-->

"حدو اللوزي".. ملف يؤرق هيئة الإنصاف والمصالحة ولم يجد طريقه إلى الحل منذ 47 سنة

12 يناير 2020 - 21:00

« الثورة المنسية »، كان هذا هو الاسم الذي أطلق على آخر الثورات المسلحة في المغرب الحديث، والتي قادها آنذاك الجناح الراديكالي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ضد نظام الحسن الثاني.. مضت47 سنة، عن مارس 1973 الشهير، حيث تحولت حواضر، قرى ومداشر المغرب إلى ساحة مطاردة على وقع السلاح الحي واستنفار الأمن والهليوكوبترات التابعة للقوات العمومية، والمواجهات الدموية العنيفة بين القصر ومعارضيه..هذه الأحداث أعقبتها نتائج غيرت مجرى تاريخ المغرب الحديث، ليس فقط على مستوى العمل السياسي بالبلد، أو مصير المعارضين الذي تباين بين القتل والإعدام، الجلوس على كرسي السلطة أو الهروب إلى الدول المجاورة، بل أيضا غيرت خريطة مستقبل أسر المعارضين، بالرغم من محاولة المغرب طي الصفحة وتحقيق مصالحة مع الماضي، في إطار مسلسل بدأ في التسعينيات من السنوات الأخيرة من عهد الملك الحسن الثاني، وتكرس في بداية حكم الملك محمد السادس، في سياق البحث عن تحقيق انفراج سياسي وتحسين صورة المغرب في الخارج، بعد سنوات من الاحتقان التي عرفتها عقود ما بعد الاستقلال.

« أخبار اليوم » تحفر في ملف أحد مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية « حدو اللوزي« ، الذي يعد واحدا من أكبر الملفات العالقة التي لم تجد لها طريقا إلى الحل، بالرغم من عرضه منذ سنوات على هيئة الإنصاف والمصالحة. حدو اللوزي هو واحد من أعيان وأثرياء منطقة كلميمة، الذين قادوا النضال المسلح الذي شهدته المنطقة قبل أن « تستولي الدولة،عندما فر إلى الجزائر، على ممتلكاته وتعتقل أسرته وأطفاله وتسحب شقيقه باسو اللوزي إلى  دهاليزالمصير المجهول »، كما يقول الباحث أحمد ويحمان. ثم يعود الملك الحسن الثاني إلى إصدار عفو في حقه، وتقر الدولة بإعادتها لممتلكات رفيق عبدالرحمان اليوسفي في المنفى والعفو، وهو ما ينفيه أصحاب الحقوق من أبنائه الستة الذين قدموا لـ »أخبار اليوم » وثائق حصرية وخاصة تثبت أحقيتهم في الأراضي والممتلكات والمنقولات، بما فيها شركة المحروقات « زيز« ، والتي لم تعد لهم إلى حدود اليوم، في الوقت الذي قوبل طلبهم باستعادتها من طرف الهيئة الوصية بـ« عدم الاختصاص ».

ما الذي قام به الاتحاد الاشتراكي من أجل قضية حدواللوزي؟

خلال الاشتغال على هذا الملف، حاولت « أخبار اليوم »، الاتصال بمجموعة من مناضلي وقياديي حزب الاتحاد الاشتراكي للاستفسار عن الجهود المبذولة من طرف التنظيم السياسي في ملف أحد مؤسسيه، الذي سبق وكانت الذكرى السنوية الأولى لوفاته محطة مهمة كادت تتسبب في شقالحزب سنة 1998، بعد انقسامه إلى تيارين لإحياء الذكرى الأولى كما يجب، الأول كان برئاسة اليازغي، والثاني بقيادة الفقيه البصري وخالد السفياني، غير أن الردود كانت « باهتة » و« محتشمة ».

وبالرغم من إعلام « أخبار اليوم »، مجموعة من المناضلين ورفاق حدو اللوزي، الذين عايشوا الراحل أو دافعوا عن ملفه وأحقيته باسترجاع ممتلكاته بعد العفو الملكي سنة 1980، بموضوع هذا الملف الذي شرعت الصحيفة في إنجازه، إلا أن البعض فضل الصمت بمبرر عدم معرفتهم بتفاصيل الملف، فيما أخلفتفئة أخرى مواعيدها المسبقة مع الجريدة دون مبرير، مفضلةتجاهل اتصالاتنا المتكررة.

وإذ نستحضر موقف الاتحاديين في ملف حدو اللوزي نعود إلى الماضي القريب، وبالضبط إلى مقال نُشر بجريدة « المحرر«  غشت 1980، وجهه نائب الكاتب الأول للحزب،آنذاك، محمد اليازغي، لوزير الداخلية إدريس البصري، تحت عنوان: « متى يُنصف أخونا اللوزي؟ » تساءل فيه عن مآل ممتلكات المناضل الاتحادي حدو اللوزي، منددا بتعنت الدولة في إرجاعها للمعني وذوي الحقوق.

اليازغي، وفي مقاله الغاضب، كتب وقتها: « الكل يعلم أن أخانا حدو اللوزي، الذي يقطن مدينة كلميمة بإقليم الراشيدية، كان قد رجع إلى وطنه سنة 1980، بعد هجرة اضطرارية للخارج وعلى إثر عفو ملكي سام، أعاد له اعتباره وحقوقه ضمن مجموعة من 24 من المواطنين الذين شملهم العفو، ومنذ 12 سنة، وحدو اللوزي ينتظر إنصافه من طرف الإدارة المغربية، ذلك أن ممتلكاته سبق أن حجزت سنة 1973، وجاء العفو الملكي يوم 20 غشت 1980، ليعيد له حقوقه ومنها التصرف في ممتلكاته، لكن إدارة الأملاك المخزنية لم تعمل لحد اليوم على إنصافه وبقيت تقوم بكراء هذه الأملاك كل سنة متجاهلة العفو الملكي السامي ».

واستنكر القيادي الاتحادي وقتها إلزام إدارة الضرائب حدواللوزي « بأداء ضريبة على تجارة لم يمارسها طيلة فترة غيابه الاضطراري في الخارج، وبسبب الحجز الذي قامت به إدارةالأملاك المخزنية« ، ليختم مقاله متسائلا: « متى تقوم وزارة المالية ووزارة الداخلية، ووزارة العدل بإعطاء مفعول حقيقي للعفو الملكي لغشت 1980، في حق حدو اللوزي وتأمر مصالحها، على المستوى الإقليمي باحترام حقوق المواطن ووضع حد لهذا القمع الذي استمر 12 سنة، رغم النداءات التي رفعها اللوزي إلى الدوائر المسؤولة« .

خفوت وهج الدفاع عن اللوزي، رفيق بنبركة، بعد الاستوزار

أثناء حكومة التناوب تساءل اليازغي وقتها عن الأدوار المنوطةبوزارة المالية والداخلية والعدل في هذا الملف. فقد ترأس الحزب الحكومة لأول مرة في 1998، ووزارتين من أصل ثلاثبالتواتر، بما فيها وزارة المالية لولايتين باستوزار فتح الله ولعلو، ووزارة العدل لثلاث ولايات باستوزار كل من عبدالمجيد بوزوبع، عبدالواحد الراضي، ثم أخيرا بنعبدالقادر، الوزير الحالي،الذي رفض في اتصال بـه الخوض في موضوع ملف اللوزي،مبررا ذلك بكونه « لا يعرف المناضل إلا من خلال الذاكرة المشتركة ».

وعندما استفسرته « أخبار اليوم » حول سبب عدم تبني وزارة العدل طيلة فترة تولي وزراء وقياديين اتحاديين للحقيبة الوزارية، لملف اللوزي قال: « إن هذه القضية ليست في حاجة إلى رأي، بل في حاجة إلى مساطر، وهنا يجب التمييز بين الوزارة والقضاء لأنه مستقل، وأنا لا أعرف مضمون هذا الملف ».

إدريس لشكر يرحب بتبني ملف اللوزي في 2020

من جهته، رحب إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، بفكرة تبني الحزب لملف حدو اللوزي.

وأوضح لشكر، في تصريح لـ »أخبار اليوم »، أنه لا يعرفتفاصيل ملف حدو اللوزي، مضيفا: « كنت أعتقد أن ملف اللوزي من الملفات التي عولجت من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة« .

وأردف المتحدث، الذي أطلعته « أخبار اليوم » على بعض تفاصيل الملف: « صحيح أن هناك ملفات لم يقع تسويتها، ولكن أنا لم يُعرض عليّ ملف اللوزي في الحزب أبدا. فعلا توصلتبملفات لحالات من المنطقة عينها لم يتم إنصافها، ولكن عائلة المناضل الاتحادي السابق حدو اللوزي لم تتواصل معي ولم تعرض عليّ ملفها أبدا، كما أنها لم تدق أبدا باب الاتحاد الاشتراكي، لذلك لم نقم بأي إجراء بهذا الخصوص« .

وختم الكاتب الأول اتصاله مرحِّبا بالعائلة لعرض الملف على الحزب.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي