الجهاديون المغاربة في سوريا.. المكاوي: الدول فشلت في حل يجمع بين الحقوقي والأمني

22 فبراير 2019 - 07:04

في الوقت الذي ينتظر فيه العالم في الساعات المقبلة الإعلان الرسمي القضاء على التنظيم الإرهابي « داعش »، على الأراضي سورية بعد خسارة جل الأراضي التي كان يسيطر عليها منذ 2014، باستثناء مساحة  كيلومتر مربع واحد يتحصن فيه آخر مقاتليه في بلدة الباغوز شرق الفرات؛ تحول الدواعش المغاربة الذين يوجدون رهن الاعتقال والحجز لدى عناصر قوات سوريا الديمقراطية والفارين منهم، إلى أكبر تحد يواجه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لدى الحكومات المغربية والأوروبية التي خرج منها بعض الجهاديين المغاربة.

هؤلاء المقاتلون يعتبرون « قنبلة موقوتة » تهدد المغرب، لا سيما تهديد قوات سوريا الديمقراطية بإطلاق سراحهم، في حالة استمر المغرب والدول الأوروبية التي خرجوا منها في رفض تسلمهم، كما يُطرح، كذلك، تحد مراقبة الفارين، خوفا من عودتهم إلى أوروبا والتسلل إلى المغرب.

والأخطر من ذلك أن الدول الأوروبية أصبحت ترمي بالجهاديين الحاملين لجنسيتها، من أصول مغربية إلى المغرب، إذ تعمدت سحب الجنسية منهم للتهرب من التابعات القانونية، مستغلة، كذلك، القانون المغربي الذي لا يسقط الجنسية عن أبنائه الحاملين للجنسية الأوروبية. وخير دليل على ذلك، تأييد محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قرار الحكومة الدنماركية ترحيل المتطرف من أصول مغربية، سعيد منصور، إلى الرباط، نظرا إلى أنه لا يوجد أي تهديد بالتعذيب في المغرب، على عكس ما ذهب إليه دفاعه.  وكان منصور أدين في قضايا مرتبطة بالإرهاب، كما يعتبر أول شخص يطبق عليه قانون نزع الجنسية. سياسة رمي الجهاديين إلى المغرب نهجتها، كذلك، إسبانيا في السنوات الأخيرة بترحيل أكثر من عشرة جهاديين إلى المملكة.

قنبلة الجهاديين

مصادر عليمة كشفت لـ »أخبار اليوم » أنه في اللحظات الأخيرة من القضاء على داعش، تستعد « قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى الترحيل القسري للمئات من الدواعش المغاربة المحتجزين والمعتقلين لديها إلى المملكة »، رغم أن الحكومة المغربية ترفض جملة وتفصيلا استقبالهم. لكن المصادر ذاتها لم تكشف عن الكيفية التي تريد بها قوات سوريا الديمقراطية إجبار المغرب على تسلمه الجهاديين المغاربة أو المتحدرين من أصول مغربية. هذا الإجراء لا يشمل الجهاديين المغاربة فقط، بل كل الأجانب، بحيث تستعد « قسد » إلى ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، من بينهم فرنسيون وألمان (…).

وأوضحت المصادر عينها أنه إلى حدود الساعة تحتجز عناصر « قسد » ما بين 250 و270  امرأة وطفلا من زوجات وأرامل وأطفال الجهاديين المغاربة، علاوة على ما بين 170 و180 جهاديا مغربيا معتقلا لدى « قسد »؛ فيما لا يعرف بالضبط عدد الجهاديين المغاربة الذين سقطوا في سوريا مؤخرا أو منذ 2014.  وأشارت المصادر ذاتها إلى أن منظمة الصليب الأحمر اتصلت بالحكومة المغربية تطلب منها تسلم رعاياها من الجهاديين وأطفالهم المعتقلين والمحتجزين، لكنها رفضت. وأردفت المصادر ذاتها أن المخيمات والمعتقلات التي يقبع فيها المغاربة تعيش ظروفا إنسانية متدهورة بعد توقف المساعدات الدولية.

عبدالرحمان المكاوي، الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، أوضح في اتصال هاتفي مع « أخبار اليوم » أن عدد الجهاديين المغاربة والمزدوجي الجنسية المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية، وفق التقارير الغربية، يصل إلى 135 مقاتلا، مشيرا إلى أن أغلب المغاربة المزدوجي الجنسية خرجوا من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا. وبخصوص المخاطر التي يطرحها هؤلاء الجهاديون على بلدانهم الأصلية، يرى المكاوي أن « الدول فشلت في إيجاد حلول مناسبة وعقلانية لهؤلاء الشباب لضمان حقوقهم، ولو أنهم جهاديون. الفشل يتجسد في عدم القدرة على إيجاد صيغة مناسبة بين حقوق الإنسان والأمن ».

مصادر الجريدة أبرزت أن قوات سوريا الديمقراطية تطرح ثلاثة خيارات أمام الحكومات الأجنبية المعنية بقضية الجهاديين المعتقلين لديها: أولا، الإعادة القسرية لهم إلى بلدانهم الأصلية؛ ثانيا، في حالة فشل الخيار الأول قد تسلمهم إلى السلطات العراقية لمحاكمتهم، بحيث يكون مصيرهم الإعدام؛ الخيار الثالث، في ظل تحفظ أمريكا على الخيار الثاني، هو إعادة نشر المعتقلين في بؤر التوتر التي يتحدرون منها، مثلا، نقل المتحدرين من شمال إفريقيا إلى منطقة الصحراء والساحل، والآسيويين إلى الفلبين، وهكذا دوليك. فيما أكد مصطفى بالي، المتحدث باسم « قسد »، نهاية الأسبوع الماضي أن « عدد المعتقلين الأجانب لديهم عدا العراقيين يبلغ 1300 معتقل »، مؤكدا أنهم طالبوا « دولهم بتسلمهم، لمحاكمتهم لديها، بما أننا في شمال سوريا لا نملك أرضية قانونية معترف بها، لكن لم يتم التجاوب معنا »؛ وطالب الأمم المتحدة بإنشاء محكمة دولية استثنائية لمحاكمتهم، لأنهم لا يتوفرون على منظومة قضائية تسمح بمحاكمتهم.

المغرب يرفض المساومات

 » « قبل خمسة شهور كان عدد المقاتلين الأجانب المسجونين لا يتجاوز 900 جهادي، لكن في الأيام الأخيرة استسلم 300 آخرين »، يكشف أحد ضباط قوات سوريا الديمقراطية لصحيفة « إلباييس »، الذي يقود عملية تحرير آخر بلدة سورية توجد تحت سيطرة داعش في الباغوز شرق الفرات. وتابع أن الجهاديين الـ1200 المعتقلين لديهم يتحدرون من 45 بلدا، من بينهم مغاربة، لكنه لم يحدد أعداد المغاربيين ولا الأوروبيين. أمام عدد النساء المحتجزات لدى « قسد » فيقدرن بـ550 جهادية، فضلا عن 1200 طفل من أبناء الجهاديين، من بينهم مغاربة وفرنسيون وألمان وبريطانيون. وأضاف مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، قائلا: « نناشد الدول الأصلية بأخذ جهادييها، وإذا تعذر ذلك، تأسيس محكمة دولية لمحاكمتهم ».

هذا، ويعتقد عبدالرحمان المكاوي أن « العديد من الدول الأوروبية بدأت تعالج الموضوع بشكل دراماتيكي، إذ توزع أطفال الجهاديين على عائلات مسيحية، فضلا عن محاكمة الزوجة والزوج »، محذرا من كون الحكومات اتبعت « استراتيجية التشتيت ». وفيما يخص موقف المغرب من تسلم جهادييه، أوضح المكاوي أن « المغرب لم يعلن رسميا رفض استقبال أبنائه »، شارحا أن « المغرب لديه مقاربة واضحة: من يعود يتحمل مسؤوليته، إذ يعتقل ويُحاكم وفق قانون الإرهاب ». وتابع أن « المغرب يرفض المساومات لبعض الأطراف المعنية بحجز المغاربة ». مصدر آخر مطلع انتقد سياسة الضغط التي تتبعها قوات سوريا الديمقراطية قائلا: « الجهات المحتجِزة تدعو، مثلا، المغاربة إلى تسلم المقاتلين العاديين، ولكنها  لا تكشف عن مصير القيادات المغربية الكبيرة التي كانت تشغل مناصب كبيرة في داعش. يجب إيضاح الأمور ». وتساءل المصدر ذاته « هل هذه القيادات اختفت أو أعيد نشرها في نزاع آخر ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي