عندما تلتقي مصالح الملكية بمصالح فرنسا وإسبانيا

10 يوليو 2018 - 01:00

في هذا الكتاب القيم والعميق تحت عنوان: «تاريخ المغرب»، تنبش قيدومة الباحثين الإسبان، ماريا روسا دي ماداراياغا، في تاريخ المغرب ومنطقة الريف. الباحثة التي ألفت العديد من الكتب حول الريف، تقدم تحليلا عميقا حول التطورات السياسية والاجتماعية الثقافية التي شهدتها المملكة منذ الاستقلال، بالاعتماد على تجربة مثقفة عايشت نضال رفاقها المغاربة من أجل الحصول على الاستقلال مع الملك محمد الخامس، والحركات الاجتماعية والانقلابات العسكرية في عهد الملك الحسن الثاني، وفشل إدخال المغرب إلى مصاف الدول الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية مع الملك محمد السادس.

وقفا للسلطات المغربية، نظم الفرنسيون والإسبان، في يناير 1958، عملية الإعصار، التي سيطلق عليها فيما بعد «Ecouvillo-Teide»، حيث قام 15 ألف جندي في فبراير من السنة نفسها، بغطاء جوي من مائة طائرة حربية، بتفعيل عملية «تطهير» الصحراء.

هكذا، وجدت قبائل الصحراء، التي قضت الطائرات الحربية على قطعانها، مجبرة على الهجرة، فيما انتهى الأمر بما تبقى من مقاتلي جيش التحرير، الذين سحقهم التفوق العسكري للقوات الفرنسية والإسبانية، إلى الاستسلام. أغلبهم التحقوا بالجيش النظامي الملكي المغربي. كانت عملية عسكرية ناجحة. انتصرت فيها القوتان المحتلتان فرنسا وإسبانيا، وبذلك بقيت مصالحهما محمية بتواطؤ من الملك، الذي خرج أيضا منتصرا من تلك العملية بحل جيش التحرير في الجنوب، والذي أصبحت تحركاته مقلقة.

وفي التفاتة لشكر الملك على سلوكه الجيد، وبموجب اتفاقيات أنجرا دي سينترا (1 أبريل 1958)، التي تضع حدا للمواجهات العسكرية مع جيش التحرير في الجنوب، والمعروفة باسم حرب إفني، أعادت إسبانيا، رسميا، طرفاية إلى المغرب، وهي منطقة كانت محتلة تحت قيادة القائد فرانسيسكو بينس. وكما هو معروف، فإن هذه المنطقة كانت تمثل المستعمر الإسباني في جنوب الإمبراطورية الشريفة.

مؤامرات مبتدعة وانقلابات فاشلة وسنوات الرصاص
قبل اعتلائه العرش، كان مولاي الحسن يلعب، كما سلف ذكره، دورا مهما في الحياة العامة، ليس فقط قائدا للقوات المسلحة الملكية، بل وريثا للتاج يتوجب عليه أن يستعد للحكم في يوم من الأيام. ورغم أن والده كان يدين لجيش التحرير بعودته إلى المغرب، ولحزب الاستقلال بتَحَوُّله إلى رمز للوطن والوطنية المغربية، فإن السلطان، بعد تخلصه من جيش التحرير، كان يستعد لوضع حد لطموحات الثاني (الاستقلال) في التحول إلى الحزب الواحد (one party).

هكذا بدأ شد الحبل بين الملك وحزب الاستقلال من أجل الهيمنة على الحكم. هذا دون إغفال أن من صنع صورة محمد الخامس باعتباره رهينة وضحية للاستعمار الفرنسي، وشهيد النضال من أجل الاستقلال، كان هو حزب علال الفاسي، من خلال جعل محمد بن يوسف «بطلا شعبيا»، وقضية الاستقلال مرتبطة بشخص الملك. لكن، مباشرة بعد تحقيق الاستقلال، لم يكن محمد الخامس يرغب في أن يسود فقط، بل أن يحكم أيضا. وأمام تحقيق هذا الهدف، من البديهي أن يتحول حزب الاستقلال إلى عائق.

في الحقيقة، كان حزب الاستقلال يود أن يتحول المغرب إلى ملكية دستورية، حيث يلعب الملك دورا رمزيا، ويتمتع بالحد الأدنى من الصلاحيات. في المقابل، من الطبيعي أن يتشبث الملك بصلاحياته، لذلك، وجد نفسه أمام خيار مواجهة نفوذ حزب الاستقلال بدعم قوى أخرى مضادة له. ومن أجل ذلك، لم يتوانَ محمد الخامس في التقرب من القياد الكبار والباشاوات الذين شاركوا في السابق في مؤامرة الإطاحة به. عفا عنهم السلطان مقابل دعمه في معركته ضد حزب الاستقلال.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي