-->

غويتيسولو.. عشق الحاكم العربي للكرسي الرئاسي -الحلقة20

26 يوليو 2019 - 22:21

بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.

بعد الذي حدث مع جماعة حسني مبارك (الجريمة والعقاب) وزين العابدين بنعلي وليلي الطرابلسي (جريمة دون عقاب؛ مقايضة التنحي بتقاعد ممتاز)، يتشبث الديكتاتوريون العرب بكراسيهم الرئاسية بقوة أكثر من أي وقت مضى، وبإصرار يجسد المعضلة بين الموت والبقاء على قيد الحياة.. بقاء الدكتاتور وموت الآخر، أي كل من يواجهه ويرفض حكمه.

رغم الجروح وتشوهات الحروق التي تعتلي وجهه، أعلن الرئيس اليمني عبد الله صالح (قتل بعد ذلك على يد الحوثيين) استعادة عافيته قريبا، وأنه سيعود إلى العاصمة صنعاء التي خرج منها محملا في سيارة إسعاف إلى المطار للاستشفاء في السعودية. وفي ليبيا الغارقة في فوضى الحرب دون شفقة ضد المدنيين العزل، يظهر القذافي، بين الفينة والأخرى، في الشاشة لتهديد «الجرذان» من جديد، رغم أنه تخلى في الوقت الراهن عن طريقته الشاذة في اللباس الأكثر إثارة للانتباه. لا بد أن خياطه يعاني مؤقتا البطالة، وينتظر بفارغ الصبر تعليمات جديدة من قائده المتقوقع في مخبئه الفاخر المكيف.

لكن أكثر الدكتاتوريين العرب دموية وتعنتا في الإصرار على التشبث بالكرسي الرئاسي هو الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي يعد خير خلف للوالد (حافظ الأسد) في التعامل الوحشي مع الشعب. كل المدن السورية، الواحدة تلو الأخرى، تُسحق دون رحمة ولا شفقة بمدفعيته ودباباته وجرافاته وسلاحه الجوي، أما مدينة اللاذقية الساحلية، فتُسحق من لدن السفن البحرية، فيما يتكفل القناصة المتمركزون في كل النقاط الاستراتيجية بإتمام مهمة القتل. لا يهم بشار عدد الضحايا. المهم بالنسبة إليه هو إلحاق العقاب المستحق بأولئك الذين ثاروا ضد طغيان عشيرة متوجة على أنقاض الإيديولوجيا العروبية والاشتراكية البعثية.

وخلافا لما وقع في عهد الأسد الأب، الذي سحق بالنار والحديد ثورة حماة سنة 1982 دون أن تنتشر أنباء تلك المذبحة، بسبب الرقابة الشديدة على وسائل الإعلام؛ تنقل الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، على مدار اليوم، التدمير الرهيب لمدن درعة وحماة وحمص ودير الزور واللاذقية وكل المنطقة الحضرية لإدلب. من يصدق بلاغات وكالة الأنباء الرسمية السورية عندما تتحدث عن «خارجين عن القانون وقطاع طرق يضعون المتاريس ويزرعون الرعب في قلوب المواطنين»؟ فالصور التي تصل عبر موقعي التواصل الاجتماعي الفايسبوك وتويتر إلى القناة القطرية الجزيرة، تظهر الآلاف والآلاف من المواطنين، الذين لم يعودوا رعايا، يرددون بسلمية شعارات شبيهة بتلك التي يرفعها ويرددها أشقاؤهم من المحيط إلى الخليج. هل أصبحوا خارجين عن القانون وقطاع طرق، لمجرد أنهم طالبوا برحيل الدكتاتور؟

إن أنصار بشار يطلقون النار الكثيف في جميع الاتجاهات على المواطنين العزل، ويحبسون المئات من الموقوفين في ملعب اللاذقية سيرا على منوال بينوشيه، ولا يترددون في الهجوم على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المساكين، فهل هؤلاء (اللاجئون) متآمرون ومرتزقة أجانب آتوا لإزعاج بقية الناس المسالمين؟

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي