-->

ستيف بانون: الكنيسة تعاني من أزمة وجودية -حوار

01 أبريل 2019 - 10:02

ستيف باون، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السابق، وواحد من الآباء المؤسسين للشعبوية الجديدة، يشرح كيف أن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية تعتبر الوقود الرئيس للشعبويين من أمثال ترامب وبولسونارو في البرازيل. كما يؤكد أن الكنيسة، برئاسة البابا فرنسيس، تعاني من أزمة، لاسيما في علاقاتها الدولية. 

العديد من مسلمات السياسة الجديدة تستدخل (intérioriser) عناصر استبدادية؟

من فضلك! الناس تتحدث عن « نهاية الديمقراطية ». يُقال ذلك لأن أحزاب الوسط المملّة التقليدية لم تستطع الفوز في الانتخابات. ثم إن أزمة الديمقراطية تكمن في أن الذين ألفوا الفوز في الانتخابات لم يعد يتأتى لهم ذلك. في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، صوت 130 مليون شخص في انتخابات تجديد الولاية التشريعية الأولى! واليوم، نحن منقسمون، إنه لأمر رائع. بالنسبة إلي هذه هي الديمقراطية الحقة.

كيف يمكنك محاربة الشعبوية؟

الطريقة الوحيدة لمحاربتها هي أن تتوفر على مخطط أمني واقتصادي تستطيع تنفيذه وتنزيله على الأرض كاملا. لكن أحزاب الوسط تكتفي فقط، بالقول: « نحن الخبراء، وأنتم الأغبياء ». فهم لا يغيرون شيئا، وفي الوقت نفسه يطالبونك بالاستمرار في التصويت عليهم. نحن اليوم، نعيش ثورة كونية للناس العاديين في بولونيا والبرازيل وإسبانيا وإيطاليا.. وكذلك، في اليابان.

ما فهمته من كلامك هو أن هذه الوصفات التي تقدمها تصلح فقط، في المناطق التي فيها أزمة اقتصادية ومشاكل مرتبطة بالهجرة؟

بكل تأكيد أن الأزمة تجلب الشعبوية، ثم إن النخب ليس لديها حلول. لهذا يجب على المنتخب أن ينفذ كل ما وعد به الناخبين، مثل ما يقوم به ترامب. فخلال الحملة الانتخابية تحدثت معه في هذا، وأخبرته أنه إذا لم يلتزم بوعوده، فسيخرج من ولايته خاوي الوفاض. وهو الآن يقوم بما وعد به. أنا رجل السوق، وعندما تصل إلى الحكم عليك أن تفيّ بوعودك. أنظر، مثلا، إلى باولو غيتس، وزير المالية البرازيلي، فأنا لا أتفق معه في العديد من الأمور، لأنه من الليبراليين الجدد المنتمين إلى مدرسة شيكاغو، بينما أنا قومي، لكنه مع ذلك يتوفر على مخطط وينفذه بشكل يومي، إلى درجة أن أسهم البورصة ارتفعت، ما خلق جوا من الحماس.

اهتمامك بإيطاليا يشمل، أيضا، دولة الفاتيكان. دعني أسألك صراحة عن الأزمة التي هزت الفاتيكان.. (يقصد فضيحة البيدوفيليا)

سأكون جد صريح معك إلى أبعد الحدود: القمة التي انعقدت حول البيدوفيليا مبادرة فاشلة، لأن الكنسية الكاثوليكية تعاني في نظري من أزمة وجودية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل 70 في المائة من مصادر تدفقاتها النقدية. هنا (في روما) لا يفهمون أن التصفية المالية للكنسية الأمريكية ستتم في غضون الـ 10 سنوات. هذه أزمة شاملة وستكون لديها تداعيات كثيرة.

إذ منذ انعقاد القمة، اتُهمت ولاية فرجينيا الغربية بالتستر على بيدوفيليين. وفي ولاية نيويورك، تُرفع دعاوى قضائية بهذا الخصوص. وقل الشيء ذاته عن ولاية بنسلفانيا مع هيئة المحلفين الكبرى. ثم إن عملية مصادرة المستشفيات والمدارس ستبدأ لدفع التعويضات والالتزامات. كان من المثير للاشمئزاز أنه في القمة لم يُتَحدَث عن سياسة « صفر تساهل » التي كانت سائدة سابقا. الشفافية؟ هذه هي الأزمة ويجب التعامل معها على هذا النحو. أما عكس ذلك، فسيؤدي لا محالة إلى خسارة الكنيسة.

ما رأيك في الاتفاق الموقع بين دولتي الفاتيكان والصين، والذي يقضي بتجاوز القطيعة القائمة بين الطرفين منذ 1951؟

إنه لأمر فظيع. لقد وقّعوا على اتفاق مع أكبر دولة مستبدة في العالم وملحدة كليا. لقد تخلوا بذلك عن 20 مليون قديس مخلص. هل هو اتفاق سري؟ الشيء الوحيد الذي يقولونه هو أنهم سيختارون بأنفسهم الأساقفة الذين يمثلونهم. كل هذا سينتهي بإعادة ترسيخ العلاقات الدبلوماسية بينهما. وهذا هو السر. وسيأتون على تايوان وباقي المسيحيين.

أنت مقرب من الكاردينال ريموند بيرك، معارض معلن للبابا

أعرف هؤلاء الشباب (يقصد الكاردينال ريموند بيرك والكاردينال والتر براندمولر)، وأُدرك أن أُفق انتظاراتهم من البابا فرنسيس قد خاب. هذا الأخير لازال يردد أن أكبر مشكل يواجه العالم هو القومية والشعبوية، وليس البيدوفيليين أوالمثليين أو الأحزاب الشيوعية. البابا غير معصوم من الخطأ في السياسة الدولية، وما يقوم به أمر فظيع.

هل تعتقد أن ترامب سيستمر في منصبه إلى أن تنتهي ولايته الرئاسية؟

نعم. وفق ما سمعته تم تقديم المستندات إلى المدعي العام روبرت س. مويلر. ونظرًا إلى عدم توفرهم على تفاصيل عن عرقلة عمل العدالة، فإن ترامب سوف ينقلب عليهم ويستخدم تقرير مولر لمهاجمتهم. سوف يحرر نفسه من الأغلال، وسوف يحول هذا التقرير إلى سلاح. الآن سنراه يذهب إلى الحرب. [أجريت المقابلة قبل ساعات قليلة من صدور قرار المدعي العام].

لماذا تهتم كثيرا بروما؟

جئت إليها لمتابعة الانتخابات العامة والمرشح سالفيني (وزير الداخلية حاليا) وحزب رابطة الشمال، قبل أن أصاب بالدهشة. كان هناك حماس هائل لدى شباب يستعملون « فايسبوك ليب » ويقومون بحملة انتخابية مختلفة وراقية. يجب القول إن الأحزاب التقليدية فقدت كل جاذبيتها. هؤلاء الشباب حطموا البراديغم التقيليدي، يسار- يمين. هكذا بعد الانتخابات التقيت سالفيني وطرحت عليه اقتراحا. كنت أعرف أنه كان يريد إشراك تحالف وسط اليمين في الحكومة مع سيلفيو بيرلوسكوني. اجتمعت به خمس ساعات وطرحت عليه بدل إشراك وسط اليمين، ترك الخلافات جانبا والعمل مع حركة النجوم الخمس. تخيل معي، يبدو الأمر كما لو أن ترامب وبيرني ساندرز قد عقدا مثل هكذا اتفاق. إنه شيء ثوري.

هل نصحت ماتيو سالفيني بالتخلي عن حركة النجوم الخمس والتقدم للانتخابات كمستقل؟

هذا يجب أن تقرر فيه الجماهير. لكن الاتفاق الموقع مع الصين، مثلا، أبعده. إنه لخطأ أساسي سقط فيه لويجي دي مايو، زعيم حركة النجوم الخمس ونائب الرئيس الإيطالي. الرجل يسير فوق أرض ملغومة، لأن الصين تمارس الرأسمالية المتوحشة. أستطيع أن أحدد وجهة الرصاص الذي سيلعلع على خلفية هذا الاتفاق. إنهم يقرضونك أموالا لا تستطيع تسديدها، وفي النهاية يستحوذون على كل ممتلكاتك.

كم عدد المرات التي تتحدث فيها مع ماتيو سالفيني؟

لن أكشف لك عن ذلك، لكن كل ما أستطيع قوله هو أنني أتحدث عدة مرات في الأسبوع مع قياديين في حزب عصبة الشمال. لقد استقبلت بعضهم في الولايات المتحدة في الشهور الأخيرة. وأعترف أن لديّ علاقات استثنائية مع سالفيني. أعتقد أن سالفيني وفكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، هما السياسيان المهمان اليوم، في أوروبا.

يبدو أن سالفيني أخذ الكثير من الأفكار من ترامب؟

سالفيني أكثر شعبوية من ترامب… لكن الكل مرتبط بسيادة القرار وكيفية توظيف أسلوبك. أوربان وبولسونارو (رئيس البرازيل) وسالفيني وترامب، تجمعهم قواسم مشتركة، فضلا عن لوبين في فرنسا، رغم أنها لم تصل إلى الحكم.

وهل فقدت حركة النجوم الخمس بريقها؟

لنقول إنها أصبحت أكثر يسارية. أما أنا فرجل يميني ومحافظ كثيرا. لهذا فإني أقرب بكثير من حزب عصبة الشمال. لكن سأدعم كليا أي اتفاق سياسي سيعقد بينهما في المستقبل.

هل تحصل على مقابل مادي على ما تقدمه من استشارات لهؤلاء السياسيين؟

لا أتقاضى ولو دولارا واحدا من أي حكومة أو حزب؛ ثم إنني لست مستشارا سياسيا.

ومداخليك غير مرتبطة بالسياسة؟

لا. لم يسبق أن أخذت فلسا واحدا.

إذن، لماذا تقوم بكل هذه التحركات؟

لأنني حصلت على ما يكفي من الأموال لكي أتمكن من القيام بما أرغب فيه في السنوات العشر المقبلة.

ولد ستيف بانون بمدينة نورفولك بأمريكا سنة 1953. هذا الرجل الذي كان أحد كبار استراتيجيي الرئيس ترامب، قبل أن يغادر البيت الأبيض بسبب خلافاته مع الرئيس، يثير الكثير من التوجس إلى درجة الخوف بسبب تزعمه تيار « الشعبوية الجديدة »، الذي حمل أشخاصا جد عاديين من عالم التجارة والجيش إلى الحكم في أمريكا والبرازيل، والذي انتقل إلى أوروبا، إذ وصل إلى إسبانيا مع حزب « فوكس » الإسباني، الذي يدعو إلى طرد المهاجرين المغاربة وتشييد جدار فاصل بين المغرب وإسبانيا. هذا الرجل المثير للجدل لا يكتفي بمهاجمة النخب والأحزاب السياسية التقليدية، بل حتى البابا فرنسيس، الذي يقوم بزيارة اليوم، وغدا إلى المغرب.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي