-->

الرقابة.. «ما عند المقص ما يدي من دص الحرية»!

10 أبريل 2019 - 06:05

الحرية هي الأصل، بينما تبقى الرقابة قابلة للاختراق والتجاوز.. هذا ما يخلص إليه من تابع أشغال الندوة التفاعلية التي نظمها الهامش القصصي في زاكورة عشية السبت الماضي، وأدارتها الإعلامية فاطمة الإفريقي. هذه الأخيرة اعتبرت أن الأدب قادر على التحايل على الرقيب باستعاراته ومجازاته وباقي صوره البلاغية، بينما تعجز الصحافة على أن تحتال عليه، لأنها تسمي الأشياء بمسمياتها. كما تساءلت عن الرقيب الأكثر سطوة، أهو الرقيب الاجتماعي أم الديني أم السياسي، وعما إذا كان ما يزال قادرا على ممارسة رقابته في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل المنفلتة.

في هذا السياق، أجاب عبدالكريم برسيد، الكاتب المسرحي، أن الرقابة الذاتية تبقى هي أخطر الرقابات، موضحا أن الذات تخاف وتخيف في الآن ذاته. لكنه أكد أن الذين أبدعوا على امتداد التاريخ هم الأحرار الذي يحملون روحا حرة خلاقة تدافع عن الحقيقة والفن والجمال والقيم، إلخ. كما اعتبر أن الحرية تمثل قيمة أساسية، لا قيمة مضافة، بينما وصف الرقيب الغباء، لأنه يقرأ قراءات سطحية غير مجدية، ناعتا بعض الموظفين المكلفين بالرقابة بـ »الصغار اللي كيزيدوا في العلم ». واستشهد على ذلك بحالة منع مسرحيته « ابن الرومي في دور الصفيح » التي منع عرضها سنة 1979 بمدينة الخميسات.

ونبه مصطفى جباري، الناقد والقاص، إلى أن الرقابة الذاتية تعني وجود شيء داخلي ما يحبس دفق الكتابة، موضحا أن الكاتب لا يعي مصدر هذه الرقابة أحيانا. بينما أوضح أن للرقابة السياسية والدينية تجلٍّ داخل المجتمع، مفسرا أنها تفسر كذلك طبيعته. ولتوضيح الفكرة أكثر، تساءل جباري عن سبب انعدام الرقابة في المجتمعات الاسكندينافية مثلا، مجيبا أن هذه المجتمعات صفت حساباتها مع الطابوهات. كما نبه إلى أن المثقف نفسه يصير، في بعض الحالات، درعا من أدرع الرقابة.

ومن جانبه قال الناقد والباحث، محمد عزيز المصباحي، إن داخل كل ذات كاتبة رقيب يمنعها من قول أشياء والتصريح بها كما هي، كما اعتبر أن الإقصاء يمثل نوعا من الرقابة، خاصة ذاك الذي يمارسه أرباب الجرائد والمجلات ودور النشر. وأشار إلى أن الإخوانيات والوساطات تمثل هي الأخرى شكلا من أشكال الرقابة.

أما الكاتب والإعلامي سعيد منتسب، فقد أوضح أنه لا يمكن للكاتب أن يكون حرا، فيما هو يعلم أن الكتابة مؤطرة بأسلاك شائكة يضعها الفقهاء، معتبرا أن الكتابة تصير شبه مستحيلة في مجتمعات محكومة بالانغلاق. وقالت الكاتبة والإعلامية ليلى بارع، إنه لا معنى للرقابة في عصر التكنولوجيا، كما أكدت أن أثر الرقابة الرسمية يهون أمام الرقيب الداخلي، مشيرة إلى أن أقوى معركة ينبغي أن تُخاض ضد هذا الأخير، بينما اعتبرت أن الرقيب الرسمي يمكن التحايل عليه بـ »تعابير حريرية ».

وفي الوقت الذي اعتبرت فيه القاصة سعيدة عفيف أن المرأة تبذل جهدا أكبر، مقارنة بالرجل، للتحايل على أشكال الرقابة، تساءل القاص سعيد ملوكي عما إذا كانت الرقابة الذاتية، هي التي تجعل الكتابة الإبداعية المغربية لا تتجاوز رقعتها الجغرافية المغربية والعربية.

يُشار إلى أن الندوة شهدت مشاركة العديد من الأسماء، الفاعلة في الأدب والتربية والتعليم، بآرائها وأفكارها، حيث سلط البعض الضوء على تجارب شخصية. كما تجدر الإشارة إلى أن نادي « الهامش القصصي » أسدل الستار بهذه الندوة على الدورة الثامنة عشرة لملتقى أحمد بوزفور للقصة القصيرة..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي