حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل 

31 مارس 2015 - 20:45

«في الحرب تصبح الحقيقة ثمينة إلى درجة أنها تحاط بحراسة مشددة من الكذب»، هكذا علق ونستون تشرتشل، وقد كان سياسيا قاد جيش بريطانيا نحو نصر كبير على هتلر في الحرب العالمية الثانية، أي أنه كان يعرف الحرب والسياسة معا.

هنري لويس قال ما هو أفظع عن الحرب.. قال: «الحرب تخلف للبلاد ثلاثة جيوش؛ جيش القتلى، وجيش المعاقين، وجيش اللصوص». جورج بوش كان الأسوأ في الكذب أثناء الحرب. عندما جهز كتائبه لغزو العراق دون إذن من أحد قال للصحافيين: «إن كل الاستعدادات التي ترونها للحرب على صدام حسين ما هي إلا جهود لتحقيق السلام». ضحك الجميع من هذا القول لكن العراقيين بكوا ومازالوا يبكون إلى الآن…

محاربة الظلم أهم من قتل الناس، ومحاربة الفقر أهم من محاربة الإرهاب، والمنتصر لا ينتصر مادام المغلوب لا يعترف بهزيمته.

ها هم العرب يركبون الطائرات الحربية لكن في اتجاه صنعاء وليس في اتجاه تل أبيب، يا لها من مفارقة.. في الأربعين سنة الأخيرة لم يقاتل العرب في حرب ضروس سوى إيران (8 سنوات والسعودية ومصر والخليج والمغرب والأردن تساند صدام حسين في حربه ضد إيران، وهي حرب كلفت السعودية لوحدها 200 مليار دولار)، وها هي الأيدي على الزناد مرة أخرى، والعدو دائماً هو إيران وليس إسرائيل وليس أمريكا وليس أوروبا. لم تخلق الحرب الحديثة في المنطقة إلا لتكون حربا بين المسلمين، العرب ضد الفرس، السنة ضد الشيعة، وهذه المرة فوق الأرض اليمنية، وكأن اليمن خرج من القرون الوسطى حتى يأتي من يرجعه إليها على ظهر الدمار والخراب والموت…

لا يوجد عاقل في العالم يؤيد الحرب مهما كانت مبرراتها، فما بالك وهي حرب خارج القانون الدولي الذي لا يسمح لأي دولة بالهجوم على دولة أخرى إلا في حالة واحدة، الدفاع عن النفس ورد العدوان، لهذا وقف العالم في وجه بوش عندما ذهب إلى الحرب على العراق دون إذن من مجلس الأمن، ولهذا فشل في الحرب والسلم معا…

من يصدق أن السعودية تحارب من أجل الشرعية في اليمن، ومن أجل إعادة الرئيس الشرعي إلى كرسي الحكم في صنعاء؟ الرياض أصلا لا تؤمن بشيء اسمه الشرعية السياسية أو الدستورية، ونظام الحكم فيها نظام يعود إلى القرون الوسطى، حيث الغالب يقهر المغلوب، إلى أن يأتي من هو أقوى منه فيجلس محله. هذا لا يعني أن طهران تدعم الحوثيين لأنهم ليبراليون سيقيمون دولة الحق والقانون في صنعاء. أبدا، الحوثي أكثر تخلفا من خصومه، وعلي عبد الله صالح هو رأس الفتنة في كل هذه الفوضى غير الخلاقة، لكن الحرب ليست هي الحل، والتجييش الطائفي ليس هو الحل، والقنابل من السماء ليست حلا، وتدمير اليمن ليس حلا… 

الحوثي فصيل متخلف من زمن مضى لهذا وقع في مصيدة علي عبد الله صالح الذي حاربه لعقود، ثم رجع ووظفه في حرب أكبر منه. أنصار الله بلعوا طعم إيران، وتصوروا أنهم أصبحوا قوة عظمى، وأنهم سيبلعون اليمن وهم لا يشكلون سوى 4٪ من سكانه، وأنهم سيزرعون شوكة إيرانية في الخاصرة السعودية، فجروا المنطقة إلى أتون الحرب التي ستأتي على الأخضر واليابس، إن بقي أخضر في اليمن غير القات الذي يخدر عقول اليمنيين منذ عقود… 

من يصدق أن السيسي الذي سحق شرعية محمد مرسي بحذائه العسكري في القاهرة سيدافع عن شرعية عبد ربه منصور هادي في اليمن؟ إنها حرب لا أبطال فيها ولا مجد، وبفضلها ما عاد الإنسان قادرا على أن يتخذ موقفا مع هذا أو ضد ذاك…

أيها السادة، هذه حرب بين أنظمة عربية قادمة من أيام الجاهلية، وليست حربا بين الشعوب. هذه حرب أطماع وليست حرب مبادئ. هذه حرب نفوذ وليست حرب مذاهب. هذه حرب أنظمة غير ديمقراطية لا تعرف كيف تتحاور وتتفاوض وتتنازل لبعضها البعض لإنقاذ حياة البشر، لهذا لا تقفوا مع أحد فيها، ولا تؤيدوا هذا ضد ذاك، ولا تعتبروا أن الحرب حربكم، فليس لكم فيها ناقة ولا جمل…

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

adam nasr منذ 9 سنوات

OK!nous sommes dans une monde(dalime wa mounafike)

مغربي على قد الحال منذ 9 سنوات

"هذه حرب بين أنظمة عربية قادمة من أيام الجاهلية، وليست حربا بين الشعوب" صدقت استاذي ولو ان السؤال العتيد يطل برأسه: من اين اتت هذه الانظمة انها من ذات الشعوب التي تعشق الخرافة والحضيض حتى من ولد منها بارض الغربة يشب ليعود لداعش ويموت في نعيم الحضيض

M.KACEMI منذ 9 سنوات

Dans les relations entre états, les intérêts exigent la solidarité. On ne donne rien pour rien, et c'est normal

متتبع مغربي منذ 9 سنوات

مع كامل الإحترام و التقدير لصاحب المقال، هذه الحرب ضرورية و قد أجبر عليها العرب ولم يسعوا هم إليها.فمن الواضح جدا لكل المتتبعين أن الحوثيين المتأرينين (من إيران) لم يدعوا للسلم و لا للتفاوض مجالا.إن وحدة الصف و الجهود العربية المشتركة ـ ولو جزئياـ لا يمكن أن تكون على باطل وهي تتعبأ لدرء خطر الإرهاب و المد الشيعي الإيراني المتشدد، بل ندعو إلى المزيد من التلاحم و التوحد. الخطر الإيراني الفارسي المتشدد لهو يضاهي الخطر الصهيوني بل يمكن أن يفوقه، فهو الخطر الإرهابي الحاقد المغلف باسم الإسلام و الإسلام منه براء... المغرب و هو يساهم في هذه الحملة يدرك تماما أنه يدافع على أمنه القومي، سيما و أن الخطر قريب من السعودية و من يقول السعودية و أمنها فيقصد بالضرورة أمن و سلامة المغرب و العالم العربي و الإسلامي بأكمله..

ilovebled منذ 9 سنوات

قال الشاعر عمرو بن معدي عن الحرب: الحرب اول ما تكون فتية *** تسعي بزينتها لكل جهول حتي اذا ما استعرت وشب ضرامها ** عادت عجوزا غير ذات خليل شمطاء جزت راسها وتنكرت ** مكروهة للشم والتقبيل

woumki aziz منذ 9 سنوات

L'objectif de cette guerre est d'enterrer la cause palestinienne. La preuve est que la derniére reunion de la ligue arabe n'a traité que la situation au yemen et la constitution d'une armée arabe commune

omar منذ 9 سنوات

إياك أعني يامغرب

عنتر المغربي منذ 9 سنوات

مقال في الصميم

soufiane منذ 9 سنوات

Nahno na3lamo ana israel 3adowato ahli kitab ama l3adowo lha9i9iy howa man ykhtabie fi dinina wa imanina fi sonati rasolina wa in kontom madlomona fi l yaman fahiya bilado l3ab wa antom fors kadalika fikroka chi3y lihda yajibo 3alayka an t3ich bi damirik wa laysa bi afkar wahmiya la ososa minha ismi soufiane sawfa t9rae ismi satofakiro fi mo3awiya

erfoud منذ 9 سنوات

تحية كبيرة للأخ توفيق، وفقك الله.. مقال رائع وتحليل منطقي ومعقول بلغة بسيطة وسلسة يفهمها البادي والمتمكن... شكرا جزيلا

متابع منذ 9 سنوات

النظام الذي لم يذكر في هذا المقال هو النظام الايراني البغيض الذي استقدم ارتالا من المتعصبين والاميين الى سوريا والعراق واليمن وجنس عددا من القبائل وشيعها لتصدير نظام ولاية الفقيه المتخلفة وتحقيق نظرية قم في انتظار قدوم غودو المختفي في السرداب، هذا النظام الذي شكل فيلقا للقدس وأرسله الى حلب وتكريت، ان النظام الصفوي الايراني الساعي للهيمنة وتصدير ثورته لا يختلف نهائيا عن الصهاينة ان لم ين أسوأ منه فمجازره في سوريا والعراق واليمن، وانتهاكات عصابات قاسم سليماني في تكريت وضد الاحواز لا زالت شاهدة على بشاعة هذا النظام وضرورة وقفه بالقوة عند حده قبل استفحال خطره واحاطته بالخليج احاطة السوار بالمعصم،

amin docteur منذ 9 سنوات

Bravo tofik bouachrin

متتبع.الناضور منذ 9 سنوات

انها حرب التشويش.والترويع.ولفت اﻻنضار...اران منشغلة بملفها النووي واسراءيل تحكم القبقضة على فلسطين وتهويد القدس بات مسءلة شهور ﻻاكثر وتركيع الغزويين اﻻبطال...معكة الشرق اﻻوسط كل اراد ان يجني منها تماره... ولكن الشعوب المقهورة في اليمن و العراق وسوريا لن تنسى لاصحاب العمامات ما يفعلونه لمستقبل بلدانهم وستندم السعودية وقطر واﻻمارات... ونرجوا ان المغرب يفطن وينسحب مرفوع الرءس بدون ان يتورط كتيرا.ﻻنه معروف عليه ببلد السلم والبعثات الطبية ...والحفاض غلى السلم في جميع انحاء المعمور. وان ﻻبد من الحرب فاسترجاع فلسطين اولى

التالي