خوان كارلوس.. السفير الأول للديمقراطية

07 يونيو 2018 - 02:00

كثيرة هي الدراسات التي أجمعت على أهمية الدور الذي لعبه الملك خوان كارلوس (والملكية كمؤسسة) في تطبيع العلاقات الخارجية الإسبانية بعد وفاة فرانكو، والإشعاع الدولي المحقق فيما بعد كثمرة لذلك التطبيع. مع ذلك، وكما يحدث مع العديد من الأعمال التي قام بها الملك خلال فترة حكمه، لم تحظ هذه المسألة بالاهتمام الجاد الذي تستحقه. لهذا نحاول هنا الإشارة إلى هذه الفراغات مع تقديم بعض الحجج لتجاوزها. علاوة على ذلك، من المعقول وضع هذه النظرة التأملية في إطار دراسة شاملة للعرش في الأنشطة الخارجية للملكية البرلمانية.

الدور الطلائعي للملك خوان كارلوس في المجال الخارجي يرد، بشكل خاض، إلى الظروف الخاصة لفترة حكمه، وبالضبط تلك التي رافقت اعتلاءه العرش. لهذا، وعلى عكس الملوك الآخرين المعاصرين له، عرفت نشاطاته الدولية تغيرات مهمة جدا، ما يعكس في نفس الوقت التغير البارز في سياسة الدولة التي ترأسها ما بين 1975 و2014.

خلال المرحلة الأولى من حكمه، الذي بدأ مع اعتلائه العرش سنة 1975، والتي انتهت مع وصول فيليبي غونثاليث إلى رئاسة الحكومة سنة 1982، لعب دورا مهما في التعريف وترسيخ السياسة الخارجية التي كانت تبحث، أولا وقبل كل شيء، عن الإدماج الكامل لإسبانيا في النظام العالمي، أو إذا أردت، تطبيع علاقاتها الخارجية، إلى جانب الاعتراف بالملكية. هذا الدور الطلائعي يرد، في جزء منه، إلى السلط التي خولها القانون المنظم للدولة (1967)، والذي ظل العمل بمضامينه الأساسية إلى حدود المصادقة على  دستور 1978، وخاصة الظروف التي واكبت عملية الانتقال الديمقراطي، والتي سمحت له، وإن لم تجبره، على لعب دور ريادي سياسيا، وحتى في المجال الخارجي. ذلك الوضع عرف تغيرا ملحوظا بعد دخول دستور 1978 حيز التنفيذ، إذ أصبحت السياسة الخارجية خاضعة لسلطة المراقبة البرلمانية.

غير أن الحدث الذي كان له تأثير كبير على النشاط الخارجي للملك، كان بكل تأكيد الانتصار الكاسح لفيليبي غونثاليث في الانتخابات التشريعية العامة سنة 1982، حدث تاريخي طبع بداية المرحلة الثانية، التي تمثلت في ترسيخ التطبيع الذي انطلق في المرحلة الأولى. وتبقى الفترة البارزة في المرحلة الثانية هي تنظيم مؤتمر السلام حول الشرق الأوسط الذي نظم في القصر الملكي بمدريد 1991، والتي كانت بمثابة اعتراف بالنضج الدبلوماسي لدولة لم يسبق لها أن احتضنت لقاء دوليا بنفس الوزن منذ مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906.

هذا دون إغفال الألعاب الأولمبية التي احتضنتها برشلونة سنة 1992، والتي ساهمت في الإشعاع الدولي لإسبانيا، حيث لعبت العائلة الملكية دورا خاصا. المرحلة الثالثة للتطور التي نحلله في هذه الصفحات بدأت مع الألفية الجديدة، خلال الولاية الثانية لحكومة خوسي ماريا أثنار، والتي استمرت مع ولايتي حكم خوسي رودريغيث ثاباتيرو وماريانو راخوي. خلال المرحلة الثالثة والأخيرة، عرف الدور الخارجي للملك نوعا من التراجع، ساهم فيه السياق الدولي كما تحركات الحكومة الإسبانية، وفيما بعد، تآكل شعبيته لدى المواطنين الإسبان.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي