وفاة محمود غينيا: رحيل عراب تاكناويت

02 أغسطس 2015 - 23:30

عاش متواضعا ومات في صمت، المعلم محمود غينيا، الرجل الخجول القليل الكلام الكثير الإبداع، رحل عشية، اليوم الأحد، واضعا نقطة النهاية لمسار فنان عاش لتاكناويت، وخلف إرثا موسيقيا مهما، بعد أن شارك بإيثار في إنقاذ فن عانى هول الانقراض.
أزقة الصويرة الضيقة ستفتقد الرجل الداكن السمرة، الذي حمل اسما يعكس تاريخ إفريقيا السوداء، والذي كان يجوب الشوارع فوق دراجته النارية، مستسلما بين الفينة والأخرى لرغبات المعجبين الراغبين في التقاط صور معه.
محمود غينيا، الذي رأى النور عام 1951 في مدينة الرياح موغادور، هو سليل عائلة من مالي، جده عانى العبودية في فيافي الصحراء،  قبل أن ينتقل والده مبارك إلى موغادور،  حيث تحول إلى معلم مشبع بتاكناويت، بينما كان هذا الفن يعاني تهميشا كبيرا،  فلم يكن يعتبر إلا موسيقى يعزفها السود لكسب بعض الدراهم، ويستمع إليها البيض لمعالجة أمراض نفسية، والتواصل مع الكائنات الروحية، لكن هذا الفن كان يحظى بإعجاب السياح، الذين ربطوا بينه وبين موسيقى السود في الولايات المتحدة الأمريكية.
المعلم بوبكر غينيا نقل لعنة تاكنويت لأبنائه الثلاثة المختار، ومحمود، وعبد الله، ولابنته زايدة.

كان الراحل محمود يبلغ من العمر 12 سنة حين بدأ في النقر على أوتار الكنبري، متتبعا خطوات والده، قبل أن يلج زاوية سيدنا بلال،  حيث حصل على لقب معلم في سن العشرين، بعد أن تجاوز بإبهار امتحان المعلمين الكبار، وأظهر تقنيات متميزة في العزف على الكنبري والضرب على الطبل، ليبدأ مسارا متميزا توج بإصدار العديد من الألبومات، والمشاركة في مجموعة من الحفلات إلى جانب نجوم كبار، مثل كارلوس سانتانا، وكريم زياد، وأدام ردولف وعلى كيتا وزاك شاو، كما شارك في العديد من المهرجانات في إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا واليابان، والولايات المتحدة، والنرويج.
وعلى الرغم من الشهرة الكبيرة التي اكتسبها، فإن محمود غينيا ظل ملتصقا بالصويرة، وشاءت الأقدار أن يكون هو من اختتم الدورة الأخيرة من مهرجان الصويرة لموسيقى تاكناويت إلى جانب الفنان الجزائري كريم زياد.
محمود غينيا، الذي تشبث بتاكناويت في الوقت الذي لم يلتفت إليها بعد الجمهور الواسع، حرص على نقل معارفه إلى الجمهور الناشئ،  كما أن عائلته تتولى حراسة معبد تاكنويت في زاوية سيدنا بلال. وبرحيل المعلم محمود وقبله المعلم عبد الله، يبقى المعلم المختار غينيا حافظ على إرث هذه العائلة، التي تعكس التلاحم الثقافي بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي