"اليوم24" في منزل عائلات المغاربة المحتجزين في ليبيا..ألم ووجع!-ربورتاج مصور

19 نوفمبر 2017 - 20:25

فيديو: سامي سهيل 

بنظرة تكسوها خيبة الأمل، تتطلع عيون أمهات المهاجرين المحتجزين في ليبيا، على الفيديو الذي تم تصويره داخل مركز الإيواء. كل أم تبحث عن عيون ابنها، علها تتأكد، فقط، أنه مازال على قيد الحياة، أما الرجوع إلى الوطن، فهي مسألة وإن طال أمدها ستتحقق.

هنا إقليم بني ملال، « عاصمة الجالية المغربية المقيمة بالمهجر »، أو « ميلانو المغرب »، كما يلقبها أبناء البلاد. كل شيء في المنطقة تغير، والمسافة الفاصلة بين مدينتي قصبة تادلة، وبني ملال، وإقليم « بني عياد »، صارت متصلة، متشابهة. فيلات فاخرة هنا وهناك، وضيعات ممتدة على مئات الهكتارات، ومقاهي عصرية، تعود ملكية أغلبها إلى مهاجرين يعيشون في الديار الأوروبية.

received_1656882847703001

لعنة الفردوس اللعين

الهجرة إلى أوروبا أصبحت حلم شباب المنطقة، فلكل عائلة، على الأقل فرد واحد في ديار المهجر، مقابل ذلك أغلب البيوت أقامت جنازة الغائب على أبناء سلمتهم طواعية لغدر الأمواج.

الساعة تشير إلى السادسة مساء، الوقت الذي وصلنا فيه إلى إقليم « بني عياد »، البعيد عن مدينة بني ملال بـ45 كيلومتر، استقبلتنا عائلة عبد اللطيف الضرابي الشاب الذي ظهر في الفيديو، يطلب من المسؤولين مساعدة 260 مهاجر، تم احتجازهم في ليبيا بعدما انقلب بهم القارب قرب السواحل الليبية، شهر يوليوز الماضي.

عبد اللطيف، أب لطفلين، كان يشتغل حارس أمن خاص في مطار مدينة الصويرة، قبل أن يقرر ترك أسرته والهجرة إلى الديار الإيطالية، لأجل البحث عن فرصة عيش أحسن، مثل باقي أبناء حيه، الذين هاجروا وعادوا بسيارات، وأملاك، ضمنوا بها مستقبلهم.

ذهب عبد اللطيف، حسب حديث شقيقه التوأم عبد الهادي، إلى ليبيا عن طريق الجزائر، خرج في قارب انقلب بهم قبل الوصول إلى السواحل الإيطالية، فانقطعت أخباره، منذ ذلك الحين حتى ظهور فيديو يوثق احتجازهم داخل مركز للإيواء منذ أشهر، وإعلانهم الدخول في إضراب عن الطعام.

عبد الهادي الذي تحدث لـ »اليوم 24 » رفقة والدته، كشف أن شقيقه كان يعيش حياة متوسطة في بلده، لكن رغبة عناد من أغنتهم الغربة جعلته يقدم على هذه الخطوة، ويترك كل شيء وراء ظهره، ويخاطر بحياته مقابل الوصول إلى « الجنة الأخرى ».

received_10214898461956007

وزر الأمهات

فاطمة، والدة جعفر زكريا، البالغ من العمر 20 سنة، تروي لـ »اليوم 24″ حكاية ابنها و »لحريك »، فالشاب ومنذ أن كان طفلا أبدى رغبته في مغادرة البلد، لكن بعد انقطاعه عن الدراسة، وفشله في العثور عن عمل، أصبح حلم الجهرة إلى إيطاليا كابوسا قض مضجع الأسرة التي صارت مطالبة بتوفير مبلغ 40 ألف درهم، تقريبا، تكاليف الجهرة السرية.

تقول فاطمة: « ولدي مشاو كاع صحابو.. حتى هو بغا يمشي.. عيت معاه باش يبقى ولكن لا غالب إلا الله ». تتحدث فاطمة وفي يدها هاتف نقال تبحث فيه عن وجه ابنها في فيديو تم تسريبه من داخل مركز الإيواء في ليبيا للمحتجزين يشاهدون مباراة المنتخب الوطني الأخيرة.

في بيت فاطمة أيضا، تجلس جارة سبعينية، فلا تجد حفيدها اليتيم، الذي سهرت على تربيته منذ وفاة ابنتها، فقرر تركها وحيدة في بني ملال، راكضا وراء حلم ضائع ينخر سنوات شبابه.

تقول جدة وليد، البالغ من العمر 16 سنة، أن حفيدها اشتغل في مهن حرة لمدة أشهر ليوفر ثمن الهجرة السرية من المغرب إلى إيطاليا، ولأنها منعته من السفر مرات كثيرة، قرر هذه المرة الرحيل دون وداعها، وما إن وصل الجزائر بعث لها برسالة يخبرها أنه في الطريق إلى إيطاليا.

received_1656882964369656

تدخل الوزارة

من جهتها أكدت الوزارة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، متابعتها لتطورات الموضوع، وإشرافها عن قرب على وضعية المغاربة العالقين بليبيا، واشتغالها بجدية كبيرة، وبتكامل تام مع كافة المؤسسات الأخرى المعنية بهذا الملف، قصد إنجاح عملية ترحيلهم إلى أرض الوطن، في ظروف تحفظ سلامتهم.

ويعتبر هذا التدخل هو الثاني للمغرب لدى السلطات الليبية، بعد ترحيل 190 مغربيا من العالقين في ليبيا قبل أشهر قليلة، عبر طائرتين خاصتين، استأجرتهما وزارة الهجرة خصيصا لإنهاء مأساة مواطنيها العالقين على الأراضي الليبية.

مهدي، وعبد اللطيف، ووليد، وأسامة، وجعفر.. أسماء مختلفة بقصص متشابهة، ومصير واحد لأكثر من 260 مغربيا عالقين في ليبيا، يتنظرون العودة إلى هنا، حيث الوطن، وطن تتقاسم فيه الأمهات المأساة، لكن الأمنية واحدة، عودة الأبناء إلى بلادهم سالمين، أما ملايين السنتيمات التي ضاعت « يخلفها الله ».

[youtube id= »ktH0lo4SpJU »]

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *