ما حدث، فمن عادته التمحيص في مسائل كثيرة. زيادة على ذلك، قال لي حول الأمر “إننا جميعا مسؤولون، ايلا كان شي حاجة ماشي هي هاديك فديك القنطرة خصها تصلح، وما تعاودش توقع شي فاجعة بحال هاديك”.  يوم دخل إلى المنزل وحذاءه ملوث بالطين، قلت له “فين كاتمشي فين كاتوصل؟” فرد علي بالقول إن الوحل ينتشر في كل مكان خلال الأيام الممطرة. لكن هذا لا يؤكد أنه ذهب إلى مكان وفاة الزايدي، تبقى هذه تخميناتي الخاصة، فقد خمنت أنه يومها زار ذلك المكان تحت القنطرة، ويوم وفاته زار فوقها، لكن هذا لا يؤكد شيئا.

ما هي الوصايا التي كان عبد الله بها يكررها على مسامع أسرته وأولاده؟

كان يلح على أبنائه بأن يطلبوا العلم والمعرفة طوال حياتهم وفي أي وقت. وكان يلقن لهم مبادئ حب الوطن والوطنية، ويقول لهم أحسنوا إلى الناس وساعدوهم وحاولوا أن تحلوا مشاكل البسطاء لأنهم عماد الوطن. فغياب التكافل بين أفراد المجتمع ماديا و معنويا حسب الفقيد قد يوصلنا إلى يوم قد لا نستأمن فيه على أرواحنا، لأن الناس لن يقبلوا الظلم. وكان رحمة الله عليه لا يغضب لشيء إلا للظلم، فكان لا يقبل أن يُظلم الناس في معيشتهم واستشفائهم وتعليمهم، وكان يعمل جاهدا على أن تسير الأمور في اتجاه تكريس العدل الاجتماعي و”ما يبقاوش المحتاجين والمظلومين”، لقد كان يحمل هذا الهم ويكرسه لدى عائلته.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نور الدين منذ 9 سنوات

سعبد الله بها لم يكن العلبة السواء و لكن كان صندوق الحكمة والحمامة البيضاء و الشمعة التي تنير باحتراقها

نور الدين منذ 9 سنوات

غريب امر الناس ففي حياة سعبد الله بها كان فقط القليل القلة من حزبه الذين يعون و يقدرون قيمة هذا الرجل وأما المنافسون السياسيون فاغلب الكل لا يعترف له بشيء و كان لابد ان يتوفاه الله ليعترف له الكل بكل شيء !!

نور الدين منذ 9 سنوات

االانسان لا يتدخل في خصوصيات الناس و هم احياء ، فهل يعقل ان نفعل دلك و هم اموات!!!!!

محمد برحيلة منذ 9 سنوات

يالها من صفات جميلة أجتمعت في المرحوم عبد الله باها,رحمة,تواضع,أخلاق فاضلة,ومن خلال تصرفات الرجل يبدو أنه كان دائم الاستعداد للرحيل ولقاء ربه, ولم تكن الدنيا تعني له الشيء الكثير,لأن الرجال مثله لم تكن أموالهم ومناصبهم تلهيهم عن أداء الرسالة والواجبات التي خلقوا من أجلها. هنيئا لك ياعبد الله ,لقد أديت ما خلقت من أجله بوفاء وإخلاص لقد نلت رضى الله ,ونلت حب أهلك وذويك,ونلت عطف جميع المغاربة وعلى رأسهم الملك محمد السادس الذي أدرك جيدا مدى الفراغ الذي سيخلفه غيابك,وكان أول من بادر بتعزية عائلتك والأمة,وأوفد شقيقه الأمير مولاي رشيد ليمثله في الجنازة,إنها إلتفاتة لها أكثر من معنى. إن وصيتك الرائعة إن دلت على شيء فإنما تدل على حبك الكبير لأبناء شعبك وخاصة المستضعفين منهم,ومسؤولية تطبيق تلك الوصية تقع على رفاقك في الحزب والذين يتحملون حاليا المسؤولية العظمى,مسؤولية الحكم وتسيير الشأن العام,فإن كان الأستاذ عبد الاله بنكيران يحبك بصدق كما قال عدة مرات,فمن الواجب عليه أن يفعل وصيتك, بمحاربة الفساد والفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة وتوفير الشغل والتعليم النموذجي والخدمات العلاجية لأبناء الشعب الذين أوصلواحزب المصباح لسدة الحكم. أسأل الله أن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يبدله دارا خيرا من داره,وأهلا خيرا من أهله,وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان آمين. محمد برحيلة من العاصمة الاسماعيلية مكناس 0622137512

مواطنة منذ 9 سنوات

باركا من التنقيب في اسرار الزوجة الاولى او الثانية و الكلام اللي ما ينفع اش هاد العقلية لاحولة ولا قوة الا بالله رحم الله الشهيد ان شاء الله فلنتعلم منه ولو القليل

ربيع غالي منذ 9 سنوات

الصبر و السلوان لأسرة الفقيد و نسأل الله الرحمة و المغفرة له وأن يسكنه فسيح جنانه

رشيد بنحسن من اولادتايمة منذ 9 سنوات

رحمة الله عليه و اسال الله العلي القدير ان يثبت منطقه عند سؤال القبر امين

مغربي منذ 9 سنوات

رحمة الله عليه وعلى المسلمين اجمعين.اود ان افهم لم تهتم الصحافة بآراء و تفسيرات الزوجة الاولى فقط،هل معنى هذا انه كان يهمل زوجته الاولى و لا يعترف باي دور لها في حياته او كان قد قطع حبل الود بينهما.

نفس مطمئنة رجعت إلى ربها راضية مرضية منذ 9 سنوات

الطيبون لطيبات رحم الله عبده باها صلى الفجر جماعة و كان في ذمة الله و بارك الله في زوجته فهي جبل شامخ ومثل المؤمنات المغربيات الصابرات المحتسبات و حفظ الله أهل باها و أفرغ عليهم صبرا لفراقه و جمعهم معه في عليين إنه ولي ذالك و القادر عليه

التالي