الحاجي: مذكرات اليوسفي لم تكن غنية بما يشبع الانتظارات

11 مارس 2018 - 23:03

قال سعيد الحاجي، باحث في التاريخ المعاصر، إن مذكرات عبد الرحمان اليوسفي، كان ينتظره الكثيرون لمعرفة التفاصيل السرية، التي لم يكن بإمكان اليوسفي أن يبوح بها خلال فترة تحمله المسؤولية وزيرا أول.

لقيت مذكرات الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي تفاعلا كبيرا كشف وجود تعطش إلى مثل هذه المذكرات. ما تفسير ذلك؟

أعتقد أن انتظار المغاربة عموما، خاصة المهتمين بالشأن السياسي والباحثين في تاريخ المغرب الراهن، هذه المذكرات، مرده إلى أهمية تلك الفترة من تاريخ المغرب، إضافة إلى أن هذه المذكرات هي لزعيم سياسي عُرف بمعارضته النظام المغربي، ثم توصل حزبه إلى توافق مع المؤسسة الملكية لقيادة حكومة التناوب في ظل دستور اعتبره المتتبعون ممنوحا، لم يترك هامشا يذكر لأي مكون سياسي لكي يشتغل على أرضية تعاقد انتخابية مع الشعب.

 تقصد أن الانتظار يتعلّق بمرحلة سياسية من التاريخ المعاصر أكثر من الشخصية؟

نعم، فما تعرض له حزب الاتحاد الاشتراكي وزعيمه عبد الرحمان اليوسفي من عراقيل، خلال قيادته حكومة التناوب، من طرف من سماهم آنذاك «جيوب المقاومة»، دون تحديد دقيق لهذه الجيوب ومن يمثلها، إضافة إلى ما راج حول القسم على المصحف من طرف اليوسفي أمام الملك الحسن الثاني، وكذلك تعيين إدريس جطو بشكل اعتبره اليوسفي خروجا عن المنهجية الديمقراطية، كما ورد في البلاغ الشهير سنة 2002؛ كل هذه الأحداث لم تتم إماطة اللثام عن تفاصيلها، وهو الشيء الذي كان متوقعا، لذلك، كان إعلان كتابة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي مذكراته، بمثابة الحدث الذي ينتظره الكثيرون لمعرفة التفاصيل السرية، والتي لم يكن بإمكان اليوسفي أن يبوح بها خلال فترة تحمله المسؤولية وزيرا أول.

 هل أجابت هذه المذكرات عن الانتظارات المتوقعة؟

أعتقد أنه وعلى عكس ما كان متوقعا، لم تكن مذكرات الأستاذ اليوسفي غنية بما يشبع رغبة المتتبعين والباحثين في تاريخ المغرب الراهن، في تكوين صورة أوضح وأعمق حول الطريقة التي كانت تدار بها الأمور في الكواليس خلال الفترة المذكورة، حيث جاء الجزء الأول من مذكرات الأستاذ اليوسفي في خمسة فصول، الأربعة الأولى منها متعلقة بنشأته وحياته الخاصة ونضاله ضد الاستعمار، وفترة معارضته نظام الحسن الثاني ثم قيادته الاتحاد الاشتراكي، وهي فصول تضمنت معلومات إما سبق تداولها، وهي معروفة، أو معلومات ليست هي تلك المنتظرة من وزير أول لحكومة التناوب الأولى التي قادها حزب معارض من حجم الاتحاد الاشتراكي.

لكنه خصص فصولا لفترة توليه المسؤولية الحكومية؟

رغم أن الأستاذ اليوسفي خصص الفصل الخامس للحديث عن فترة رئاسته الحكومة، فإن نقط غموض كثيرة لم توضح، خصوصا ما يتعلق بجيوب المقاومة كما يسميها الأستاذ اليوسفي، حيث لم يكن واضحا بشكل كاف ودقيق في هذا الصدد. الوضوح الوحيد الذي يبدو في هذه المذكرات كان بخصوص وزير الداخلية السابق إدريس البصري وممارساته وأدواره، التي تجندت الصحافة بعد إقالته لإبرازها والنبش فيها بالشكل الذي أصبحت فيه أدوار البصري وممارساته في النسق السياسي المغربي، طيلة فترة إدارته وزارة الداخلية، معروفة لا تثير الاستغراب أو تخلق الحدث.

 ما هي الإضافة التي تأتي بها إذن مثل هذه المذكرات؟

مذكرات الزعماء السياسيين، الذين اشتغلوا في أضيق دوائر القرار، تكتسي أهمية كبرى في كتابة تاريخ المغرب الراهن، لكنها يجب أن تكون مذكرات تتضمن التفاصيل التي كان المتتبعون يعلمون بوجودها، لكنهم لا يعرفون كنهها على وجه التحديد. كما أن الوقائع والقرارات والخطوات التي تكون محط جدل في فترة تولي زعيم سياسي المسؤولية، والتي لم يكن بإمكانه حينها الإفصاح عن التفاصيل الخفية المرتبطة بها، يجب أن تكون جوهر هذه المذكرات. أما إذا كانت المذكرات تتمحور حول الحياة الشخصية للزعيم السياسي، أو تتضمن سردا للوقائع كما يعرفها الجميع، أو تتضمن كلمات ألقيت في محطات معينة وغير ذلك… فإنها تتحول إلى مجرد نوستالجيا أكثر من كونها مذكرات يفترض أنها تكتب لخدمة التاريخ والتحول الديمقراطي في البلاد.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي