بنكيران بعيدا عن السياسة: بنكيران: في الثانوية أشاعوا أنني «بوليسي» وقرروا قتلي

01 يوليو 2015 - 23:59

بنكيران ظاهرة سياسية، وآلة تواصلية، وقوة خطابية، وزعامة فرضت نفسها اليوم.. هذه حقائق لا يختلف حولها خصوم بنكيران كما أصدقاؤه.. هو رجل مثير للجدل طبع مرحلة سياسية بأكملها، بما له وما عليه. هو رئيس أول حكومة بعد الدستور الجديد والربيع الجديد والوعود الجديدة بالإصلاح والتغيير… عندما يفرح يطلق نكتا وضحكات لا تخلو من رسائل سياسية. عندما يغضب يخرج أسلحته الثقيلة في وجه خصومه، ويبدأ في إطلاق النار، يتحدث بأكثر من لغة إلا لغة الخشب.. سيرة بنكيران صارت اليوم على كل لسان، فهناك من يحبه وهناك من يكرهه، وهناك من يقف في الوسط بين الحب والكره، يتفق معه ويختلف حسب الظروف والأحوال، لكن الجميع يتابع خطبه، قراراته، معاركه، خرجاته، وحتى صمته صار يؤول اليوم في الساحة السياسية، وتعطى له مبررات ودلالات… للاقتراب أكثر من بنكيران الإنسان، نخصص هذه السلسلة الرمضانية للحديث مع الرجل الثاني في الدولة على لسانه، وبالرجوع إلى ذاكرته هو دون وساطة أو توسط.. بعيدا عن السياسة، قريبا من بنكيران المواطن، والغرض أن نفهم زعيم العدالة والتنمية أكثر، أن نعيد قراءة سيرته، ومراحل تشكل وعيه، وتضاريس الواقع الذي أحاط به. إنها سلسلة للاقتراب أكثر من هذا الذي صار سيرة على كل لسان.. لنتابع…

 

 

«إذا كنت قد بقيت في الحياة العامة فهو مجرد قدر من الله، لأن الذين يشبهونني، أي يقولون داكشي للي كايجيهم فالبال، عادة لا يصمدون في المجتمعات التي تشبه مجتمعنا»، هكذا يمهّد عبد الإله بنكيران لحكي واحدة من أصعب محطات حياته. «تعرّضت لصدمة في ثانوية الليمون، حيث كانت السنوات الأولى من السبعينات حافلة بالنضال، وفي الثانوية كانت تقريبا سنوات بيضاء، وأذكر أننا كنا نحضر في تظاهرات في ثانوية الليمون وثانوية مولاي يوسف، وكان التلاميذ يدعون إلى المظاهرات وكنت أشاركهم في ذلك، وكانوا يرونني أشارك بحماس لكنهم عجزوا عن تصنيفي وتحديد انتمائي، فأطلقوا علي إشاعة قاتلة، فقالوا: هذا بوليسي».
كانت اجتماعات يومية تنعقد بين التلاميذ في ثانوية الليمون، ليتقرر استمرار الإضرابات والنضال، وكان بنكيران يحضر معهم، «وفي يوم من الأيام جاءني صديق لي وقال لي: ‘‘احذر، لقد قرروا قتلك وإحراق دراجتك النارية، فلا تذهب للاجتماع’’. أخذت أكتب ما بلغني أنهم يقولونه عني في دفتر شخصي، مدافعا عن نفسي طبعا، في الصباح وقبل خروجي سلّمت على الوالدة وطلبت منها أن تدعو لي، وتركت الدراجة في البيت، ثم ذهبت إلى الاجتماع، وبمجرّد دخولي، ارتفعت الشعارات المنادية بقتلي والتي تتهمني بأشياء كثيرة».
قرّر التلاميذ المجتمعون في ثانوية الليمون «محاكمة» عبد الإله بنكيران.. «قام أحدهم، وأذكر أنه كان ذا شكل ثوري، ودعاهم إلى محاكمتي متطوعا للتحقيق معي، فأخذوني إلى قاعة وراحوا يسألونني، ثم أخذوا مني محفظتي وأخرجوا منها الدفتر الذي كنت أكتب فيه، فوجدوا ما كتبته عن اتهاماتهم لي، اكتشفوا الحقيقة، فأمسكني ذلك الشخص من يدي وأخذني إلى قاعة الاجتماع، ورفعني إلى طاولة الأستاذ حتى يراني الجميع، وقال لهم: ‘‘هذا مناضل وكل ما اعتقدناه خطأ’’، ثم أعطوني الكلمة فألقيت خطبة قلت لهم بذلك الخطاب اليساري الذي كان سائدا حينها: ‘‘أنا رفضني الإقطاعيون لأنني مناضل، ورفضني المناضلون لأنني إقطاعي، وإن الزمن هو الذي سيثبت من منا المناضل من شيء آخر’’».
انتهت «محاكمة» بنكيران بشكل منحه صبغة بطولية، ونال في ختامها تصفيقات حارة وشعارات مؤيدة، «لكنني في داخلي انكسرت لشدة تلك الصدمة والتهمة التي وجهت إلي، فقررت الخروج من الحياة العامة، وكان ذلك في بداية 1972، فمرت تلك السنة ثم نلت الباكالوريا في السنة الموالية، وانتقلت إلى المدرسة المحمدية للمهندسين، وأنا على نية عدم العودة إلى الحياة العامة ما حييت».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

تلميذ منذ 10 سنوات

مسكين ، و مطيع و صحابو و الشبيبة الاتحادية و الاستقلاليون تا هوما ظلموك ،و رسالتك للبصري تا هي ما كايناش ؟